الاعتداءات على الأطباء مستمرة… وتطبيق الحصانة له شروط

تالا الحريري

لا تزال الاعتداءات على الأطباء مستمرة، كما أنّ حجم الضرر يكبر شيئاً فشيئاً، فبعدما كان الاعتداء يقتصر على الشتائم والسباب، تحول بعدها إلى تحطيم المعدات الموجودة والتهجم على الطبيب، الى أن أصبح الأمر كارثياً ووصل حد الهجوم عليه والتسبب بأضرار واصابات جسدية جسيمة. هذا ما حصل مع صاحب ومدير “مستشفى الأطباء” – المنارة الدكتور خالد الخطيب الذي تعّرض للضرب المبرح بآلة حادة من أحد عناصر الحماية في “الكاسكادا مول” في البقاع، ما أسفر عن إصابته بنزيف حاد في الرأس وكسر في الذراع، ما استدعى نقله إلى غرفة العناية المشددة.

لا تكفي المشكلات المعيشية والمهنية والمالية التي يعاني منها الأطباء كسائر المواطنين اللبنانيين، حتى تزداد حدّة معاناتهم في ظل هذه الاعتداءات التي تجعلهم يتركون هذه المهنة هرباً إمّا للهجرة أو للتوقف عن ممارستها كلياً.

إنّ الأطباء الذين يقضون سنوات من حياتهم في تحصيل العلم في هذا المجال لإنقاذ أرواح المرضى بشهاداتهم وخبرتهم، يكافأون بهذه الطريقة. ولا يدرك الكثيرون أنّ الطبيب انسان أولاً وأخيراً، وقدرته لا تفوق قدرة أي شخص آخر، ولكن بعض أهالي المرضى لا يجد سواه لرمي اللوم عليه في حال وفاة المريض أو بسبب تكلفة المستشفى، مع العلم أنّ هذا يعود الى لقوانين والشروط التي تضعها إدارة المستشفى التي يعمل فيها الطبيب كموظف عادي.

على أثر الاعتداءات المتكررة على الأطباء، تتوعد الجهات المعنية بملاحقة المرتكبين، لكن القضية تُنسى كغيرها ولا يحاسب الفاعل، حتى أنّ قانون حصانة الطبيب في خبر كان.

واستنكر نقيب الأطباء البروفسور يوسف بخاش الاعتداء على الطبيب الخطيب، وأهاب بالدولة وبأجهزتها القضائية والأمنية الضرب بيد من حديد لوضع حد لظاهرة الاعتداء على الأطباء والتعرض لهم. وأشار إلى أن “مثل هذه الظاهرة أصبحت من حياتنا اليومية، فلو كان هناك رادع لما تحول الطبيب الى مكسر عصا”، مطالباً بـ “إنزال أشد العقوبات وحماية المنشآت الطبية وجميع العاملين من أطباء وممرضين”.

وفي هذا الاطار، شدد رئيس مجلس ادارة “مستشفى الساحل” النائب الدكتور فادي علامة لـ”لبنان الكبير” على وجوب “أن نميز قليلاً بين الحوادث داخل المؤسسات أو العيادات والمرتبطة بموضوع العلاج لأن القانون يحاكي هذا الواقع أكثر، وبين ما يمكن أن يكون له طابع شخصي خارج نطاق عمل الطبيب”، مشيراً إلى أنّ “لا معطيات كثيرة لدينا عن حادثة الطبيب خالد الخطيب والنقيب يتابعها عبر القضاء، لكن هذه الحادثة حدثت في مركز تجاري”.

وقال: “بالنسبة الى عدم تطبيق القانون فهذا يعود إلى النقابات المعنية للمطالبة بتطبيق الاجراءات حسب القوانين المرعية. ويجب التركيز على أنّ موضوع تطبيق القانون يكون في حال تعرض العاملين في القطاع الصحي داخل نطاق عملهم أو صلاحياتهم”.

وأوضح نقيب الأطباء السابق شرف أبو شرف لـ “لبنان الكبير” أنه تابع كثيراً موضوع الاعتداء على الأطباء عندما كان نقيباً، كما أنّ هناك شخصين تعرضا لأحد الاطباء تم توقيفهما وسجنهما لمدة شهرين، “لكن المشكلة دائماً في الوساطات والتدخلات السياسية التي تمنع الأمور من أن تأخذ مجراها”.

وأشار الى “أننا قدمنا اقتراحاً في مجلس النواب، مشروع قانون ووصل إلى لجنة الادارة والعدل وكان على مشارف الانتهاء لكن لا أعلم لماذا توقف بعد ذلك، ويقضي بحبس الطبيب ما لا يقل عن ٦ أشهر وتدفيعه غرامات. لكن ككل شيء في البلد القوانين متوقفة واذا وجدت لا تطبق بسهولة إذ تأخذ الأمور وقتاً طويلاً لتصل الى القضاء. وعلى الرغم من ذلك هذا لا يمنع أن نأخذ الأمور بجدية للحفاظ على الأطباء، يكفي أنّهم يهاجرون، فالسبب الرئيس كان المادة والسبب الثاني هو غياب الحصانة”.

شارك المقال