رخص البناء بين التمنيات والمناشدات… هل تفعلها الوزارة؟

راما الجراح

صدق أو لا تصدق، رخص البناء اليوم هي المتنفس الوحيد عند أهالي البقاع بالرغم من اشتداد الأزمة الاقتصادية على لبنان. لا يكترثون لإرتفاع أسعار مواد البناء وكلفة العمّال أمام مطالبتهم لوزارة الداخلية والبلديات بالتحرك السريع لحلحلة هذا الملف في أقرب وقت بسب بحاجتهم الماسة لتفعيل هذا القرار رسمياً. وبعد زيارة رؤساء بلديات البقاع لوزير الداخلية بسام المولوي منذ حوالي ٥ أشهر والطلب منه السماح لهم بممارسة صلاحيتهم الأساسية في ما يخص رخص البناء لا يزال التشدد على هذا الموضوع موجودا.

وأكد رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين في حديثه للبنان الكبير أن “المواطن البقاعي تحديداً لا يفكر بشيء أكثر من البناء وأن يستر على ابنه أو ابنته برخص البلدية، وهذا مطلب شعبي وضروري جداً، وتعتبر صرخة كل مواطن في منطقتنا وموجهة مباشرة إلى وزير الداخلية أن يعيد النظر في هذا الملف بشكل ضروري وسريع، لأنه يمكن أن نصل إلى مرحلة فقدان الصبر. لا تزال رخص البناء متوقفة منذ شهر آذار عام ٢٠١٨ وإلى اليوم لا يستطيع أي مواطن بناء غرفة ٤ أمتار طول وعرض، ونتمنى أن يوضع هذا الملف على طاولة الوزارة كأولوية، والناس رغم الأزمة الاقتصادية والضيقة الماضية، بحاجة ماسة في البقاع إلى بناء شقق لتستر أبنائهم”.

أما بالنسبة لمنطقة سعدنايل وضواحيها أوضح رئيس بلدية سعدنايل حسين الشوباصي أنه “أولاً هناك عقارات في منطقة العمرية تضم حوالي ٥٠٠ منزل وهي ضمن نطاقنا، لا يملكون ثقافة الأيجار، ومبنية على ٤ عقارات فقط، وهذا يعني أن كل هذا العمار مخالف، ومن المستحيل إصدار رخصة شرعية لها. هؤلاء لا يستطيعون تزويج أبنائهم إلا بطابق ثانٍ وثالث، عدا عن ذلك، كل الناس في المنطقة الذين يملكون أراضي لا يستطيعون بناء أي شقة لابنائهم لأنه في القانون مسموح لهم ب ٥ بالمئة فقط، أي مَن يملك أرض مساحتها ١٠٠٠ م لا يستطيع بناء شقة أكثر من ٥٠ متر وهذا غير منطقي، أقله يجب أن تكون ١٥٠ م”.

وعن الحاجة الضرورية لأذونات الرخص قال “تعتبر الحل الجذري لكل هذه الأزمات، ومن يريد أن يزوج أولاده ولا يملك القدرة المالية لشراء أرض، يمكنه بناء شقة في الطابق الثاني ببساطة، ولكن توقيف اصدار الرخص مَنع الفقير بالدرجة الأولى من البناء. وقد وعدنا وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ ٥ أشهر خلال زيارة قمنا بها مع ٨ رؤساء بلديات من البقاع أن يحصل خير في الموضوع وذلك بعد الانتخابات البلدية، لكنها لم تحصل وتم تأجيلها لسنة كاملة، ولم يحصل أي حلحلة في الملف”.

