طائفة جديدة توحّد الصائمين!

نور فياض
نور فياض

عادة يتحد اللبنانيون عند المصائب والكوارث الطبيعية، ويختلفون في توقيت المناسبات وطبعاً في السياسة، الا أنهم هذه السنة سيتحدون على “الجوع”.

بدأ شهر الصوم لدى الطائفة المسيحية، وفيه يقطع الصائمون اللحم والدجاج ويكون طبقهم الأساس كل ما يتعلق بالحبوب التي أصبح سعرها غير مقبول.

فوفقاً للتقرير الأسبوعي لسلة الأسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة للأسبوع الفائت، توزعت كلفة المواد الأكثر استهلاكاً في هذا الشهر على الشكل التالي: ارتفع سعر العدس سنوياً بنسبة ٦٣% ليصبح الكيلو بـ ٧٩ ألفاً، الفاصوليا ارتفعت سنوياً ٣٨% وبات الكيلو الواحد بـ ٧٩ ألفاً، اما الحمص فتساوت نسبة ارتفاعه سنوياً مع سعره الحالي ١٠٢ ألف، وارتفع سعر اللوبياء سنوياً بنسبة ٤٤% وأصبح الكيلو بـ ٦١ ألفاً، والزيت ارتفع بنسبة ١٠١% سنوياً ليصبح بـ ٤٩٦ الفاً.

صحيح أن شهر الصوم هو لتجديد الروحانية والايمان، لكن الطعام شيء أساس لا غنى عنه، وبعد أن كان الصائم ينوّع مائدته أصبح صومه ينقصه افطار!

وتؤكد احدى المواطنات من الطائفة المسيحية لـ “لبنان الكبير” أن “المائدة قبل الأزمة كانت متنوعة اما اليوم فهي عبارة عن صنف واحد على يومين، اذ لم يعد بامكاننا مع ارتفاع الأسعار والدولار أن نحضر ما نحب، وأصبحنا أمام واقع أجبرنا على الاعتياد عليه فنضطر الى تناول مأكولات لم نكن نشتهيها سابقاً كي لا نخسر صومنا.”

وتقول: “منذ الأزمة الاقتصادية ونحن في حالة دائمة من الصوم و(القطاعة) عن الكثير من الأطعمة، اما اللحوم والدجاج فهي أصلاً لم تعد تدخل بيوتنا منذ زمن بعيد”.

اما جاد، فلا يختلف حديثه كثيراً، ويشير الى أن “أقل وجبة تكلّف ٣٠٠ ألف ليرة يومياً من دون لحمة وبصل الذي أصبح من المجوهرات، وطبعاً هذه الكلفة قابلة للتغيير وفقاً لارتفاع سعر صرف الدولار وتسعير المحال على ذوقها من دون رقابة”.

ويتساءل: “كيف سيمضي الفقير في صومه وهو يجني يومياً ٢٠٠ ألف ليرة؟ كيف سيحضر طعامه، ويدفع القسط المدرسي لأولاده والايجار؟”، لافتاً الى أن “بعض الأهالي وفّر الحبوب قبل الارتفاع الجنوني للدولار ولكن الفارق سيدفع للخضار التي باتت كالسوق السوداء تختلف من منطقة الى أخرى وسعرها جنوني. ويبقى الاتكال على المبادرات أو الاعاشات وعلى المغتربين الذين أصبحوا نعمة في زمن النقمة التي حلت علينا.”

ويضيف: “بعد أن كان اللبناني يتعالى على الحبوب، قدر له أن يتناولها في أكثر الأحيان، اما الفقير فقدره أن ينام جائعاً في الأيام المباركة من دون أن يلتفت اليه أحد، و(على كل ضرس لون) مقولة غابت عن اللبناني ليس في الصوم الأربعيني وحسب، انما على مدار السنة.”

اذاً، حالة اللبناني كمثل بيت الشعر: “أيّامـه مثل شهـر الصوم خالية مـن الطعام وفيها الجوع والعطش.”

قبل انتهاء الصوم لدى الطائفة المسيحية، يأتي شهر رمضان المبارك لدى المسلمين لتشاء الصدف أن يجتمعوا في بلد متعدد الطوائف ويتحدوا على طائفة جديدة اسمها “الجوع”، ولكن الصوم ليس صوم البطن والفم، فهل سيصوم الساسة عن اللعب بحياة المواطن، ويصوم المحتكر عن التلاعب بالاسعار، ليقبل صيامهم ولا يكون باطلاً؟

وكما قال الانجيل المقدس: “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً”.

شارك المقال