ماذا يحصل لجسم الانسان حين ترتفع درجات الحرارة؟

تالا الحريري

يعيش العالم حالياً في فترة لهيب حاد جراء درجات الحرارة المرتفعة، مع توقع حدوث نشاط توهج شمسي وسيطرة القبة الحرارية على عدّة دول عربية إلى جانب تحذيرات باللون الأحمر في أوروبا بسبب موجة الحر “سيربيروس”. وآخر درجات الحرارة المتداولة هي في “وادي الموت” الممتد بين ولايتي كاليفورنيا ونيفادا، إذ بلغت 56 درجة مئوية، وفي روما بين 42 و43 درجة مئوية، وفي تونس بين 38 و47 درجة مئوية، وفي محافظة البصرة (العراق) 50 درجة مئوية.

أسباب ارتفاع درجات الحرارة باتت معروفة كما أنّ نتائجها معروفة كذلك سواء على الطبيعة والأرض أو على الكائنات الحية. فالناس لم تعد تحتمل هذه الدرجات المرتفعة، فمنهم من يهرع إلى البحر ويلقي بنفسه في المياه الباردة ومنهم من كان مصيره الوفاة. ماذا يحدث لجسم الانسان عند تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة؟

تعمل الخلايا والأعضاء البشرية بصورة طبيعية بين 36 و38 درجة مئوية، لتكون قادرة على الحفاظ على هذه الحرارة الداخلية. وتم تجهيز الجسم مع ترموستات وهي الخلايا العصبية الحساسة للحرارة الموجودة في قاعدة الدماغ في منطقة ما تحت المهاد، إلى جانب شبكة من المستقبلات الموجودة في الجلد والعضلات، تراقب باستمرار الاختلافات الحرارية. عندما يبدأ مقياس الحرارة الداخلي بالارتفاع، تشغل ثلاث آليات: تمدد مكثف للأوعية الدموية الموجودة على مستوى الجلد (حيث يحدث معظم فقدان الحرارة) مع التعرق يضع طلباً كبيراً على نظام القلب والأوعية الدموية. فإن الآلية الأكثر فعالية هي التعرق، ما يسمح بإطلاق الماء الذي سيحمل السعرات الحرارية وبالتالي خفض درجة الحرارة. في ظل الظروف القاسية، تظهر الدراسات أن البشر يمكن أن يفقدوا ما يصل إلى 12 ليتراً من الماء يومياً. ويؤدي التعرق إلى فقدان السوائل والأملاح، والأهم من ذلك إلى تغير في التوازن بينهما. فمع ارتفاع درجة حرارة الجسم وانخفاض ضغط الدم يمكن أن يظهر طفح جلدي أو تورم في القدمين نتيجة حدوث تسرب في الأوعية الدموية.

أوضح الممرض محمد الحاج لـ”لبنان الكبير” أنّ “التعرض المباشر لأشعة الشمس يمكن أن يؤدي إلى التهاب يصيب غلاف الدماغ والمعروف بالسحايا والذي يؤدي غالباً إلى الوفاة. كما يسبب الارتفاع في درجة الحرارة إلى سرعة في نبض القلب عند القيام بأي نشاط، إضافة إلى انخفاض ضغط الدم عند الوقوف ما يسبب دواراً، والتعرق مع برودة الجلد، وتقلصات عضلية مؤلمة في معظم الأحيان، وإرهاقاً، وكل ذلك يعرف بالإنهاك الحراري”.

ولفت الحاج إلى أنّ “أي شخص يمكن أن يُصاب بالأمراض المتعلقة بالحرارة، لكن هناك عوامل معينة تزيد من الحساسية للحرارة. وتشمل:

1- صغر السن أو كِبره: فالرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات والبالغون الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة هم أكثر عرضة للإصابة بالإنهاك الحراري. فقدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته لا تكون قد تطورت تطوراً كاملاً لدى الأطفال. أما البالغون الأكبر سناً، فقد تؤثر الأمراض أو الأدوية أو غيرها من العوامل في قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة.

2- بعض الأدوية: يمكن أن يؤثر بعض الأدوية في قدرة الجسم على البقاء رطباً وعلى استجابته بصورة مناسبة للحرارة، ومنها الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم”.

ومؤخراً، أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن موجة الحرارة التي يشهدها نصف الكرة الأرضية الشمالي ستتصاعد هذا الأسبوع، ما قد يترتب عليه ارتفاع درجات الحرارة، محذرة من أن ذلك من شأنه أن يؤدي الى زيادة مخاطر النوبات القلبية والوفيات، التي تكون ناجمة عن إجهاد الجسم أثناء محاولته الحفاظ على استقرار درجة حرارته.

لذلك، ينصح بمحاولة الابتعاد قدر الامكان عن أشعة الشمس والبقاء في الظل، والاكثار من شرب السوائل وارتداء ملابس فضفاضة وقبعات.

شارك المقال