أطفال الجنوب بحلّة جديدة… وإقبال السوري على الشراء أكثر!

نور فياض
نور فياض

تختلف طقوس الاحتفال بعيد الفطر من دولة إلى أخرى، إن كان من حيث الزينة، أو العادات والتقاليد، ولكن تبقى الملابس الجديدة وحلوى العيد هي الطقس الدائم في جميع الدول.

في هذا اليوم، يتزيّن الرجال والنساء والأولاد منذ ساعات الصباح الأولى بأجمل ما عندهم من ثياب ليتباهوا بها أمام أفراد العائلة الذين يزورونهم في صباح كل عيد.

صحيح أن الأزمة الاقتصادية أنهكت حياة المواطن اللبناني، وكل شيء تدولر، الا أن للعيد نكهة خاصة، ولا سيما عيد الفطر، العيد الأول لدى المسلمين.

وتفاوتت نسبة الاقبال على شراء ثياب العيد جنوباً، من منطقة الى أخرى أو حتى من شارع الى آخر ولكنّ الجميع أكد أن حركة الأسواق كبيرة. زحمة سيارات في عز النهار والليل، عجقة أولاد في المحال يصدرون أصوات فرح بالحلة الجديدة، وصراخ الأمهات للمفاصلة، فيما الواجهات زيّنتها أرقام التصفيات.

أما حركة الناس الجوّالين، فتنوعت بين من “يكزدر” بحسرة ويعود الى منزله خاوي الوفاض اذ لا يمكنه شراء شيء وخصوصاً بعد أن استنزفته المصاريف الكثيرة لاحتياجاته الرمضانية، اما البعض الآخر فلا يأبه للأزمة لأن هدفه إسعاد طفله ولو حتى بثياب رخيصة الثمن إن وجدت، والا فلن يبخل عليه بشراء قطعة بسعر غالٍ تصلح لكل السنة ليزرع البسمة على وجهه، في حين أن الأغنياء ليسوا بحاجة الى أن “يعتلوا هم”.

في النبطية، “ما فيك تحط رجليك” بسطات يميناً وشمالاً، ومحال “على مد عينك والنظر”، تشير غالبية أصحابها الى أن “حركة العيد جيدة، ولكنها طبعاً خفّت عن السنوات الفائتة وخصوصاً بعدما انهارت الليرة أمام الدولار وبات التسعير مدولراً. فالمحال لم تخلُ من الأهالي الذين لا يمكنهم أن ينغصوا الفرحة على أولادهم، فيشترون لهم قطعة كاملة فقط على العيد، أما موظفو الدولة أو أصحاب الأجور الضئيلة، فيفضلون شراء كنزة أو بنطلون ليشعرونهم بالتغيير ولو بدرجة خفيفة.”

ويلفتون الى أن “الاقبال يكثر على بسطات السوق الشعبي، التي لا تختلف كثيراً عن المحال في الأسواق، ولكنها باتت مقصداً لموظفي الدولة، فيما المحال الكبرى حكر على من يقبض بالدولار، ولكن كل من يقول ان الازمة ستنغص فرحة العيد، فليأتِ ليلاً الى شوارع الجنوب ليغيّر نظرته.”

وكما ذكرنا فان نسبة الشراء تفاوتت من شارع الى آخر، ففي ضواحي النبطية أكد صاحب محال حوماني لـ “لبنان الكبير” أن “عملية الشراء قلّت عن السنة الفائتة، والمحارجة هي عنوان المرحلة، سابقاً كنا لا نلحق على الزبائن اما اليوم فبينعدوا على الأصابع”، موضحاً أن “السوري يقبل على الشراء أكثر من اللبناني.”

هذه الظاهرة أكدها أيضاً أحد أصحاب المحال في ضواحي صور محمد.س، وقال: “ان اللبناني يشكّل ١٠% فقط من الحركة في الأسواق، اذ أن السوري والفلسطيني اجتاحا المنطقة، فهما يتقاضيان من الجمعيات بالدولار الأميركي ولا مشكلة لديهما في شراء قطعة كاملها أقلها بـ ٣٠ دولاراً”. واعتبر أن “الأزمة الاقتصادية أثّرت على حجم الشراء، فالولد وضع أمام خيارين اما الكنزة أو البنطلون، فيما الحذاء ليس وارداً شراؤه من الأساس.”

على عكس أصحاب المحال في قلب المدينة، الذيين يؤكدون بغالبيتهم أن “حركة العيد بدأت منذ فترة، وتحديداً آخر أسبوع من شهر رمضان، ففي صور نسبة عالية من المغتربين الذين يرسلون المال الى أقاربهم، ومنهم من أتى شخصياً ليعيّد وسط أهله.”

ويوضحون أن “قلة من يكزدرون من دون شراء ولو قطعة واحدة، مع العلم أن الأزمة الاقتصادية جعلت من الثياب قطعة كمالية وليست أساسية لكن على الرغم من ذلك، ومن أن الأسعار بالدولار الأميركي، الا أن ارضاء الأولاد انتصر عليها، فلا ذنب لهم في ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية.”

لم يبخل الجنوب بشعائر رمضان، ولم يبخل اليوم أبناؤه بإدخال السرور الى قلوب أولادهم ولو حتى بثياب ليست “براند”، ربما اعتادوا عليها حين كان الدولار ١٥٠٠ ليرة والتنزيلات تتجاوز الـ٧٠%، وهؤلاء الأطفال وخصوصاً أبناء الذين يتقاضون بالليرة اللبنانية، سرقت منهم طفولتهم بسبب فساد ساسة بلدهم وباتوا في تفكيرهم “أكبر من عمرهم” وهمهم الوحيد اعالة أهلهم.

شارك المقال