الابتزاز الالكتروني… يبدأ بمحادثة وينتهي بانتحار

ليال نصر
ليال نصر

من حساب مزيّف على “فيسبوك”، “إنستغرام”، “بنترست”، “تمبلر”، “سيجنال”، “ديسكورد”، “سكايب”، “لاين”، “كيو زون”، “ثريما”… وإلى ما هنالك من حسابات كثيرة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى عرضٍ وظيفي للعمل على موقع “لينكد إن” أو أي وسيلة أخرى حتى عبر الايميل، تبدأ قصص الابتزاز الإلكتروني.

ويقول مدير المحتوى الرقمي في منظمة “سمكس” للحقوق الرقمية عبد قطايا لموقع “لبنان الكبير”: “إن حالات الابتزاز الالكتروني أو الجنسي تبدأ بمحادثة عادية لتتحول إلى محادثة حميمة يتخللها تصوير ومن ثم يبدأ التهديد بنشر الصور أو الفيديوهات. وخطورة الأمر أن ما يحصل لا يرتبط بالأشخاص الغرباء والذين لا نعرفهم بصورة متصلة وحسب، بل حتى بين الناس الذين نعرفهم ويقررون أن يبتزوا بعضهم البعض خصوصاً بصور جنسية عبر الانترنت. ويمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص أصدقاء أو أقارب وحتى أزواجاً”.

نتائج الابتزاز الإلكتروني

حصلت حالات كثيرة سابقاً أدت إلى الانتحار جراء الابتزاز الجنسي بسبب خوف المراهقين من الفضيحة، خصوصاً أن الصور كانت تلتقط في أمكنة مغلقة ولذلك على أي شخص يتعرض للابتزاز الالكتروني أن يخبر من يثق بهم إن كان يخاف من إخبار أهله. كما يمكن لهؤلاء الأشخاص اللجوء فوراً إلى مكتب جرائم المعلوماتية في قوى الأمن حيث يلقون المساعدة بالإضافة إلى الجمعيات التي تساعد ضحايا الابتزاز الجنسي.

وتظهر الآثار الاجتماعية التي تتمثل في عزلة الضحية والعدوانية وتدمير مكانتها الاجتماعية، كما تترك آثاراً نفسية سلبية تجعل الضحية ذكراً أم أنثى ي/تعيش في قلق وتوتر شديدَين واكتئاب وأرق، كما تفقد الضحية ثقتها بالآخرين، فيصل الأمر الى التفكير في الانتحار أو القيام بهذا الفعل خوفاً من أيَّة فضيحة اجتماعية أو عائلية.

نصائح لتفادي الإبتزاز

يلفت قطايا الى خطوات مهمة يجب القيام بها من أجل تفادي التعرض للإبتزاز الالكتروني “بدءاً بمحاولة عدم التعاطي مع أي حسابات لا نعرفها أو الرد عليها وضمها الى دائرة أصدقائنا، إذ إن من الممكن أن تكون هذه الحسابات وهمية فنحاول أن لا نقبل صداقتهم أو التحدث إليهم. الخطوة الثانية عندما نكون بصدد التقدم لأي وظيفة، يجب أن نعرف إلى أين يمكن أن نصل في النهاية وخصوصاً في مقابلات العمل التي يمكن أن تنتهي بابتزاز جنسي وهنا تقع المشكلة”.

ويحذر قطايا من مواقع يلجأ إليها الأطفال خصوصاً (لم يتجاوزوا الـ 18 سنة) مثل “تيكتوك”، فكلما زاد استخدام هذه الوسائل زادت حالات المعرضين/ات للإبتزاز تلقائياً جراء ارتفاع عدد المستخدمين وبالتالي إمكان الوقوع في الابتزاز الإلكتروني يصبح أسهل، إذ يشكل عدد الأشخاص المستخدمين لمواقع التواصل الإجتماعي نحو 56.8% من سكان العالم.

كيف ترصد حالات الابتزاز؟

للأهل دور كبير في إعطاء الثقة لأطفالهم والتحدث معهم بإنفتاح والنقاش معهم ليعرفوا المشكلات والتحديات التي تواجههم، عبر مواقع التواصل. فمن المهم جداً أن يخبر الأطفال أهلهم في حال تعرضوا لأي تهديد ومن هنا أهمية الثقة بين الأهل والأطفال.

كذلك ترصد قوى الأمن الداخلي حالات الابتزاز الالكتروني من خلال خدمة “بلّغ” عبر الاتصال على رقم مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية: 01293293 والتبليغ عن أيّ جريمة سيبرانية، أو أيّ تهديد أو خطر إلكتروني يواجهه الشخص.

تجدر الاشارة إلى أن الشكاوى الواردة الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة كانت أكثر من الشكاوى الواردة الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية نظراً الى تلقي شكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وعبر خدمة “بلّغ” على موقعها الإلكتروني. وتظهر الاحصائيات أن أعداد شكاوى الابتزاز “الجنسي” وحدها الواردة الى شعبة العلاقات العامة تسجل ارتفاعاً كبيراً وخطيراً.

عقوبة ليست بحجم الجريمة

إعتبر قانون العقوبات اللبناني أن “الابتزاز جريمة بموجب المادة 650 منه التي تعاقب كل من هدّد شخصاً بفضح أمره أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه، أو من قدر أحد أقاربه، لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره”. هذه الجريمة تكون عقوبتها بالحبس من شهر الى سنتين، والغرامة حتى 600 ألف ليرة لبنانية (وفق سعر صرف الدولار القديم 1515). وفي هذا الصدد، يعتبر الكثير من المراقبين أنّ العقوبة ليست على قدر الجريمة، الأمر الذي يتطلّب إقرار وسن تشريعات جديدة تشدّد العقوبة على هذه الظاهرة التي باتت تهدّد سلامة المجتمع.

شارك المقال