طرق لبنان المتصدعة مصيدة لسالكيها… بغياب السلامة المرورية

عامر خضر آغا

غابت أساسيات السلامة المرورية بصورة ملحوظة في لبنان صيف هذا العام وفي الأعوام الماضية بعد أن ارتفع عدد ضحايا حوادث السير الى 199 ضحية بنهاية حزيران الفائت بحسب احصاءات “الدولية للمعلومات”، في غياب الاشارات الضوئية والمرورية وضعف انتاجيتها، وقلة عدد عناصر القوى الأمنية وتقاعس بعضهم عن أداء مهامهم، وتوقف المعاينات الميكانيكية وانعدام أهلية الطرق.

يرتبط سبب الاهمال في إصلاح الاشارات الضوئية مباشرةً بسعر صرف الدولار وتوقف عدادات الوقوف “الباركميتر”عن العمل وعدم وجود تمويل كافٍ لدى إدارة هيئة السير. ويعود أصل المشكلة إلى نزاع بين الهيئة وبلدية بيروت على خلفية الجهة التي ينبغي لها الحصول على مدخول عدادات الوقوف، فالهيئة كانت تعتمد على جزء من المدخول لصيانة الاشارات، وبلدية بيروت التي ينبغي بالنسبة اليها الحصول على المدخول توقفت عن جمع البدلات منذ أواخر العام 2019 حتى اليوم. ومع انتهاء عقود هيئة ادارة السير مع الشركات المتعهدة، لم تسارع أي جهة سياسية الى إبرام عقود تشغيل مع شركات جديدة.

حلَّ عناصر قوى الأمن الداخلي مكان الاشارات، لتَظهر مشكلة جوهرية أخرى وهي عدد هؤلاء العناصر ومدى قدرتهم على القيام بهذه المهام والالتزام بتنفيذها، فهم كانوا ولا يزالون يعانون من عدم اعطائهم مستحقاتهم وأبسط حقوقهم في الخدمات الاستشفائية وغيرها، وفي غياب الدولة عن استكمال المعاينات الميكانيكية وتأهيل الطرق وعدم تمكنها من وضع آليات واضحة لفرض تطبيق قانون السير، باتت مهمة القوى الأمنية في حفظ السلامة المرورية على الطرق بمحدودية عديدها وعتادها أمرٌ محال.

وأكدَّ مصدر أمني لـ “لبنان الكبير” أنَّ “قوى الأمن الداخلي تستطيع أن تقوم بدورها في تطبيق القانون شرط أن تدعم من الناحية المادية واللوجيستية بما يلزم اضافة الى رفع قيمة المحاضر المسطرة”.

المعاينة الميكانيكية التي تجرى بصورة شاملة للسيارة، تساعد سائقها على الالمام باحتياجات الصيانة. وتوقفها المتقطع وقلة مراكز المعاينة في الأساس، أديا الى انتشار سيارات غير مؤهلة للسير على الطرق. وبدافع التوفير وبعد ارتفاع ملحوظ في كلفة الصيانة ولاسيما بعد حدوث الأزمة الاقتصادية، بات الكثيرون يلجؤون الى وسائل النقل الأقل كلفة والأكثر خطورة على حياتهم في القيادة.

باتت طرقات لبنان مصيدة لسالكيها فألحقت بهم أفدح الخسائر المادية وأزهقت الكثير من الأرواح، جاعلة سياراتهم خردة متنقلة. وأشار مدير مرصد السلامة المرورية لدى “جوستيسيا” كامل ابراهيم لـ “لبنان الكبير” الى أنَّ “حوادث السير اجمالاً تكون أمراً لا بد من حصوله خلال التنقلات الدائمة، ولا سيما في موسم الصيف وفي فترة الأعياد والحفلات، وقد انخفض عددها في السنوات الماضية بسبب جائحة كورونا وبداية الارتفاع الملحوظ لسعر المحروقات. أما في الوقت الراهن فإنَّ الاسباب المباشرة لحوادث السير تعود أساساً الى ازدياد التنقل بصورة ملحوظة مع غياب كل عناصر السلامة المرورية المرتبطة به والمنظمة له، وتراجع حملات التوعية وانخفاض قيمة الرسوم الضابطة للمخالفات المرورية اضافة الى عدم الاهتمام بصيانة الطرق”.

هشاشة البنى التحتية وغياب الصيانة الدورية للطرق جعلها معرَّضةً للتشققات والتصدعات التي تلحق بها، وتتحول في الشتاء الى مستنقعات مياه بفعل الأمطار ومياه الصرف الصحي التي تخرج إلى الشوارع وانعدام الانارة في الانفاق، لأنَّ الصيانة أساساً خضعت للاصلاحات فقط من ناحية الحسابات الانتخابية، فكانت النتيجة تخطيطات عشوائية، في غياب إشارات مرورية وعاكسات ضوئية فاعلة وسد للحفر.

وقال المصدر الأمني: “ان الحدَّ من حوادث السير يبدأ ببناء منظومة حديثة متكاملة يتعاون فيها القطاع العام والقطاع الخاص في مجال النقل باستراتيجية تندرج منها عدة خطط من أجل تطبيق كامل لشروط السلامة المرورية، وتعاون وزارتي الأشغال العامة ووزارة الداخلية على تطوير البنى التحتية وتنظيم سير عملها، بدءاً من العمل على إزالة الحفر من الطرق وتوسعتها وتزفيتها بصورة دائمة مع وضع اللافتات والعلامات الواضحة المنظمة للسير، واعتماد الشفافية في وضع امتحانات اللجان الفاصحة ومراقبة عملها والعمل الحثيث على اعطاء رخص القيادة على أسس الكفاءة فقط وتدعيم قطاع النقل العام”.

شارك المقال