طيف التوحّد… الكرامة للجميع مهما كان الاختلاف

ليال نصر
ليال نصر

هل تعلمون أن هناك شخصاً لديه طيف التوحد من بين 44 شخصاً، وأن نسبة الذكور الذين لديهم هذا الاضطراب تبلغ أربعة أضعاف نسبة الاناث اللواتي لديهن توحّد؟ فما هو طيف التوحد؟ وما هي أعراضه وسلوكياته؟ وكيف يجب التعامل مع الأطفال الذين لديهم اضطراب طيف التوحد من أجل دمجهم في المجتمع؟

تعرّف المنسقة التربوية في “المركز الوطني للتنمية والتأهيل” المربية إيمان بو حمدان في حديث لموقع “لبنان الكبير”، طيف التوحد بـ “الاضطراب العصبي النمائي الذي يحصل في عمر مبكر عند الطفل ويؤثر في قدرته على التواصل والتفاعل مع الآخرين. وهو ليس مرضاً، لذلك لا يمكن الشفاء منه، لكن من خلال العلاجات والمتابعة، يمكن التقليل من أعراضه ومساعدة الطفل على الاندماج في المجتمع”.

ليس هناك شخص محدد يصاب باضطراب طيف التوحد ولم تثبت الدراسات وجود سبب واضح للاصابة بهذا الاضطراب.

أما الفرضيات التي تطرحها هذه الدراسات كأسباب فهي:

1- خلل عضوي في وظائف المخ.

2- اختلالات بيولوجية مرتبطة بالجهاز العصبي.

3- الأسباب الجينية الوراثية.

4- الأسباب البيئية ذات التأثيرات البيولوجية/ النفسية على الأجنة والمواليد والرضع.

5- الأسباب المرضية: كالحصبة الألمانية أثناء الحمل والولادة ومتلازمة الصبغي.

6- أساليب المعاملة الوالدية الخاطئة.

7- أسباب أخرى غير محددة.

 سمات الطفل التوحدي وأعراضه:

  • اضطرابات الكلام والنطق أو عدم الكلام مطلقاً، وإذا ما تكلم فكلامه غير مفهوم وسيتصرف كأنه أصم.

  • عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية وصعوبة التواصل والتفاعل مع الآخرين.

  • يرفض الملاطفة والمداعبة مع المحيطين به ولا يحب العناق حتى مع والديه.

  • لا يطلب الاهتمام ولا يبتسم للناس واذا ما ابتسم فيبتسم لأشياء فقط مع فتور في المشاعر.

  • ضحك وقهقهة من غير مناسبة ومن دون سبب وأحياناً بكاء من دون سبب.

  • يظهر على ملامحه الحزن من دون أن يشعر هو بذلك.

سلوكيات طفل التوحد:

  • سلوك نمطي يتصف بالتكرار وخصوصاً في اللعب من دون أدوات مع تحريك الجسم بصورة معينة من دون توقف أو شعور بالعياء والملل، إضافة إلى تدوير الأجسام واللعب بها مع الاطالة خلال اللعب الفردي.

  • اضطراب النمو العقلي في بعض المجالات وظهور تفوق ملحوظ أحياناً في مجالات أخرى.

  • كما يلاحظ أحياناً امتلاكه مهارات عالية مثل إجادة عمليات فك الأجهزة وتركيبها بسرعة.

  • مهارة في استخدام النقال والآيباد.

  • كثرة الحركة من دون هدف والميل الى الجمود والعزلة.

  • عدم تقدير المخاطر وعدم الاحساس بالألم.

  • الثورة والانفعال المفاجئ وخصوصاً عند التدخل في شؤونه.

  • يقاوم تغيير الروتين ويقاوم التعليم.

  • ضعف التركيز وقلة الانتباه والميل الى التواصل مع الذات.

  • قصور كيفي في قدرات التفاعل الاجتماعي كعدم القدرة على تلقي العيوب أو تعابير الوجه والفشل في تكوين علاقات مع غيره من الأطفال في العمر نفسه.

  • النمطية والتكرار في استخدام اللغة.

  • العجز في مهارات الاتمام المشترك مثل:

أ- النظرة المشتركة، أو تتبع حركة العين.

ب- الافتقار الى استخدام الايماءات الاجتماعية مثل عرض وتلويح الرأس أو الإيماء به.

ج- بعضهم يسحب يد الآخرين أو يدفعها أو يمسك بها للحصول على الأشياء التي يريدها من دون مكون اجتماعي.

