امتحانات “تقطيع وقت”… والطلاب دفعوا الثمن الأكبر

حسين زياد منصور

انطلقت امتحانات الثانوية العامة بفروعها كافة، بعد اعتراضات طلابية على اجرائها، انطلاقاً من مبدأ غياب العدالة ووجود فروق تعليمية بين القطاعين العام والخاص، لا سيما الاضراب والاقفال اللذان شهدهما قطاع التعليم الرسمي خلال الأشهر الماضية، وهذه الأصوات المعترضة لم تصدح الآن، بل منذ أسابيع كان هناك تحرك “عفوي” لمجموعة من الطلاب أمام وزارة التربية مطالبين بالغاء الامتحانات لعدم جهوزية عدد كبير من تلامذة المدارس الرسمية. 

لم نتعلم كفاية

وبعد متابعة من “لبنان الكبير” لعدد من الطلاب، يقول س. ب أحد المعترضين على اجراء الامتحانات انه كان في مدرسة رسمية، ولم يتعلموا منها المنهاج كفاية مقارنة بزملائه وأصدقائه في المدارس الخاصة.

ويؤكد أنه لم يكن مستعداً للامتحانات لولا بعض الدروس الخصوصية، وهذا حال زملائه أيضاً، ومنهم من لم يتمكن من الحصول على دروس خصوصية لكلفتها، مشيراً الى أن اعتراضهم انطلاقاً من الفروق بين طلاب الرسمي والخاص، والمشكلة ليست في المدارس الخاصة بل العكس، لأنها أكملت البرنامج والمنهاج لطلابها، في المقابل كان طلاب المدارس الرسمية يواجهون مشكلات الاضراب والاقفال وهو ما أثر على عدد الساعات التعليمية التي حصلوا عليها.

ويلفت الى أنه على الرغم من اعتراضهم على اجراء الامتحانات، الا أنهم لا يمكنهم مقاطعتها، لأن مصالح الطلاب تبقى الأساس.

امتحانات “صورية” من أجل التمويل

تصف رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي نسرين شاهين اجراء الامتحانات الرسمية، بـ “إجراء امتحانات صورية، أكثر من كونها معياراً لأعطاء علامة أو شهادة للطلاب، لأن الشهادة فقدت قيمتها الحقيقية”.

وتؤكد لـ “لبنان الكبير” أن من حق الطلاب اليوم الاعتراض على الامتحانات، وذلك لوجود اختلاف في تحقيق توازن الكفايات بين التدريس في الرسمي والخاص، ووجود فروق بين الرسمي والرسمي أيضاً، لأن هناك مدارس وصل التعليم فيها الى 100 يوم ومدارس أخرى الى 30 يوماً.

وتقول شاهين: “ما أصعب قول وزير التربية ان باب الوزارة مفتوح لاستقبال الشكاوى لمعرفة ما هو الفاقد التعليمي لدى الطلاب وما هي الدروس التي لم يدرسوها. اليوم نحن نسأل إن كانت أبواب الوزارة حقاً مفتوحة لتلقي اتصالات الطلاب، كيف سيتمكنون من ضبطها وما هي المعايير؟ اليوم ليست هناك شكوى في موضوع معين ليعالج، بل العكس ان قال طالب لم يأخذ هذا الدرس وطالب آخر لم يأخذ درساً آخر أو هناك مشكلات في مواد أخرى، اليوم كم سيبلغ حجم تقليص المواد وعدد الدروس؟ الى جانب تسهيل الأسئلة، وهو ما أشار اليه وزير التربية وأنهم سيتساهلون في المراقبة والتصحيح، بالإضافة الى ما تم ذكره من استقبال شكاوى لوضع أسئلة تتناسب مع الجميع، وكل طالب من مدرسة مختلفة، وكل منهم تلقى دروساً غير الآخر”.

وتسأل: “ما الذي تبقى اليوم كي يمتحنوا به كطلاب! من حقهم الخوف”.

وتضيف شاهين: “في الوقت نفسه من هم في جهوزية تامة للامتحانات عند صدور النتائج سنشهد تفاوتاً في نسب الرسوب والنجاح، والنجاح سيكون بتقديرات عالية لأن ما سيحصل عند تسهيل الامتحانات أن الطالب الشاطر سينال درجات عالية من جيد وجيد جداً، اما الطالب الذي لم يتمكن من التحصيل فسيبقى في مرحلة الرسوب، وهذه كارثة”.

وتتابع شاهين: “يجب التنويه بأن الخسارة ليس سببها الأساتذة وإضراباتهم بل تلكؤ وزارة التربية وعدم دفع حقوق الأساتذة، وانطلاقة العام الدراسي كانت على أساس تأمين باصات للتلامذة وغيرها من الأمور الأساسية، لكن لم تؤمن الكلفة التشغيلية للمدارس ولا حقوق الأساتذة، والمدارس تعثرت انطلاقتها واستمراريتها من حيث التدفئة والمواد الأولية والقرطاسية والكتب”.

وتلفت الى أن “كل هذه الأمور كانت عثرات خلال العام الدراسي والأساتذة جزء من العوائق التي أدت الى الوصول الى هنا أواخر العام، فالأساتذة ليسوا هم السبب، بل عدم ايفاء وزير التربية بوعوده للأساتذة”، مؤكدة أن “اجراء الامتحانات هو لارضاء الجهات المانحة، وهذا كله يدخل في إطار الفقاقيع كي تبقى الجهات المانحة تؤمن لنا الأموال”.

الطلاب لم يتعلموا المطلوب

اما الدكتور في علوم التربية علي خليفة فيقول في حديث لـ “لبنان الكبير”: “ان الطلاب ذهبوا إلى امتحانات الشهادة الثانوية بينما لم يعلّمهم أساتذتهم المطلوب خلال العام المنصرم”.

ويشير الى أن “الطلاب فقدوا جزءاً كبيراً من المعارف ولم يتسنَّ لهم تحصيلها في ما تبقى من العام، بحيث شلّ الأضراب التعليم في الثانويات الرسمية وتأخر وزير التربية في المعالجة وبناء الثقة واجتراح الحلول بينما الأساتذة بالغوا في السلبية ودفع الطلاب الثمن الأكبر”، معتبراً أن “الامتحانات لا يمكن أن تكون عادلة في هذه الظروف وإجراؤها بطريقة شكلية مع أسئلة مبسّطة لينجح الجميع ليس حلاً للمشكلات المتراكمة بل يفاقمها”.

ويرى أن “الامتحانات الرسمية بالصيغة التي تجري فيها تفقد أهم وظائفها ألا وهي وظيفة التقويم ما سينعكس على الثقة بهذه الامتحانات وبمستوى الشهادة الرسمية، وهذا التفصيل جزء من مشهد عام يعكس ما تعيشه التربية في لبنان من أزمات نتيجة غياب السياسة التربوية ولا بد من انعقاد الجهود للتفكير والمبادرة بالتطوير في مناهج التعليم ونظام الامتحانات ومهنة التعليم وإعداد المعلم ودوره كي يكون للتربية في لبنان السياسة التي تستحق”.

تسهيلات للطلاب

وكان للأستاذ ح.ن رأيه بأن هذه الامتحانات بكل التسهيلات التي حصلت من الغاء بعض المواد والدروس الى جانب الوعود التي قطعت بالتساهل في الامتحانات والأسئلة والتصحيح، لصالح التلامذة بعد عام صعب عليهم خصوصاً طلاب المدارس الرسمية، مؤكداً أن الوزارة ستقود الامتحانات بالطريقة السليمة.

شارك المقال