الطب التقليدي بين الاهتمام والخوف… البحث عن الاستخدام الآمن

تالا الحريري

لطالما كان يعتمد على الطب التقليدي قديماً، قبل ظهور الدراسات وتطور الطب الحديث، واللجوء الى الأعشاب الطبيعية والخلطات المتنوعة لا يزال من الأساليب المستخدمة حتى اليوم في الكثير من البيوت لأسباب عدة، فمنهم من يؤمن بقدرتها على الشفاء بدلاً من الأدوية التي قد يؤدي معظمها إلى نقص المناعة، وبعضهم بسبب عدم امتلاكه المال لشراء الأدوية أو الدخول إلى المستشفى.

ولكن عدم معرفة كيفية استخدام الطب التقليدي بالشكل والوقت الصحيحين قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، لذلك ينصح دائماً باستشارة خبير اذا كانت الغاية اللجوء إلى العلاج به.

يعود تاريخ دراسة الأعشاب إلى السومريين القدماء ما قبل 5000 عام، كما أن من المعروف عن الطب المصري القديم الذي يعود إلى عام 1000 قبل الميلاد استخدامه أنواعاً متعددة من الأعشاب في الطب.

وافتتحت منظمة الصحة العالمية قمتها الأولى حول الطب التقليدي منذ يومين، وسط السعي المعلن من الهيئة التابعة للأمم المتحدة إلى جمع أدلة وبيانات للسماح بالاستخدام الآمن لمثل هذه العلاجات.

وقالت الوكالة الصحية التابعة للأمم المتحدة إن الأدوية التقليدية تشكّل “الملاذ الأول لملايين الناس في جميع أنحاء العالم”، مع انطلاق القمة التي تجمع في الهند بين صّناع القرار والأكاديميين بهدف “حشد الالتزام السياسي والتشجيع على عمل قائم على الأدلة” تجاه هذه العلاجات.

وقال رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أثناء افتتاح القمة: “تعمل منظمة الصحة العالمية على جمع الأدلة والبيانات لتوجيه السياسات والمعايير والقواعد الخاصة بالاستخدام الآمن والعادل والفاعل من حيث التكلفة للطب التقليدي”.

وكان تيدروس حذر في وقت سابق من أن الطب التقليدي يمكن أن يعزز “فجوات الوصول” إلى الرعاية الصحية، لكنّه لن يكون ذا قيمة إلا إذا استُخدم “بشكل مناسب وفاعل وقبل كل شيء، بأمان استناداً إلى أحدث الأدلة العلمية”.

لكن علاجات تقليدية عدة تفتقر إلى أي قيمة علمية مثبتة، فيما يقول ناشطون في مجال الحفظ إن القطاع يدفع باتجاه تعزيز الاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض، بما في ذلك النمور ووحيد القرن وآكل النمل الحرشفي، وتهدد بقاء أجناس برمّتها.

وفي الصين، للطب التقليدي تاريخ طويل، لكنّ الهيئات الطبية الأوروبية الكبرى طلبت في السابق إخضاعه لمبادئ الإشراف التنظيمي نفسها مثل الطرق الطبية التقليدية.

وأشار أحد العطارين القدامى في منطقة طريق الجديدة لـ”لبنان الكبير” إلى “أهمية بعض الاعشاب والزيوت في معالجة الكثير من الأوجاع والكدمات والجروح. فالكثيرون من الناس يتجهون الى غلي الأعشاب أو شرب أنواع معينة من الزيوت من أجل معالجة الاسهال أو وجع المعدة ومنهم من يستخدمها لتحسين الهضم لديه. كما تعالج مشكلات وجع الصدر وضيق التنفس وألم المفاصل وغيره”، لافتاً إلى أنّ “الاستغناء عن الأدوية والأطباء في معالجة الأمراض الخطيرة غير ممكن، ولكن في بعض الأحيان يمكن للطب التقليدي أن يفي بالغرض ويعالج المشكلة إن لم تكن مستعصية”.

أضاف: “يمكن أن نرى فائدة الأعشاب والزيوت في الحياة العادية، فهناك الكثير من الفتيات اللواتي يطبقن الخلطات الطبيعية على أجسامهن ووجوههن لما لها من تأثير ايجابي، لكن مع ذلك لا يمكن التخبيص في استخدام هذه الأعشاب، فربما يؤدي خلط شيء بشيء آخر إلى تفاعلات ويؤذي داخلياً أو خارجياً”.

وأوضح الممرض بسام أنّ “هناك الكثير من الأدوية التي تدخل فيها الأعشاب وفي بعض الأحيان نرى أنّ الصيادلة ينصحون المريض بشرب شيء معين ليتعافى بحيث لا يكون بحاجة الى أي دواء. والكثير من البلدان لا تزال تستخدم حتى الآن الأدوية العشبية في رعايتها الصحية، لكن المضاعفات قد تكمن في الاستخدام العشوائي أو استخدام منتجات غير ملائمة أو مواد غير طبيعية 100%. ومع تطور الطب أكثر فأكثر والدراسات التي تحصل بصورة مستمرة من الممكن أن يدخل الطب التقليدي بالطب الحديث في المستقبل”.

ومن بين الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194، اعترفت 170 دولة باستخدامها الطب التقليدي والتكميلي منذ العام 2018، لكن 124 دولة فقط أبلغت عن وجود قوانين أو قواعد لاستخدام الأدوية العشبية، بينما كان لدى نصفها فقط سياسة وطنية بشأن مثل هذه الأساليب والأدوية.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن العلاج “الطبيعي لا يعني دائماً أنه آمن، ولا تُعدّ قرون من الاستخدام ضماناً للفاعلية؛ لذلك، يجب تطبيق الطريقة العلمية والعملية لتقديم الأدلة الدقيقة المطلوبة”.

هناك حوالى 40% من المنتجات الصيدلانية المعتمدة المستخدمة حالياً مستمدة من “أساس منتج طبيعي”، وفق منظمة الصحة العالمية التي تستشهد في هذا الاطار بـ”عقاقير بارزة” مشتقة من الطب التقليدي، بما فيها الأسبرين، قائمة على تركيبات تستخدم لحاء شجرة الصفصاف.

شارك المقال