السياحة في الجنوب آمنة… والمغتربون غيّروا المعادلة

نور فياض
نور فياض

أحداث أمنية عدة جعلت بعض السفارات يحذّر رعاياه من الذهاب الى لبنان أو الاقتراب من الأماكن الخطرة، وعلى الرغم من ذلك فان السياحة لم تتأثر حتى الآن بهذه التحذيرات، مع العلم أن الموسم بدأ بالتزامن مع استحقاقات عدة وأولها إنتخاب رئيس للجمهورية، ما يقلق السياح والمغتربين عادة من هفوات أمنية، لكن هذه المخاوف أيضاً لم تؤثّر على السياحة وتحديداً في الجنوب، الذي يشهد أحياناً خروقاً أمنية من اسرائيل، الا أنها لم تردع المواطنين أو حتى السياح عن التمتع بمميّزاته.

الشاليهات تعزز السياحة الداخلية

دخل الجنوب باب السياحة هذه السنة عبر الشاليهات التي حوّلتها الى سياحة داخلية، وبات الناس عموماً بمختلف توجهاتهم، يفضلون الاستجمام بخصوصية، ونجد غالبيتها “مفولة” إن كان في قضاء النبطية أو حتى على امتداد الخط الساحلي من صور الى المناطق الحدودية. واضافة الى ميزة الخصوصية تعتبر الشاليهات زهيدة نوعاً ما (يختلف سعرها وفقاً لمساحتها)، فالعائلة المؤلفة من ٥ أشخاص يكلفها الذهاب الى مطعم ١٠٠ دولار لبضع ساعات، وبالتالي تفضل استئجار الشاليه بالمبلغ نفسه وقضاء ليلة كاملة من من دون التقيّد بشروط معيّنة، فبإمكانها سماع الموسيقى بصوت عال، وتناول ما يحلو لها وقضاء وقتها كما تشاء، لتشعر أنها في منزلها بالفعل. ولا تقتصر هذه الشاليهات على العائلات وحسب، بل يقصدها أيضاً الاصدقاء لتغيير الجو أو حتى للاحتفال بأعياد الميلاد.

صور: البحر جاذب أساس

يعتبر نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي أن صور مكتفية بذاتها، ويقول: “الحمد لله عدد السياح يفوق قدرتنا الاستعابية، اذ تستقبل صور عشرة آلاف سائح كل شهر، والبحر الجاذب الأساس”.

ويشير عبر “لبنان الكبير” الى أن “عدداً كبيراً من المغتربين يؤم صور وهؤلاء عصب السياحة وخصوصاً من إفريقيا، أميركا، الخليج وهذه السنة نجد نسبة منهم من البلاد الأوروبية، اما الأجانب فموجودون بخجل باستثناء العراقيين، ولكن يمكن القول ان الوتيرة السياحية انخفضت أيام عاشوراء ما عدا ارتياد البحر، لكنها سرعان ما ارتفعت بعد انتهاء هذه الذكرى.”

ويلفت صبراوي الى أن “لا مشاريع مع وزارة السياحة، انما على صعيد البلدية فقد نظمت صور عدّة نشاطات بدءاً من فصل الربيع، مع الأنشطة الرياضية، فالسيدة مي خليل نظمت بالتعاون مع الكتيبة الايطالية نصف ماراتون شارك فيه ٧٠٠ مشترك من جنسيات مختلفة، ثم استقبلت بطولة عربية عرضت على شاشة الـlbc ، وبالتالي هذه الأنشطة لها دور كبير في تفعيل السياحة الخارجية”، موضحاً أن “السياحة في صور لا تقتصر على الرياضة فقط، اذ نظّمت البلدية مع اذاعة صوت الفرح على كورنيش المشاة الممتد من الجامعة الاسلامية حتى استراحة صور معرضاً لمدة ٨ أسابيع، وكل يوم سبت تقفل هذه الطريق ويعرض المشاركون أعمالهم اليدوية والحرفية اضافة الى المونة. كما نظّمنا مع الكتيبة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي يوماً موسيقياً ومعرضاً في ساحة القسم، وفي الأيام القليلة المقبلة سنحيي مهرجاناً لمدة ٤ أيام مقابل خيم البحر”.

