“أسبوع سينما المكفوفين”… طرابلس مساحة ثقافية للجميع

عامر خضر آغا

أبصرت سينما “أمبير” النور في طرابلس العام الماضي، بعد أن كانت مغلقة لثلاثة عقود ليعاد افتتاحها بمبادرة من المخرج المسرحي والفنان قاسم اسطنبولي وجمعية “تيرو” عبر تأهيل المبنى التراثي للسينما كي يستقبل عروضاً مسرحية وعروض أفلام وورش تدريب مسرحية تميزت عن العروض السينمائية الحديثة كونها تهدف إلى التعريف بالارث الثقافي للمدينة، وتسليط الضوء على معالم ثقافية في الذاكرة الطرابلسية وعلى الأوضاع الاجتماعية في لبنان عموماً بعيداً عن الأطر السياسية والدينية.

تقيم جمعية “تيرو” في 22 آب الجاري “أسبوع سينما المكفوفين” في “المسرح الوطنيّ اللّبنانيّ المجاني” في مدينة طرابلس، وتحت شعار “السينما للجميع” من خلال عرض أفلام قصيرة بالوصف الصوتي والتي تتيح للمكفوفين وضعاف البصر حضور الأفلام بغية مساعدتهم على مشاهدة أفلام السينما باستمرار، وهي الخطوة الأولى من نوعها في طرابلس، وتعرض الأفلام بالمجان للجمهور إضافة إلى ما سبقها من عروض الأفلام والمهرجانات والورش التدريبية المجانية.

وأشار المخرج اسطنبولي لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هذه المبادرة تمت بتواصل جمعية لرعاية المكفوفين مع جمعية تيرو لإشراكهم في الأفلام السينمائية، فأتينا بأفلام خاصة لهم بالتعبير الصوتي وستكون هناك أفلام للصم والبكم لأنَّ السينما هي لكل فئات البشر ورسالتها ليست قائمة على التمييز”.

وأوضح أنَّ شعار “طرابلس عاصمة الثقافة العربية 2024” أصبح حقيقة، والمهرجان الحالي لهذه السنة يستضيف عروضاً مسرحية للعديد من الفنانين العرب والأجانب ما أسهم بصورة ملحوظة في إبراز صورة طرابلس الحضارية المنفتحة ولا سيما على المسرح والسينما منذ القدم وحتى اليوم، وجميعة “تيرو” أعادت احياء هذه الروحية بإرادة ناسها وعزم فريقها على خلق مساحة وطنية مشتركة وسياحة ثقافية واقتصادية بتهافت الناس من مختلف المناطق اللبنانية على المدينة، لافتاً الى أن “هذا المهرجان سيكون مفتوحاً لأهل طرابلس بالورش والندوات والعروض بالمجان إضافةً إلى عروض أخرى ستُقام في ساحة التل ما نشَّط نبض طرابلس التي تعتبر جزءاً من هوية المدينة كمساحة ثقافية للجميع”.

سطع نجم جمعية “تيرو” بإدارة مخرجها قاسم إسطنبولي في طرابلس بعد أن برعت في تقديم العديد من العروض المسرحية والسينمائية بصورة يومية ولكل الفئات العمرية التي استطاعت أن تلامس مشاعر روَّاد “أمبير” وتدهشهم في التجسيد العميق للأحداث التاريخية الخاصة بالمدينة ولمعاناتها المريرة، من تداعيات الأزمات التي تمر بها البلاد بحس فكاهي اكتنفه شغف كبير في أداء فني لم تغب فيه أحاسيس فياضة معبرة عن معاناة المدينة وإرثها المميز في آنٍ معاً. وأهم تلك العروض “مهرجان لبنان السينمائي الدولي للأفلام القصيرة في طرابلس” و”حكايات التل” و”حامل ع الألف وخمسة”.

واعتبر المخرج المسرحي بشير ضيقا في حديث لـ “لبنان الكبير” أنَّ “من غير المستغرب أن تكون طرابلس مدينة منفتحة على الفن، فنسبة ملحوظة من فناني لبنان هم طرابلسيون أبدعوا في مجال الفن والمسرح والسينما وهناك عشرون داراً للسينما في المدينة، وما قام به المخرج والفنان قاسم اسطنبولي عمل جريء وخطوة رائدة لفتت الأنظار الى أهمية وجود دور السينما والمسرح لأنها جسرٌ للتواصل الحضاري والثقافي بين الشعوب تعرض مختلف أعمال الفنانين حول العالم ما يكسب المدينة ابداعاً كبيراً في هذا المجال”.

وأكد أن “المشكلات التي تعاني منها دور السينما والمسارح في المدينة هي الاهمال الفاضح في التجهيزات والموجودات التي لا تستطيع أن تدعم بما فيه الكفاية المواكبة العصرية والحديثة للأعمال السينمائية والمسرحية، كما أنَّ دور المسارح والسينما في لبنان لم تعد تستقطب كل الفئات العمرية فهي باتت موجهة الى فئات محددة يتخللها الكثير من الأحيان ما يخدش الحياء، إلا أنَّ اسطنبولي قام بعمل فني هادف فاستطاع أن يعيد بعمل مهم تأهيل صالات سينما أمبير وجذب كل فئات الناس الى أعمال تحاكي تجارب الواقع وتعبّر عن أحوال الكثير منهم”.

شارك المقال