الخوف الشائع من جراحة السمنة… ما أسباب الفشل والمضاعفات؟

تالا الحريري

“عدت كالسابق لا بل أكثر سمنة” كان هذا تعليق نادين، فتاة ثلاثينية عانت من زيادة في الوزن وقامت بعملية تكميم المعدة منذ 5 سنوات تقريباً.

ونسمع كثيراً عن وفاة أشخاص بسبب عمليات جراحة السمنة أو مضاعفاتها أو فشلها، فعلى الرغم من خطورة السمنة على صحة الشخص تبقى هذه العملية أيضاً خطراً عليه. مع الخضوع لهذه العملية، تصبح انساناً جديداً لكن لا أنت ولا جسدك باستطاعتكما التأقلم فوراً مع النمط الجديد، وقد تخسر حياتك أمام المضاعفات، أو تفشل في السير على النمط الجديد فتعود إلى نقطة البداية وتعود شهيتك ومعدتك كالسابق، وفي حال اتبعت التعليمات وتعوّد جسمك على المرحلة الآتية فبالطبع أنت تعيش حياة جديدة.

العودة إلى السمنة

شرحت نادين لـ”لبنان الكبير” ما الذي دفعها لاجراء هذه العملية بالقول: “هو حلمي في أن أبدو بمظهر جذاب وأن أرتدي ما أريد من دون البحث عن ملابس تخفي الترهلات والدهون البارزة. لذلك قررت إجراء هذه العملية وفي الواقع لم أعانِ من أي مضاعفات خطيرة، أي كأي شخص خارج من عملية جراحية من الممكن أن يشعر ببعض الألم وأن يكون حذراً في تحركاته وأكله وشربه”.

أضافت: “بعدما شعرت بتحسن تام، أكملت بصورة طبيعية وعدت إلى نمط حياتي وغذائي الطبيعي ولكن فجأة أدركت أنني عدت الى اكتساب الوزن سريعاً وأنّ شهيتي بقيت كما هي. وحين اتبعت هذا النمط عدت إلى الطريق نفسه ولم أستطع بعد ذلك منع نفسي من الأكل أو تنظيمه. تخطيت الـ100 كيلوغرام وكل ما قمت به ذهب سدى، لكن في الواقع لا أنوي أن أكرر إجراء هذه العملية وتقبلت نفسي كما أنا”.

نستذكر بعض الحالات التي كان مصيرها الوفاة بعد مضاعفات هذه الجراحة ومنها وديع وسوف ابن المطرب جورج وسوف، اثر اصابته بنزيف حاد في المعدة بعد عملية التكميم، ومؤخراً المغنية ليزا ماري بريسلي بسبب مضاعفات جراحة علاج البدانة التي أجرتها قبل سنوات، اذ كان سبب وفاتها انسداد الأمعاء الدقيقة الناتج عن النسيج الندبي الذي تشكل بعد الجراحة.

أهمية الجراحة على الصحة

حسب اختصاصي جراحة السمنة الدكتور محمد هيثم فول، فان “السمنة مرض، وهذا تصنيف من منظمة الصحة العالمية، لأننا نلاحظ أن الكثير من الكبار في السن يعانون من أمراض القلب والضغط والسكري بسبب السمنة. ومن هنا يجب اتباع علاج طبي إذا كان المريض وزنه قليلاً، أو جراحي إذا كان عالياً وبالتالي شروط اجراء العمليات هي للناس التي لديها أوزان عالية. من الممكن أن تكون هناك استثناءات، فهناك أناس تتوقف حياتهم اذا زاد وزنهم مثل مضيفات الطيران والمشاهير”.

وبالنسبة الى العملية، شدد فول لـ”لبنان الكبير” على وجوب “أن ندرك أولاً تداعيات السمنة على الصحة التي بدورها قد تؤدي إلى تأثيرات نفسية، إذ سمحت الجمعية الأميركية للجراحة بإجراء عمليات للأطفال بغض النظر عن عمرهم بسبب التداعيات النفسية والصحية والاجتماعية، إضافة إلى ما تسببه من أمراض. لذلك تجرى العملية ضمن شروط محددة وبمضاعفات مقبولة حتى نحسن من صحة المجتمع”.