ويصف صبراوي وجود السياح الأجانب من فرنسيين وهولنديين وايطاليين بأنه “خجول نسبة الى المواطنين اللبنانيين والمغتربين الذين غيّروا المعادلة”. ويضيف: “الأجانب يقصدون الآثارات وخصوصاً الملعب الروماني والمرفأ المصري، وعند تبديل الوحدات التي تحصل كل ٦ أشهر في صفوف القوات الدولية، يقوم أعضاء هذه القوات بزيارة المعالم الأثرية. اما في ما يتعلق بالمهرجانات التي كانت تنظّم سابقاً وكان المدرّج الروماني يستقبل أهم الفنانين، فهي غير موجودة هذه السنة، اذ ان اللجنة في استراحة، وفي حال قرّرت احياء حفلة ما، فتعلن عنها في آذار.”

النبطية: مشاهدة الغروب أحيت السياحة

الحصة الكبيرة جنوباً للشاليهات التي انتشرت بكثرة، تذهب الى النبطية بكل مناطقها ويختلف سعرها بحسب حجمها، انما يعتبرها المواطنون متنفساً لهم وتستقطب أبناء المنطقة من مقيمين ومغتربين، وحتى من خارج الجنوب ممن يرون فيها اكتشافاً جديداً لمنطقة جديدة.

كما أن المطاعم تكتظ بسكان المنطقة والمناطق المجاورة، اما اللافت فهو الاستراحات التي بنيت حديثاً في أعالي المنطقة، وسابقاً قبل الاستثمار كانت هذه الأراضي وجهة للمواطنين لرؤية مشهد الغروب والسحاب على علو منخفض. واليوم بعد استثمارها بات المواطن يشاهد هذا المنظر الرائع في استراحات جديدة ويمكنه قضاء الليل بكامله أو حتى المكوث الى اليوم التالي. وتقول احدى موظفات تلك الاستراحات لموقع “لبنان الكبير”: “ان السياحة فيها داخلية ووجود الأجانب ضئيل، فمعظم المواطنين والمغتربين يأتي لتمضية النهار والاستمتاع بالغروب، وبعضهم يفضّل البقاء في المكان المخصص للمنامة ولا سيما اذا كان منزله بعيداً”.

شهدنا منذ أيام قليلة اقفالاً لمطعم في النبطية لأن طعامه لا يستوفي المواصفات المطلوبة، لكن وفق أحد المواطنين، فإن “هذا الأمر لا يؤثر على السياحة، فمعظم سكان النبطية يقصد المطاعم الكبيرة أو إن أراد الخروج يتجه الى المناطق المجاورة في قضائها، كالمحميات الطبيعية والأنهر خصوصاً في الأيام الحارّة، فجميعها تتمتع بمناظر رائعة وبسحر الطبيعة والأشجار والهواء النقي.”

للسياحة بالتاكيد افادة على الصعيد الاقتصادي للدولة، وعلى الصعيد النفسي للمواطن وعلى الرغم من قوّتها هذه السنة الا أن غالبيتها بمبادرة فردية أو من البلديات ولا شأن للدولة بها، ومن الممكن أن نجد بعض المعوّقات التي تؤثر سلباً عليها كمشكلة النفايات التي حدثت في الفترة الماضية، أو الخروق الأمنية أو حتى ما حصل في مخيم عين الحلوة، ولكن تبقى عبارة “الا اذا” تتردد على لسان الوافدين، خوفاً من تكرارها، الا أن الجنوب آمن حتى الآن وأهلاً وسهلاً بالزوار.

شارك المقال