كارثة المكبات العشوائية في البقاع… ياسين لـ”لبنان الكبير”: “المناقصة قريباً”

راما الجراح

غطت سحابة دخانية قرى سهل البقاع، وشوهدت بكثافة في مناطق شتورة، قب الياس، وصولاً إلى تعلبايا وبرالياس وحتى مجدل عنجر، واستفاق البقاعيون على روائح سامة مصدرها حرق النفايات من مكب قب الياس. وانتشرت هذه الظاهرة في المنطقة بعد إقفال معمل الفرز الذي يعالج النفايات في برالياس. وأكد محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة، الذي ناشده الأهالي التدخل لوقف حرق النفايات، أن مصدر الحرق “توزع بين مكب قب الياس في البقاع الأوسط ومكبي نفايات في منطقتي غزة وجب جنين، وبعد التواصل مع قائد منطقة البقاع الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد ربيع مجاعص توصلنا إلى فتح تحقيق لمعرفة سبب الحرائق وتوقيف الفاعلين إن كانت مفتعلة”.

إلى جانب كارثة مكب قب الياس، أشار سكان منطقة البقاع الغربي الى أن مكب جب جنين كان مشتعلاً ودخانه غطى قرى غزة، الخيارة، حوش الحريمة ولوسي، وأدخل الكثيرون بسبب ذلك إلى مستشفيات المنطقة.

وأكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “معامل فرز النّفايات في السنوات الماضية أُهملت، ومنها ما لم يكن يدار بطريقة جيدة حتى قبل الأزمة المالية بعد العام ٢٠١٩، وهذا نتيجة تشتت القطاع على عدة إدارات مثل الانماء والأعمار ووزارة التنمية الادارية ووزارة الداخلية (اتحادات البلديات والبلديات)”.

وأوضح أن “معمل الفرز في برالياس هو تحت إدارة وزارة التنمية الادارية وليس وزارة البيئة، المغيّبة من قبل حتى صدر القانون ٨٠ (٢٠١٨) الذي وضع إطاراً جديداً لادارة النفايات الصلبة، ومن ضمنها حوكمة أفضل عبر انشاء الهيئة الوطنية لادارة النفايات الصلبة، والتي لم يعيّن أعضاؤها بعد لكن عملت خلال الأشهر الماضية على وضع أنظمة الهيئة بالتعاون مع الهيئات الرقابية”.

وعن الركائز التي تعمل عليها الوزارة، قال ياسين: “أولاً تعزيز الفرز من المصدر وزيادة عدد مراكز تسلم المفروزات في المدن والمناطق (نعمل على ١٠ في بيروت ولاحقاً في كل المناطق)، ثانياً حوكمة وتمويل أفضل، وتعديل القانون لتمكين البلديات من جباية رسوم مباشرة بصورة شهرية لتغطية كلفة جمع النفايات ونقلها ومعالجتها والتخلص النهائي منها، وضعت مشروع قانون بانتظار مجلس النواب لاقراره، وأخيراً تطوير البنية التحتية للنفايات الصلبة وتقسيم لبنان الى ١٥ منطقة خدمية يكون لكل منها معامل فرز وتسبيخ وكذلك مطمر صحي للمنطقة (اي ١٥)”.

أضاف: “هكذا نكون قد وضعنا تأهيل معامل الفرز في البقاع (من ضمنها بر الياس) كجزء من مشروع الحد من تلوث الليطاني والقرعون، بعد مفاوضات مع البنك الدولي بحيث ستعلن المناقصة الشهر المقبل، ووضعنا خريطة للمطامر المناطقية، لكنها بحاجة الى دراسات وحوار حولها مع البلديات والمجتمعات المحلية”.

“الطقس الحار هو السبب الأساس لاندلاع الحريق في مكب قب الياس، ولو قصدنا حرقها لما كنا مضطرين إلى دفع تكاليف ايجار الحفارات وآليات الاطفاء لإخماد الحريق” بحسب رئيس بلدية قب الياس جهاد المعلم الذي أكد أنه من هذه البيئة وحريص عليها، مشيراً الى أن “هناك مَن قرر إشعال النار في أرض صيد قرب المكب وتوسعت دائرة النيران لتصل إلى النفايات ولا نزال حتى اليوم نحاول اطفاءها. الدولة هي المسؤول الأول عما يحصل، بعدما كنا نرمي نفاياتنا ونفايات بلدة المرج في معمل الفرز في برالياس وندفع ٦ دولارات على الطن، حتى أوقفت الدولة التلزيم مع الشركة الداعمة لمعمل برالياس وأصبحنا مجبرين على إعادة رمي نفايات المنطقة في المكب، وكأنهم وضعوني تحت الأمر الواقع، ولا يمكنني ترك النفايات في الطرق، وهذه الطريقة الأقل ضرراً وأصبحت لدينا جبال من النفايات في هذا المكب العشوائي في قب الياس منذ سنتين وإلى اليوم”.

وأسف المعلم لأن “هذه النفايات تتسبب بأمراض كثيرة إضافة إلى تلوث مياه نهر الليطاني في المنطقة”، موضحاً أن “الدولة لم تستطع تشغيل معمل برالياس الذي كلّف أكثر من ٥ ملايين دولار، ونحن مجبرون على انتظار الحل من الدولة ووزارة البيئة تحديداً، وحاولنا في فترة من الفترات تقديم طلب بناء معمل في قب الياس لمعالجة النفايات بالتحلل الحراري وعلى طريقة Bot أي لا تتكلف البلديات بشيء ويصرف ٢ ميغاواط كهرباء فقط، وبدل أن توافق وزارة البيئة على المشروع رفضت الفكرة بحجة أن المعمل سيكون على ضفة من ضفاف الليطاني وأساساً المكب على ضفة الليطاني يعني بدل أن يكون مكباً نستبدله بمعمل معالجة، والحجة الثانية أن لا جدوى اقتصادية للمعمل”.

وعن المكب، لفت إلى أن “عمره أكثر من ٥٠ سنة، وهناك ١٥٠٠ مكب عشوائي في لبنان بحسب وزارة البيئة، وبالتالي الوزير ناصر ياسين يتحمل مسؤولية عدم تشغيل المعامل، ويتكلم كأي مواطن عادي عن معاناة الدخان والأمراض وأضرارها وكأنه ليس في موقع المسؤول. بالنسبة الى بلدة قب الياس تحديداً ٦٠ دونماً مساحة المكب، أليس أجدر بنا أن نستغل كل هذه المسافة لبناء ملعب رياضي مهم، أو مكان ترفيهي للناس؟”، متمنياً “أن ترى الناس من كل الجوانب من دون التركيز على الدخان فقط، بل على الأسباب وراء ذلك ومَن يتحمل المسؤولية”.

شارك المقال