انخفاض الزواج والانجاب يحوّل لبنان الى مجتمع هَرِم!

راما الجراح

الأزمة الإقتصادية في لبنان لم تترك شيئاً إلا وقلبته رأساً على عقب، دخلت من ثقب أبواب منازلنا، أثّرت على معيشتنا، فرص عملنا، رواتبنا، وحتى علاقاتنا الأسرية بدأت تنهار بفعل كل هذه الصعوبات، وصدق الرئيس السابق ميشال عون لأول مرة في تاريخه حين قال إننا ذاهبون إلى جهنم. فتغير تركيبة المجتمع اللبناني من خلال إنخفاض نسبتي الزواج والانجاب قد يهدد الحياة الاجتماعية في لبنان فيتحول إلى مجتمع هرم.

وغرّد مدير مركز “الدولية للمعلومات” جواد عدرا على حسابه عبر “تويتر” كاشفاً أن “معدّلات الزواج تراجعت بين ٢٠١٨ و٢٠٢٢ بنسبة ١٨٪، ما أدّى أيضاً إلى تراجع طفيف في معدّلات الطلاق، وكل ذلك أدّى إلى تراجع كبير في الولادات وصل إلى نحو٣٢٪”. إذاً معاملات الزواج توقفت جزئياً لأنّ اليأس أصاب معظم الأشخاص جراء الأوضاع المعيشية السائرة نحو التدهور المريع.

“الأسباب الاقتصادية، صغر السن، عدم الوعي في الزواج والمسؤوليات، وما تزرعه السوشيال ميديا عند الشباب عن الحب والعلاقة الزوجية، وغيرها من الأسباب، تؤدي إلى فشل العلاقات الزوجية” بحسب المتخصصة في علم الاجتماع أماني حمدان التي اعتبرت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “البنت اليوم تنظر إلى السيارة، المنزل، الترفيه قبل أي مسؤولية في الزواج وهذا غير متوافر عند غالبية الشباب، ما يؤثر طبعاً على تراجع معدلات الزواج بصورة كبيرة، فالوضع الصعب الذي نعيشه يُصعّب الطريق على الطرفين، وخصوصاً أن مجال عمل المرأة أصبح أساساً ولعب دوراً كبيراً في الزواج وحتى الانجاب”.

وعزت حمدان تراجع معدلات الانجاب الى تراجع الاقبال على الزواج، مؤكدة أن “مسألة الولادات تعتبر أسياسات مرسومة داخل العائلة الواحدة، والصعوبات التي نعيشها اليوم تقف عائقاً أمام هذا الموضوع، وأصبح الولد الواحد داخل العائلة يشكل عبئاً كبيراً على رب الأسرة خصوصاً لتأمين حاجات الطفل أولاً ومتطلباته، إضافة إلى الطبابة والاستشفاء وغيرها. ويمكن أن ننظر أيضاً إلى متطلبات الطفل الذي أصبح يستخدم التلفون أو جهاز الآيباد في صغره”.

وأجمع بعض الشباب والشابات بعد استفتاء لموقع “لبنان الكبير” طال شريحة منهم بين عمر ٢٤ و٣٥ سنة، على أن آخر ما يفكرون فيه اليوم هو الاقدام على الزواج، لأن الهدف الأساس هو تيسير طريق الخروج من لبنان حيث الوضع ميؤوس منه، والانهيار الحاصل دمّر حياتهم، وليس باستطاعتهم دفع ايجار منازلهم فكيف سيتحملون مسؤولية عائلة في هذا الوضع؟

وعن تراجع معدلات الانجاب، اعتبروا أن من يفكر في الانجاب اليوم مجنون، وكأنه يحكم على الطفل بالموت البطيء منذ لحظة ولادته بعد رفع الدعم عن الحليب وهذا في حال وُجد أساساً، وأي شخص يفكر في الموضوع “يروح يكفي حاله قبل ما يكبر عيلته”!

تتعدد أسباب تراجع معدلات الزواج بين الشباب اللبناني، لكن تبقى الأوضاع الاقتصادية المسبب الأول والرئيس لهذه الظاهرة وخصوصاً مع انعدام الأمل في تحسن الأوضاع في القريب العاجل، وعليه لا يكون الشاب مضطراً الى القيام بهذه الخطوة والدخول في دوامة التكاليف التي لا يقوى على تسديدها.

شارك المقال