حمية البحر المتوسط… نمط عيش صحي ومستدام يبعد الأمراض

تالا الحريري

تتعدد الأنظمة الغذائية كما الحميات التي يتبعها الناس سواء كانوا يعانون من البدانة أم عكس ذلك. فالهدف من النظام الغذائي لا يكون خسارة الوزن وحسب، بل للحفاظ على الرشاقة وتجنب الأمراض، خصوصاً تلك التي يتسبب بها الطعام ذو السعرات الحرارية العالية التي ترفع معدل الكوليسترول وقد ينتج عنه أمراض القلب والضغط والسكري، حتى الوصول الى تضرر المعدة.

من أكثر الحميات التي لاقت ترحيباً بين المهتمين حمية البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean diet) التي صنّفت في العام 2018 في المركز الأول لأفضل حمية تساهم في علاج الأمراض المتعلقة بارتفاع ضغط الدم. كما اختيرت كأفضل نظام غذائي عموماً، بحسب تصنيفات دولية غذائية، للعام الثالث على التوالي في العام 2021، واعترفت بها منظمة الصحة العالمية كنمط غذائي صحي ومستدام.

تعتمد هذه الحمية على المأكولات التقليدية للبلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتي تتميز أكثريتها بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والفول والجوز والبذور وزيت الزيتون. وشملت أكثر من دراسة أهميتها الغذائية في التقليل من مخاطر الاصابة بأمراض القلب لدى النساء، بنحو 25%.

غوش: من أفضل الأنظمة الغذائية المعتمدة

أخصائية التغذية جوانا غوش وصفت في حديث لـ”لبنان الكبير” هذه الحمية بأنها “من أفضل الأنظمة الغذائية المعتمدة في العديد من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، إن كان لجهة الحفاظ على وزن صحي ومتوازن (خسارة الوزن أو اكتسابه) أو للوقاية من عدة أمراض من بينها: السكري من النوع الثاني، ضغط الدم المرتفع، الكبد الدهني، الكوليسترول المرتفع في الدم، المرارة، إلتهاب المفاصل وخصوصاً أمراض القلب والشرايين”.

وأوضحت أن “هذه الحمية تتميز بفوائد صحية وغذائية عديدة نظراً الى تقديمها مجموعة متنوعة وواسعة من خيارات الطعام الصحية التى لا يصعب العثور عليها وتكون طازجة. ونظراً الى أن هذا النظام الغذائي يعتمد على الأطعمة النباتية الطازجة والمعالجة بصورة خفيفة، فإن حمية البحر الأبيض المتوسط غنية بالألياف والفيتامينات والمعادن والمغذيات النباتية وهي مركبات نباتية واقية”.

وبالنسبة إلى فوائدها، بحسب غوش:

“1. تقلل من البدانة ومرض السكري من النوع الثاني وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى أمراض القلب والسكتة الدماغية. وجدت مراجعة لخمس دراسات أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والبدانة واتبعوا هذه الحمية فقدوا كميات مماثلة من الوزن أو أكثر من أولئك الذين اتبعوا أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات keto أو قليلة الدسم فالكيتو دايت قليل النشويات وكثير الدهون غير الجيدة ولا وجود فيه لزيت الزيتون بل للزبدة. صحيح أن الكيتو مفيد لكن ليس لأكثر من 6 أشهر، أمّا حمية المتوسط فتصبح مثل نمط عيش يمكن الالتزام بها مدى الحياة.

