جديد عمليات الخطف… سفر وهمي عبر “تيك توك”

حسين زياد منصور

استدراج، اختطاف، ابتزاز، طلب فدية، كل هذا يحصل، صحيح أنها ليست أموراً أو حوادث جديدة، وتحصل في مختلف دول العالم، حتى “دول الشمال” المتقدمة والمتطورة، الا أنها في الفترة الأخيرة انتشرت في لبنان، لعدة أسباب وبأساليب مختلفة.

وكانت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي قد تابعت هذا الملف، وأوقفت في تواريخ سابقة أفراد شبكات وعصابات ينفّذون هذه العمليات. وكان لقوى الأمن تحذير عبر بيان أشارت فيه الى تعرض العديد من السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية لعمليات خطف على الحدود السورية – اللبنانية في الآونة الأخيرة، وأن الخاطفين يطالبون بالحصول على فدية مالية من ذويهم مقابل تحريرهم، فضلاً عن عمليات الضرب والتعذيب التي تحصل.

شربل: أساليب الاجرام تتطور

على الصعيد الأمني، يقول وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “ان الظروف الاقتصادية والمالية التي نعيشها تزيد الجريمة ومن ضمنها أحد أهم الجرائم ألا وهي عمليات الخطف بالفدية.

وهذه العمليات كانت تحصل قبل الأزمة التي نعيشها منذ عشر سنوات و15 سنة، لكن ليس بهذه الكثرة، واليوم يختارون زبائنهم من بين السوريين والأجانب، والأشخاص المقتدرين والذين يملكون الأموال، فلا يستدرجون الفقراء أو من لا يملك المال، وهذه مشكلة كبيرة، لكن الشكر دائماً للأجهزة الأمنية والعسكرية التي تقوم بواجباتها قدر الامكان”.

ويضيف: “الجميع يعلم عن عملية خطف السعودي التي حصلت منذ فترة، وتمكن الجيش اللبناني من القاء القبض على من خطفه. ومن الطبيعي أن نتوقع وجود مثل هذه العمليات، وفي أوضاع كهذه يجب أن نتوقع مشكلات أفظع من ذلك، لكن لا نزال نعيش ضمن أمن مقبول بنسبة 90٪، مع عدم وجود أمان على المستوى الاجتماعي ككل، وهذا يتأمن من خلال الظروف السياسية اما الأمن فيؤمنه العسكر، وهذا الشق أمّنوه”.

ويلفت شربل الى “أننا كلما شهدنا تطوراً، الأساليب التي يستخدمونها في عملياتهم الاجرامية تتطور، وفي المقابل هذا التطور ينعكس سلباً عليهم، فبسببه أصبحت الأجهزة الأمنية تتمكن من الوصول اليهم، ووضع يدها على هذه الجرائم التي تحصل من خطف وقتل وسرقات، وذلك بواسطة الاتصالات التي حصلت سابقاً”. ويشير الى متابعة ما تنشره قوى الأمن الداخلي من اجل الوقاية، معرباً عن أسفه لما يعانيه المواطن في هذه الظروف الصعبة.

خليل: الابتزاز عبر بيع أوهام معينة

اما من ناحية الأمن الرقمي، فيوضح خبير أمن المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي فريد خليل في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً تيك توك درج في الآونة الأخيرة لاستدراج الناس وابتزازهم من خلال بيعهم أوهاماً معينة، وهي فعلاً كانت طريقة لاستدراجهم واختطافهم وطلب فدية”.

ويقول: “نحن نعلم أن هذا النوع من الابتزاز كان يحصل منذ زمن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ليس وليد اليوم، ولكن حتى قبل مواقع التواصل كان يتم عن طريق خلق شركات وهمية، بهدف تأمين عمل معين أو خدمة معينة لبعض الناس، وبمجرد التوجه الى هذه الأماكن يحصل الابتزاز المادي أو الجنسي”.

ويضيف خليل: “مؤخراً نشط عبر تيك توك العديد من الحسابات التي تستهدف اللاجئين السوريين في لبنان، وذلك من خلال ايهامهم بأنها قادرة على تأمين تأشيرات دخول لهم الى أوروبا، وبالطبع الناس تواصلت مع أصحاب الحساب وتأمين ما يطلبه، ومنها طلب التوجه نحو منطقة البقاع أو الحدود اللبنانية السورية، حيث يتم خطفهم والاتصال بذويهم وابتزازهم مقابل مبالغ مادية، الا أن شعبة المعلومات تمكنت من الكشف عن هذه العصابة وأصحاب الحساب وتحذير الناس من هذه الأمور”.

ويشير الى أن “عمليات الاحتيال والابتزاز عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تحصل من خلال تأمين التأشيرات أو عبر مكاتب وهمية للسفر وحسب، انما يجب التوعية وخصوصاً في ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي ولا يجب أن تكون هناك ثقة كبيرة ودائمة بكل ما نراه أو نجده من دون التأكد من المصدر، لا سيما مع انتشار الذكاء الاصطناعي الذي يظهر صوراً وفيديوهات ومقاطع صوتية لأشخاص ونقوم نحن بتصديقها”.

ويؤكد خليل “ضرورة البحث عن مصدر هذه الحسابات، وإن كانت شركات لها مواقع الكترونية رسمية، عنوانها، رقم الهاتف، والاتصال به والاستفسار وطرح الأسئلة، ومن هم الأشخاص أو المؤسسات الذين يتعاملون مع هذه الشركة، لذلك من الضروري التعامل مع مبدأ صفر ثقة”، مشدداً على ضرورة “عدم مشاركة ما هو شخصي مع أي أحد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً من لا نعرفهم، أو من نتعرف عليهم خلال فترة قصيرة، إن كانت معلومات أو هوية أو جواز سفر أو صور خاصة، وذلك لتجنب خطر الوقوع في الابتزاز”.

تجدر الاشارة أن أحد مراكز حقوق الانسان أشار في تقرير منذ أسابيع الى ظاهرة مستجدة يعاني منها اللاجئون في لبنان ترتبط بانتشار جرائم الخطف مقابل فدية، ومن الضحايا نساء وأطفال، الى جانب اساءة معاملة خلال احتجازهم وأعمال تعذيب، لافتاً الى أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل تفجرت مع بداية الأحداث في سوريا وبروز أزمة اللجوء.

شارك المقال