“رخص البلدية تحل مشاكل العائلات الفقيرة أولاً، بالإضافة إلى فتح باب الرزق لمعلم العمار، وعمّال الباطون، البلاط، الدهان وغيرهم”، بحسب الشوباصي الذي اعتبر في حديثه للبنان الكبير أنها “تحرّك الدورة الاقتصادية عند الجميع ويستفيد منها حوالي ٧٠٪ من كل قرية. وللأسف يمكننا ملاحظة المخالفات وعلى عينك يا تاجر من بعد منطقة زحلة إلى بعلبك، وفي البقاع الغربي منطقة مشغرة وحولها وكأن هناك تغطية عليهم، ونحن في هذا الإطار طلبنا من الوزير المولوي غض النظر عنا أسوة بهم في حال لا يريدون السماح بالرخص الآن، ومن ناحية أخرى عادة البلديات تستفيد من هكذا قرار مادياً، ولكن نحن لا نريد شيئاً سوى تيسير أمور الناس ونتمنى التعاون في ذلك”.

في ما يخص المخالفات، أشار رئيس بلدية بعلبك مصطفى شال إلى أنه “لا يتم استشارتنا في موضوع البناء، وطريق بعلبك كله مخالفات، وهنا يمكن دور الأجهزة الامنية بمنعهم وخاصة أنه لا يوجد أساساً تصاريح من البلدية للسماح بذلك، وفي منطقتنا هناك خليط وشريك اي لا يوجد فرز، وهذا الموضوع يؤثر على الانشاءات. ما حصل أننا في فترة ولاية الوزير محمد فهمي رفعنا دراسة له ولرئيس الحكومة السابق حسان دياب تحدد الأماكن المسموح فيها البناء ولو بوجود خليط وشريك داخل العقار نفسه، وللأسف لم يتم الأخذ بالدراسة وبدأ العمار العشوائي من دون إذن بلدية أو التنظيم المدني أو حتى نقابة المهندسين، ونحن لا نملك سلطة لتوقيفهم، عملنا مقتصر فقط على محاضر ضبط ويتم تحويل الملف إلى المحكمة، ونتدخل أكثر فقط في البناء ضمن الأماكن الأثرية هنا لدينا سلطة بتوقيف الورشة مع مديرية الآثار”.

أما بالنسبة لتأثير ذلك على المنطقة قال “هذا العمار العشوائي يؤثر بشكل سلبي على بعلبك، ويؤدي إلى بيئة فوضوية في المنطقة، والتي تطلب بنى تحتية، كهرباء، مياه، صرف صحي، وطرقات. المنطقة تعيش بحالة فوضى كبيرة بسبب عدم تطبيق القانون، وكل شخص يبدأ بالعمار بالوقت الذي يحلو له. أتمنى وبكل محبة من وزارة الداخلية قمع كل هذه المخالفات، وعلى كل الأجهزة الأمنية أن تكون صارمة أكثر في هذا الأمر، وأن يتم السماح للبلديات بإعطاء تصاريح بناء كما سابقاً حيث كانت تخضع لخريطة المهندس، والتراجعات القانونية، وتخطيط من التنظيم المدني، ولا شك أن هذا الأمر يعود بمردود مالي على البلديات”.

بدوره أكد المقاول إبراهيم محي الدين أنه “لا شك أن أسعار البناء ارتفعت مع ارتفاع الدولار، وأثّر هذا الوضع على البناء وشراء العقارات، حتى التأخر في إصدار رخص البناء “رب بيتنا، حيث انخفضت الحركة بشكل كبير. أما بالنسبة إلى التكلفة، متر الباطون على (العضم) ٩٠ دولاراً، وبالرغم من ذلك يسألني الناس كل فترة عن إحتمال اصدار رخص بسبب حاجتهم للبناء، ونحن بأمس الحاجة لهذا القرار حتى نستطيع تأمين لقمة عيشنا”.

تمنيات ومناشدات إلى وزارة الداخلية والبلديات بفتح باب رخص البلدية قريباً الذي يعتبر باب الأمل الأخير إذا صحَّ القول أمام اللبنانيين عامة وأهالي البقاع على وجه الخصوص، فهل ستفعلها وزارة الداخلية أَم أننا ذاهبون إلى مزيد من المخالفات “ونبلط البحر”؟

شارك المقال