“الأخضر” يجتاح أنهار لبنان

حسين زياد منصور

موسم سياحي، موسم اصطياف، موسم الأنهر والسباحة فيها، هذه “العادة” التي ينتظرها اللبنانيون من سنة لسنة، الذهاب الى النهر، والجلوس عند ضفته، مشاوي، بطيخة، ونرجيلة وسباحة. لكن السؤال الصعب، هل هذه الأنهار وضفافها صالحة أصلاً لممارسة هذه “العادة”؟

لطالما اشتهر لبنان بموارده المائية، لكن غالبيتها كانت ملوثة، وخصوصاً بمياه الصرف الصحي التي “تدار” نحو البحر والأنهر، التي تصبغ بلون “أخضر”. ملايين الدولارات صرفت في ما يسمى “إقامة مشاريع الصرف الصحي”، لكن هذه الأموال رميت حقاً في الأنهر والبحر من دون نتيجة. هذا التلوث له آثار عدة، فهو يهدد البيئة وسلامة الغذاء كما صحة المواطنين. وعموماً أو في الحالات الطبيعية، يجب أن تكون المياه صافية، اما في لبنان وبفعل كل مصادر التلوث التي تصب في الأنهار فانها خضراء بسبب السموم مع وجود النفايات التي تطفو على سطحها.

الحوض الأدنى صالح للسباحة

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” يوضح المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، أن “نهر الليطاني مقسم الى الحوض الأعلى بحيرة القرعون والحوض الأدنى، الأعلى عبارة عن نهر من الصرف الصحي غير صالح لا للحياة ولا للري ولا للسباحة بالتأكيد، وكذلك بحيرة القرعون غير صالحة لا للري ولا للسباحة وهي عبارة حالياً عن مجمع مائي لتوليد الطاقة الكهرومائية”.

ويقول: “أما مياه نهر الليطاني في الحوض الأدنى من أسفل سد القرعون وصولاً الى المصب من حيث المبدأ، فهناك نقاط صالحة للسباحة بمعظمها ولكن كلها صالحة للري، الا أن هذه المناطق تتعرض لخروق بيئية من بعض البلدات والبلديات والأشخاص غير المسؤولين ما يؤدي الى تكرار عمليات تصريف الصرف الصحي في نقاط اعتدنا تسميتها نقاطاً حساسة”.

ويشير الى أن “منطقة الخردلي عادة تكون صالحة للري، اما أسفل قضاء مرجعيون فنشهد تسرباً للصرف الصحي من بعض البلدات، وبالتالي تكون هناك خروق بيئية، إذاً في آخر قضاء مرجعيون يكون نهر الليطاني غير صالح للسباحة، وفي قضاء النبطية يكون صالحاً للسباحة ولكن يتعرض في بعض الأحيان لخروق في موسم عصر الزيتون. وفي منطقة الساحل الجنوبي مثل قضاء صيدا والزهراني، الليطاني صالح للري لكنه يتعرض لخروق في القاسمية وبرج رحال والزرارية حيث هناك تسرب لمياه الصرف الصحي لاسيما من بلدة الخرايب ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين”.

ويؤكد علوية أن “نهر الليطاني من حيث المبدأ صالح للسباحة في الحوض الأدنى باستثناء النقاط المهددة، ولكن للأسف هذه النقاط هي نقاط متحركة، تستوجب متابعة من المرجع الصالح الذي يحدد إن كانت صالحة للسباحة ألا وهي وزارة الصحة لا نحن، لذلك نحن لا نتعرض لمشكلة صلاحية السباحة بل صلاحية الري”.

تفاقم المشكلة بسبب الأزمة

وتوضح مصادر متابعة لعمل وزارة البيئة أن الوزارة كانت تعمل دائماً على الكشف عن مصادر التلوث ومكافحته كي لا يصل الى مياه الأنهر أو البحر، وذلك بطرق مختلفة.

وتلفت الى أن مشكلة تلوث الأنهار ليست جديدة، لكنها تفاقمت في السنوات الماضية نتيجة الأزمة الاقتصادية، وتدهور قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي.

مراقبة المياه وجودتها

وفي السياق، يشير ناشط بيئي في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن التلوث الموجود في الأنهار يؤثر بصورة مباشرة على الصحة العامة، وهذا يتطلب تدخلاً فورياً من المعنيين، قائلاً: “المياه التي يتم من خلالها ري المزروعات أو استخدامها في الطعام في كثير من الأوقات تكون ملوثة، هذا أولاً، اما ثانياً، فالسباحة في أماكن المياه الملوثة لها الكثير من الانعكاسات السلبية على صحة الانسان، فخلالها تدخل المياه الى أنفه وأذنه والبعض يقوم ببلعها، وخصوصاً الأطفال، وهذا له انعكاسات عدة”.

ويشدد على أن “من المهم ومن مسؤولية المعنيين إزالة تعديات المؤسسات والمصانع والمعامل التي تصرف مياهها الملوثة في الأنهار، فضلاً عن المكبات والنفايات المنتشرة”، مؤكداً ضرورة إنشاء مركز لتكرير المياه ومراقبة نوعيتها وجودتها، لأن كل ذلك يصب في مصلحة الناس، فهذه المياه تستخدم في ري المزروعات التي يتناولها اللبنانيون.

تجدر الاشارة الى أن مشكلة تلوث المياه في لبنان ليست جديدة، بل هي نتاج سوء إدارة الموارد المائية منذ الاستقلال بحسب متابعين لهذه القضية، وأن مصادر المياه تعد بنسبة كبيرة ملوثة، مع العلم أن هذا البلد يتميز بأنه غني بالثروة المائية من أنهر وينابيع ومياه جوفية، فضلاً عن نسبة المتساقطات.

شارك المقال