وأوضح أن “غالبية المضاعفات تكون في أول أسبوعين أو ثلاثة وقد يكون هناك نزيف أو تسريب، ونسبته 1 من كل 500 مريض يعني النسبة قليلة. ويجب أن تجرى العملية في مراكز متخصصة بعمليات السمنة وأن يكون للطبيب خبرة بها، حينها يكون خطرها كخطر عملية المرارة. إذا حصلت أي مضاعفات للشخص وتمت متابعته بصورة صحيحة يفترض أن يعود الى حياته الطبيعية وأن لا يفقد صحته. أمّا بالنسبة الى الوفيات فهي 1 من كل 1500 مريض يعني مثل أي عملية جراحة أخرى”.

وأكّد فول أنّ “هذه العمليات لا يمكن منعها، فمثلاً شركات التأمين في أميركا وأوروبا وغالبية دول الخليج تغطيها لأنها تدرك أنّها مثل أي عمليات أخرى. صحيح أنّ من الممكن حدوث مشكلات لكن فوائدها على صحة الانسان أهم”.

وأشار إلى “أننا نعمل ضمن بروتوكول كامل للمريض قبل العملية وبعدها من ناحية نظام الأكل والحركة اللازمة والرياضة التي يقوم بها، يعني برنامج كامل ولا يعني الحرمان من الأكل لكن مع نمط حياة معين ليصل الى الوزن الذي يريده ويحافظ عليه على المدى الطويل”، لافتاً إلى أنّ “الشخص ممكن أن يعود وزنه ليزيد، في النهاية السمنة مرض وراثي والعملية أو الدايت أو البالون أو الادوية تساعد الشخص على خفض وزنه فقط لكن المحافظة عليه على المدى الطويل هو حسب تغير نظام الحياة. العملية تساعد على الوصول إلى الوزن الذي لا يمكن الوصول إليه بالطرق الطبيعية”.

وكان جراح التجميل المعروف في الوسط الفني لنجوم هوليوود الدكتور تيري دوبرو شرح المخاطر الأخرى طويلة الأمد المرتبطة بتلك الجراحات، التي قد تشمل الفتق وحصى المرارة وسوء التغذية وانخفاض نسبة السكر في الدم والقرحة والارتجاع الحمضي، إضافة إلى أعراض مثل الاسهال والالتهابات والقيء والدوار.

مضاعفات مستمرة

حالة هالة تتناقض كلياً مع حالة نادين، ووصفت لـ”لبنان الكبير” تجربتها مع عملية جراحة المعدة بأنها “الموت البطيء”. وقالت: “بعد عمليتي كنت ملتزمة بالتعليمات التي أعطاني إياها الطبيب الجراح حتى أنّني تسجلت في نادٍ رياضي للمحافظة على الجسم الذي حصلت عليه ومنعاً لوجود أي ترهلات بعد العملية، خصوصاً أنني كنت سمينة جداً وفجأة نحفت”.

أضافت: “على الرغم من ذلك فقدت شهيتي بصورة تامة، كنت أعتمد في البداية على السوائل (المياه، اللبن، الحساء والعصير…) بعدها اتجهت الى الأكل المشوي. ومع ذلك معدتي لم تتقبل الأكل وكنت أتقيأ عند تناولي أي شيء، لدرجة أنني عندما كنت أتناول قضة من بصلة مشوية، أتقيأ فوراً. بالنسبة لي هذه العملية أثرت على صحتي أكثر من السمنة، ولا زلت حتى الآن أخسر الوزن وهذا انعكس على وجهي كذلك وصرت أعاني من فقر في الدم ومشكلات صحية أخرى”.

شارك المقال