لقطاء لبنان… ما مصيرهم؟

تالا الحريري

في هذا البلد المشؤوم يقع الأطفال غالباً ضحية أهاليهم، وهذه المرة لم تكن الانعكاسات نفسية وحسب، بل وصلت الى حد التخلي عنهم. من دون شفقة أو رحمة بهذا الطفل الرضيع المسكين، الذي حملت به أمه 9 أشهر أخذت القرار برميه في الشارع، ليلقى حتفه مختنقاً في مستوعب نفايات أو في علبة كرتون كالطفلين حديثي الولادة اللذين وجدا تحت جسر نهر ابراهيم، أو يجرّه كلب كما حصل مع الرضيعة في طرابلس. من يهتم بهؤلاء الأطفال وما مصيرهم؟

الاستشارية في شؤون الأسرة رنا غنوي أوضحت لـ”لبنان الكبير” أن “الرعاية البديلة هي نظام رعائي يُستبدل من خلاله مقدمو الرعاية الأوليون (الأهل) بمقدمي رعاية متمثلة بجهات بديلة، يعني من الممكن أن يكونوا من العائلة الممتدة أو من خارج إطار العائلة أو ذوي صفة مؤسساتية. الرعاية البديلة هي نظام متكامل له قانون، لكن في لبنان لا قانون ينظم هذه الرعاية، لذلك الحالات الاستثنائية التي تحدث هي ضمن القانون 422 بقرار من قاضي الأحداث، أي عندما يوضع الطفل في مؤسسة رعوية أو لدى عائلة مضيفة أو بديلة بقرار من قاضي الأحداث”، مشيرةً إلى أنّ “الجمعية المولجة حالياً متابعة هذه الأمور هي save the children التي تنسق مع وزارة العدل بشخص محكمة الأحداث لادارة هذه الملفات”.

وأكدت غنوي أنّ “لا أرقام أو دراسات عن هذه الحالات. الأرقام التي ترصد من خلال المنظمات أو الجمعيات المتعاقدة مع محكمة العدل، تقول إنّ هناك حالة أو حالتين سنوياً في كل محافظة. هذا العدد غير دقيق بتاتاً ولا يتواءم مع واقع المجتمع اللبناني لأن ليس كل الحالات يبلغ عنها”.

وشرحت غنوي آلية التعامل مع الأطفال المرميين في الشوارع، بقولها: “يجد المواطنون طفلاً هويته غير معروفة ودون عمر الكلام أو من دون أوراق ثبوتية حينها يتدخل الدرك وينظمون محضراً ويدونون الواقعة ويفتحون تحقيقاً. إذا لم يؤدِ التحقيق بعد فترة من الوقت الى معرفة من يكون هذا الطفل ومن هم أهله يتم اللجوء إلى قرار قاضي الأحداث، إذ يوضع في الرعاية البديلة عند أسرة معينة تكون مستعدة للتطوع بإعالته ورعايته وأن تتوافر فيها كل الشروط للرعاية. كما أنّ جمعية Save the Children تقدم تقارير دورية الى القضاء تثبت صحة هذا الطفل وسلامته ونموه خلال وجوده عند العائلة المضيفة. حينها بقرار من القاضي تقر الرعاية البديلة عند العائلة الفلانية بآلية متابعة معينة أو يُبحث له عن مؤسسة تعنى بالحماية”.

أضافت: “سابقاً كان يوضع اسم مستعار للطفل ويعرّف بأنّه بلا أهل وذلك لتسهيل دخوله إلى المدرسة أو الحصول على شهادة، أما حالياً فاختلف الوضع لأنه بات هناك بحث دقيق في الآلية القانونية بأن يكون لهذا الطفل هوية قانونية، وهذا يعود الى قاضي الأحداث إما عبر مسار قانوني معين إذ يأخذ هذا الطفل هوية الأهل الذين قدموا له الرعاية وهذا أشبه بالتبني (مع العلم أنّ لا قانون للتبني لدينا وهناك حالات قليلة جداً في لبنان) أو يُعطى هوية على اسمه فقط وتشرح له طبيعة حالته عندما يصل إلى عمر معين. كما أنّ هناك مخارج قانونية يصار البحث فيها حتى يتمتع هؤلاء الأطفال بحقوقهم المدنية عندما يكبرون”.

وعن التوصيات، أكدت أنها “التوعية على الصعيد المجتمعي، والتبليغ وعدم التصرف بعشوائية من دون اطار الدولة والمؤسسات”، مشددة على وجوب “أن يُصار على مستوى الدولة إلى توحيد قانون ينظم الرعاية البديلة ويتطرق إلى التبني بطرق قانونية بعيداً عن جرح المشاعر الدينية لأننا لا نزال في إطار قانون الأحوال الشخصية أي قانون ديني غير مدني، وبالتالي يجب وضع خطة وطنية شاملة لموضوع الرعاية البديلة لأن هناك أطفالاً يفقدون كل مستقبلهم وحياتهم بسبب غياب النظام لهذا الموضوع. ويجب أن نعبر من فكرة المشاريع الممولة إلى فكرة النظام المؤسساتي الوطني”.

أما المحامية فاطمة الحاج في جمعية “كفى” فأشارت لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “محكمة الأحداث والنيابة العامة تتابعان هذه المواضيع وتتم احالتها على مراكز ايواء الاطفال حديثي الولادة والاعتناء بهم. وإذا تبيّن لاحقاً من هم أهلهم، يتم الادعاء عليهم وتتخذ اجراءات قانونية بحقهم”.

وامتنعت جمعيات عديدة معنية بحماية الأطفال أو إيوائهم عن الاجابة حول هذا الموضوع.

شارك المقال