لبنان بؤرة للاكتئاب… والأعداد إلى إرتفاع!

راما الجراح

تردي الأوضاع المعيشية في لبنان إلى أقصى حد، واشتداد الأزمة الاقتصادية لدرجة لم تعد تُطاق، وإنهيار الليرة إلى أدنى مستوياتها في تاريخ البلد مقابل الدولار، جميعها بحسب غالبية الخبراء في مجال علم النفس دوافع للوصول إلى حالة من القلق والاكتئاب، فكيف إذا تبين أن الهواء الملوث يزيد من هذه الحالات، ولا يخفى على أحد نسب التلوث المرتفعة على الأصعدة كافة؟

فقد كشفت دراسة أن التعرض للهواء ذي المستويات المنخفضة من الجودة يمكن أن يسبب الاكتئاب والقلق. وتتبع الباحثون من جامعتي أوكسفورد وبكين و”إمبريال كوليدج” لندن في مجلة “الجمعية الطبية الأميركية للطب النفسي” حالات الاكتئاب والقلق لدى ما يقرب من نصف مليون شخص بالغ في المملكة المتحدة على مدى ١١ عاماً، ووجدوا أنه كلما زاد تلوث الهواء زادت حالات الاكتئاب والقلق، وأن أولئك الذين يعيشون في مناطق ذات تلوث أعلى كانوا أكثر عرضة للاصابة بالنوبات حتى عندما تكون جودة الهواء ضمن الحدود الرسمية. وتقدم هذه الدراسة مزيداً من الأدلة على التأثيرات المحتملة لتلوث الهواء على الدماغ.

لمقارنة ما جاء في هذه الدراسة العلمية، والأوضاع التي تخيّم على لبنان، والمحيط الذي نعيش فيه، كان حديث لموقع “لبنان الكبير” مع المعالجة النفسية والخبيرة المحلفة في المحاكم اللبنانية غادة الهواري، التي أشارت الى أن “الأطفال في مناطقنا المحرومة، من الطبقات الاجتماعية الفقيرة والتي ازدادت في الآونة الأخيرة، والذين لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة، هم أكثر عرضة للتأثيرات النفسية الناجمة عن التلوث، وخصوصاً اضطرابات القلق والأفكار الانتحارية. فقد كشفت دراسة بريطانية عن أن المراهقين الذين يعيشون في المدن يزيد لديهم إحتمال الاصابة بالذهان في مرحلة البلوغ بمعدل الضعف تقريباً مقارنة مع أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية، ويرتبطون بالتعرض لكمية أكبر من ثاني أوكسيد النيتروجين، ومن هنا ارتباط التعرض للتلوث بالاكتئاب”.

وأوضحت أن “مرضى الاكتئاب بحاجة ماسة الى مناطق خالية من التلوث السمعي، البصري، وحتى الهوائي، ومن المهم وجودهم في بيئة نظيفة، لأن هذا المرض كما يعلم الجميع نسبته الأكثر انتشاراً في العالم. وعادة قبل أن نبدأ بعلاج مريض الاكتئاب، وفي أي خطوة معه، نطلب منه وننصحه بالمشي في الطبيعة، والقيام بتمرين التنفس الذي يهدئ من أعصابه، وبالطبع إذا كانت البيئة من حوله ملوثه فسيتسبب الموضوع بانعكاسات سلبية عليه”.

وفي لبنان، رأت الهواري أن “الخيارات مفتوحة أساساً لأن يصيبنا مرض الاكتئاب، ومن ناحية التلوث نهر الليطاني وحده تسبب تلوثه بارتفاع عداد الاصابات بمرض السرطان بين الناس، وفي كل منزل موجود فيه مريض يحوّل البيئة المحيطه به من الأقارب والأصحاب إلى الاصابة بالقلق والوصول إلى الاكتئاب”، معربة عن أسفها “لأننا نعيش في بيئة ملوثة من الهواء والماء، وتلوث سمعي وبصري وغيرها، ونحن من أكثر المناطق التي يمكن أن تجرى علينا دراسات وأبحاث عن الرابط بين التلوث والاكتئاب، ومن أكثر الشعوب التي أصبحت تتعاطى أدوية مهدئات وأعصاب، ومضادات للاكتئاب”.

وأكدت أنه “طالما ليست هناك إصلاحات قريبة لحل أي من الأزمات المعيشية والاقتصادية يعني أننا أمام إرتفاع في أعداد المصابين بهذا المرض وغيره، وطالما البيئة المحيطة بنا ملوثة، يعني أن طرق العلاج ستكون صعبة وطويلة… حرفياً نحن في جهنم لبنان”.

شارك المقال