هل يتكرر مسلسل الهزات الأرضية في لبنان؟

راما الجراح

حينما بدأت الأرض تهتز بشدة في شهر شباط الماضي، ظنّ اللبنانيون أنه يوم القيامة، وأننا على موعد مع دمار ودماء على غرار ما حصل في تركيا وسوريا، وعمد كثيرون الى الهرب إلى الشارع على سبيل النجاة من الموت. اليوم ومع تداول عدد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً مفادها أنهم يشعرون بهزات أرضية بين فترة وأخرى، عاد شريط زلزال شباط ليمر في أذهاننا، والتخوف هذه المرة من الخطر الأكبر.

تزامناً مع انتشار هذه الأخبار، أصدر عالم الزلازل التركي المعروف ناسي جورور، الذي تنبأ بزلزال شباط، تحذيراً صارخاً بشأن احتمال وقوع زلزال مدمر في إسطنبول قد يتسبب بوفاة ما يصل إلى 2.5 مليون شخص. وصرّح وزير البيئة والتخطيط العمراني وتغير المناخ التركي محمد أوزهاسكي، بأنه سيبدأ العمل في الأسبوع المقبل على خطة التحول الحضري لـ 1.5 مليون مبنى في إسطنبول، بالتزامن مع المخاطر التي تواجهها هذه المباني جراء الزلزال المتوقع.

الخبير الجيولوجي سمير زعاطيطي استنكر الأخبار الكاذبة والتهويل الذي لا أساس له من الصحة، وخصوصاً ما تداوله ناشطون عن هزات تضرب الساحل اللبناني، وقال في حديث لـ “لبنان الكبير”: “وصلنا خبر أن بعض الناس شعر بهزة أرضية على الساحل اللبناني، يعني أن الاعلام نقل الخبر عن الناس في الوقت الذي نملك مرصداً للزلازل ويجب أن نأخذ الخبر الأكيد منه وأن لا نصدق الاشاعات، فالكلام المتداول بين الناس لا يمكن البناء عليه ونحن في بيروت لم نشعر بشيء ولم يصدر عن المرصد أي خبر، أي ليست هناك هزات أبداً”.

أضاف: “نظرية الصفائح التكتونية تقول ان الزلازل والبراكين على حدود الصفائح، وخط الأناضول هو خط تصادم بين الصفيحة العربية والصفيحة الأوراسية (أوروبا وآسيا) وتركيا جزء منها، والصفيحتان مقابل بعضهما تماماً وعندما ترتطمان ترتفعان ومن هنا نشأت جبال الأناضول التي تفصل شمال سوريا عن الجنوب التركي ومسافتها أكثر من ١٠٠٠ كم، تدخل من شاطئ البحر المتوسط إلى حدود إيران وهذا الحد الفاصل بين الصفيحة العربية والأوراسية وهو ناشط زلزالياً، ولكن لا يمكن لأحد أن يتنبأ متى وأين ودرجة قوته نهائياً. وبالنسبة إلى اسطنبول والتوقعات بزلزال قوي سيؤثر على المنطقة فهي أساساً بعيدة عن هذه الصفيحة والنشاط الزلزالي خفيف جداً”.

أما بالنسبة الى نظرية الصفائح التكتونية، فأوضح أن “المحيط الأطلسي يتوسع بعدما بدأ الانشقاق يحصل بين أميركا وأوروبا وإفريقيا، ومن هنا نشأت نظرية الصفائح التكتونية، والتي تؤكد أن سطح الكرة الأرضية ليس جزءاً أو طبقة واحدة بل عبارة عن عدة أجزاء قاسية تشكل القارات وقعر المحيطات ونسميها القشرة الأرضية وتتحرك بالنسبة الى بعضها البعض، إما تتقارب أي تصطدم ببعضها كالصفائح العربية والأوراسية، أو تتباعد كالأطلسي، أو كاليمونة سهل البقاع يصعد وجبل لبنان ينخفض. كل الزلازل والبراكين تنشأ عند حدود الصفائح وليس داخلها، مثلاً اسطنبول بعيدة عن الحدود بدليل أننا شعرنا بزلزال غازي عنتاب بقوة ٥ درجات بينما في اسطنبول لم يشعروا به”. واعتبر أن “كل التوقعات حول هذا الموضوع بالنسبة الى تركيا هي سياسية وليست جيولوجية”.

“أستطيع أن أتوقع الزلزال مثلاً في اليابان لأن الخط نشط كثيراً وكل يوم يضرب المنطقة زلزال تقريباً، ولكن لا أستطيع تحديد التوقيت ولا مدى قوة الزلزال الذي سيضربها أبداً” بحسب زعاطيطي، الذي أكد أن “هناك طاقة معينة في باطن الأرض لا أحد يستطيع أن يُخمّن مدى قوتها ومتى ستخرج. ما يحصل تهويل وإثارة ونقل لأخبار ليست من مصادر موثوقة، وهذا تضليل ويجب محاسبة مَن يتسبب بهذه الاشاعات التي تثير المخاوف بين الناس”.

ولفت الى أن “الصفيحة العربية وإفريقيا كانا منذ زمن طويل سطحاً واحداً، وحصل تشقق ودخلت مياه المحيط الهندي في هذا الفراغ الذي نتج عنه اليوم البحر الأحمر. وتشقق البحر الأحمر، قابله تشقق قاري من العقبة في الأردن، إلى وادي عربة في فلسطين، في البحر الميت، وفي سهل البقاع عند فالق اليمونة، الذي يستمر إلى الأراضي السورية، والنقطة الأخيرة يصطدم بجبال طوروس. هذا الخط الزلزالي يمثل الحد الشرقي للصفيحة العربية، والزلازل الكبيرة تحصل في جبال طوروس، وفي لبنان زلازلنا خفيفة لا تؤدي إلى دمار وخسائر كبيرة، لأن منطقتنا بعيدة عن نقطة الاصطدام في طوروس”.

وتابع: “لبنان على حدود شبه الصفيحة المشرقية التي تمتد من شبه جزيرة سيناء، جزء من فلسطين، والجزء غرب فالق اليمونة وصولاً إلى جبال طوروس وهي التي يتأثر بها الساحل اللبناني، وحدود الصفيحة العربية التي تمتد من اليمونة، السفح الشرقي لجبل لبنان والبقاع ويتأثر بها سهل البقاع وجبل لبنان، وكل هذه المعلومات استناداً إلى دراسات فرنسية في المؤسسة الباريسية لعلوم فيزياء كوكب الأرض التي تعتبر من أهم المعاهد التي تعمل على الزلازل وعلم التكتونيك في منطقة حوض البحر المتوسط. للأسف نحن نعيش بين كل مشكلاتنا في لبنان في ضياع كبير، لذلك أتمنى من الجميع التأكد من الخبر قبل نشره وإثارة الرعب”.

شارك المقال