المرأة الرائدة… لا تنصفها الدولة

نور فياض
نور فياض

صحيح أننا نمرّ بضائقة اقتصادية لا نعرف كيفية الخروج منها وذلك بسبب اهمال الدولة في ايجاد الحلول المناسبة، والذي لم يقتصر على الأزمات التي يعاني منها كل الشعب وحسب، بل تعداه الى التقصير تجاه المرأة إن كان في ما يخص مبدأ المساواة، أو اعطاء الجنسية لأولادها… وغير ذلك من الأمور.

وعلى الرغم من ذلك، استطاعت المرأة الانخراط في مجالات عدة اجتماعية وسياسية، وأثبتت أنها قادرة على أن تبرع أينما حلّت.

تغيّرت المجتمعات تكنولوجياً، وباتت مواكبة لكل ما هو حديث، انما بقيت العقلية الذكورية ثابتة في البعض منها، أي أنها لا تزال تحت تأثير “ما يحق للرجل لا يحق للمرأة”.

في الاطار، استطاعت المرأة اللبنانية أن تكسر القيود وتحلّق في ميدان عملها متحدية نظرة المجتمع لها، ومنهن الشابة المهندسة جوزيفين زبليطة، ابنة الثمانية والعشرين عاماً، التي تعمل في مجال هندسة الميكانيك، وتقول لـ”لبنان الكبير”: “نعيش اليوم رابع ثورة صناعية، وفيها نستغني عن الأوراق ونستبدلها بالديجيتال (تحول رقمي)، اضافة الى أنها طوّرت التكنولوجيا وبالتالي بدل استعمال الأدوات التقليدية، نستعمل الأدوات الرقمية لفحص السيارة، وتيمناً بهذه الثورة سميت شركتي Work shop 4.0، التي أستعمل فيها أحدث طرق التشخيص والماكينات.”

وتأسف زبليطة “لأننا وصلنا الى القرن الـ ٢١، والمرأة تمارس العديد من أنواع العمل، ولكن لا يزال البعض يقول: طبيعة هذا العمل للرجل فلماذا تمارسينه؟ وهذا ما يجب وقفه. فأبرز رجال الأعمال هم مصممو أزياء، ومصففو شعر، وخبراء تجميل للنساء، وكما أننا لا نسألهم لماذا يمارسون هذه المهنة، بالتالي من غير المفروض أن نسأل المرأة: لماذا تمارسين هذا العمل، وما دخلك به؟”.

وعن الصعوبات التي تواجهها المرأة في مثل هذا النوع من العمل، تشير زبليطة الى أن “الصعوبات لا تكمن في سبب جنسي، بل في كل من يريد استعمال قوة جسدية وفكرية، وما يزيد الصعوبة على المرأة هو عدم توافر المعدات المجهزة لتستخدم بسهولة، ولكن مع التطور التكنولوجي نحن قادرون على الافادة منه وتقريب وجهة النظر في مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة”.

وتشدد على أن التكنولوجيا عامل أساس لتحقيق المساواة والتطور، موضحة أنها ليست مضطرة الى حمل مولّد بقوة جسدية في حين بالامكان وجود معدات خاصة متطورة. وتلفت الى “صعوبة ادخال فكرة العلم على هذا المجال، فسابقاً كان من يمارس هذا المجال أصحاب الخبرة والالمام، اما اليوم فأسعى الى أن أدخل في شركتي العلم والتطور التكنولوجي.”

وتوجه رسالة الى المرأة عبر “لبنان الكبير”، بالقول: “كل امرأة تفعل ما يحلو لها، خصوصاً اذا كانت تتمتع بالعلم والاصرار وقواعد العمل. ونتمنى ألا يكون عيد المرأة فقط لنضيء على انجازاتها، بل أن نلتفت اليها في عيد العمال وكل يوم وفي كل انجاز تحققه، واليوم الذي يصبح فيه عمل المرأة طبيعياً، لا نعود بحاجة للفت النظر الى اللامساواة أو الى التفريق بين المرأة والرجل.”

المرأة هي مصدر التطور لأي مجتمع، ومن غير نساء متمكنات يصعب إصلاح المجتمعات، فهن نصف المجتمع ومربيات الأجيال. وقد أثبتت المرأة عبر التاريخ دورها البارز والفاعل في قيادة التغيير وصنع القرار. وفي لبنان نماذج عدة تبيّن مدى صحة هذا التعبير، ولكنها حتى اليوم لا تزال مقيّدة بكلام الناس ومهمشة في بعض حقوقها من الدولة، التي لا تفوّت مناسبة لاطلاق الكلام الشعبوي، تعبيراً عن اهتمامها بالمرأة، في الوقت الذي لا تقدم لها أبسط حقوقها، والمجتمع لا يرحمها من اللامساواة.

شارك المقال