أفضل الطرق لتشخيص طفل اضطراب طيف التوحد هو من فريق مختص (طبيب الأطفال، طبيب الأعصاب، المعالج النفسي ومعالج النطق والمعالج الانشغالي). ويحتاج أطفال التوحد إلى متابعة علاجية مثل العلاج الانشغالي أو النفسي حركي والنطق والمتابعة النفسية، كما يحتاجون إلى برامج متخصصة لتطوير قدراتهم. ويجب استخدام التواصل البصري واللفظي معهم وعدم تعريضهم لشاشة التلفون والتلفزيون.

في الماضي كان هناك فرق بين أنواع التوحد من اسبرجر إلى ريت والتوحد الكلاسيكي وغيرها، ولكن الدراسات الجديدة ركزت على تسمية اضطراب طيف التوحد للاشارة إلى وجود مجموعة متعددة من الأعراض والعلامات على مستويات مختلفة من الشدة.

أهمية الدمج الاجتماعي

تشير الأكاديمية في التصميم الجامع والباحثة في مجال الاعاقة والدمج في مركز الدراسات اللبنانية د. عتاب شعيب في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أهمية نشر التوعية عن حق الأشخاص ذوي التوحد بالاندماج التام في المجتمع وخصوصاً بعد أن صادق لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة. فالدمج الاجتماعي هو حق لجميع الأشخاص ذوي التوحد وخصوصاً حق التعلم. وعلى الرغم من أن التوحد عدة أطياف ودرجات بحيث لا يستطيع البعض منهم التواصل شفهياً، غير أنه يمكن للبعض الآخر التحدث والتواصل شفهياً والتعلم. لذلك، حق التعلم وحق تأمين خدمات دامجة للأشخاص الذين لديهم توحد هما من لبّ الحقوق وأساسياتها في الاتفاقية الدولية. وعليه، يجب على الدولة اللبنانية تخصيص موازنة عامة لتغطية كلفة إدماج الأشخاص ذوي التوحد في المؤسسات التعليمية العامة ولا سيما أن الكلفة تتجاوز 18 ألف دولار للفرد.

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، خسر لبنان العديد من الاختصاصيين في طيف التوحد ومنهم مختصون بعلاج النطق أو تحليل السلوك التطبيقي. كذلك، قلَّ عدد “معلمي الظل” ويقصد بمعلم الظل “مساعد تعليمي” فردي أو “مساعد الدعم التعليمي” وهو شخص يقدم خدماته إلى مدرسة الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم وإلى أسرته، وهؤلاء المعلمون ارتفعت تكلفتهم كثيراً.

لذلك، توضح شعيب أنه “على الرغم من أننا أصبحنا نشهد مؤخراً زيادة في حملات التوعية عن طيف التوحد في لبنان وهو شيء إيجابي، غير أنه يهمنا أن تتحول كل هذه الحملات إلى تطبيقات في الواقع من خلال تحسين جودة التعليم والمناهج التعلمية الدامجة والتي يمكنها أن تتيح للجميع بمن فيهم الأشخاص ذوي التوحد القادرين على إكمال تعلمهم التمتع بنظام تعلمي دامج يلبي احتياجاتهم”.

كيف يندمج أطفال طيف التوحد في المدارس؟

تقول بو حمدان: “إن حدة اضطراب التوحد تختلف من طفل الى آخر، لهذا هناك أطفال بحاجة الى مراكز متخصصة تعنى بذوي الاعاقة وآخرون قادرون على الدمج في مدارس دامجة، ويجب التنسيق الدائم بين الأهل والمدرسة أو الأهل والمركز واتباع خطة موحدة وواضحة من أجل العمل على تطوير قدرات هؤلاء الاطفال”.

إذاً، يستطيع العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد الالتحاق بالتعليم وبمراحله المختلفة، ويعتمد ذلك على عدة جوانب تشمل القدرات الإدراكية واللغوية لدى الطفل، وشدة الأعراض السلوكية، والمهارات الاجتماعية، فيمكن للطفل أن يكون في مدرسة عامة وفي فصول عامة، ويكون مُدمجاً بالفصل بصورة كاملة، وقد يحتاج بعض الأطفال الى برامج تعليمية وتأهيلية خاصة داخل المدرسة، وتقع المسؤولية هنا على عاتق الدولة اللبنانية لتأمين المدارس الدامجة بكل ما تحتاجه من آليات وأشخاص يوفرون الأساليب المناسبة للدمج وكذلك توفير الطبابة اللازمة لهؤلاء الأشخاص لينالوا حقهم في العيش بكرامة.

شارك المقال