  1. 2. تقلل من خطر الاصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب، فقد كشفت نتائج متابعة لمدة 20 عاماً – لدراسة كبيرة لآلاف الممرضات من أجل تحديد عوامل الخطر للأمراض المزمنة – أن النساء اللواتي التزمن بنظام البحر الأبيض المتوسط كانت نسبة الخطر لديهن أقل بـ25% للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية مقارنة بالرجال.
  2. تحسن صحة القناة الهضمية، إذ وجدت دراسة أوروبية أجريت على كبار السن أنّ أولئك الذين اتبعوا هذه الحمية تحسنت صحة أمعائهم ما يعني شيخوخة أكثر صحة وتحسين للادراك.
  3. تقلل خطر الاصابة بالخرف والتدهور المعرفي، لأنّ الـ 3 omega الموجود في السمك يحسن الإدراك والنشاط الدماغي.
  4. تقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان، إذ يعد سرطان القولون ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين الرجال وثاني أكثرهم بين النساء. فالحمية المتوسطية تقلل خطر الإصابة بسرطان القولون وسرطان الثدي والبروستات لكثرة الألياف فيها. كما الحماية ضد السموم وتقوية المناعة والعظام، فالألبان والأجبان تقوي العظام وحسب دراسة موقع تكساس هيلث، النساء اللواتي التزمن بهذه الحمية كن أقل عرضة للإصابة بكسور الورك بنسبة 29% من أولئك اللواتي لم يلتزمن.
  5. صحة العينين، فالخضار الورقية الداكنة والبرتقال والفلفل والبطاطا الحلوة تقوي صحة العيون نسبة الى مستوياتها العالية من مضادات الأكسدة.
  6. تساعد المرأة التي تعاني من تكيس المبايض (pcos) وتعزز الخصوبة. فزيت الزيتون والأفوكادو بكمية معتدلة والرياضة اليومية والتقليل من السكر واللحم تفيد المرأة التي تعاني من تكييس المبيض كمضاد للأكسدة ومضاد للالتهابات وتعزيز الخصوبة بنسبة 65 – 68%، مع احتمال الحمل وولادة طفل سليم”.

ولفتت غوش إلى أنّ “هذه الحمية ليست جديدة، فقد ظهرت منذ العام 1950 في 21 دولة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ولا يزال الناس منذ ذلك الوقت حتى اليوم يتبعونها. فقد بيّنت الدراسات أنّها من أفضل الحميات الغذائية المتبعة والهدف منها تفادي الكثير من الأمراض. هذا النظام الغذائي مفيد لأنه يرتكز على كمية نشويات محددة. مكونات هذه الحمية ترتكز على ممارسة الرياضة يومياً فالمشي مفيد جداً سواء كان سريعاً أو بطيئاً، ويحرق دهوناً أكثر من الركض. يعتمد على الحبوب والمكونات المشتقة من النبات بصورة أساسية وزيت الزيتون كمصدر للدهون وبالتالي نسبة البروتين الحيواني من اللحمة تكون منخفضة بينما هو غني بالأحماض الدهنية غير المشبعة (زيت الزيتون والزيتون والمكسرات) والنشويات والألياف والمعادن والفيتامينات”.

أضافت: “الحصول يومياً على الخبز الأسمر أو القمحة الكاملة والمعكرونة والأرز والبطاطا، ادخال الفواكه والخضار لأنها تحتوي على الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم أيضاً، الألبان والأجبان للنمو والكالسيوم، تناول السمك من مرة الى مرتين في الأسبوع والحصول على الدجاج والبيض باعتدال وتناول اللحوم الحمراء مرة في الشهر. إلى جانب شرب المياه بكثرة ما يوازي 6 – 8 أكواب في اليوم لنحافظ على ترطيب الجسم. ويمكن الحصول على النبيذ الأحمر مرة أو اثنتين في الأسبوع (كوب واحد للنساء وكوبان للرجال في اليوم) بدلاً من أنواع الكحول الأخرى”.

وشددت غوش على “ضرورة التركيز على الكميات، بحيث لا نتعدى 4 حصص من الفواكه في اليوم، 9 حصص من الخضار وليس أكثر من 3 ملاعق زيت زيتون، لكن في النهاية هذا يعود الى كل شخص وحاجاته، لذلك يفضل استشارة أخصائيي تغذية لمعرفة الكميات المناسبة لكل شخص”.

الصايغ: منافعها كثيرة للرجال والنساء

وأكدت أخصائية التغذية نور الصايغ لـ”لبنان الكبير” أنّ “حمية المتوسط مفيدة لأنّها تركز بكثرة على الدهون الجيدة خصوصاً على الزيتون وزيت الزيتون وعلى الطعام النباتي، هناك استهلاك باعتدال للسمك وثمار البحر وكمية قليلة من اللحوم الحمراء. ولهذه الحمية منافع كثيرة على الرجال والنساء فهي ترفع معدل الكوليسترول الجيد وتخفض الكوليسترول السيء، وتقلل من أمراض القلب وضغط الدم المرتفع ومن تصلب الشرايين”.

شارك المقال