أعلى عدد بقع شمسية منذ 20 سنة… هل من خطر على الأرض؟

تالا الحريري

أظهرت بيانات من الإدارة الوطنية الأميركية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن عدد البقع الشمسية حالياً أعلى مما كان عليه منذ أكثر من 20 عاماً. ونظراً الى أن تواتر البقع الشمسية مرتبط بالنشاط الشمسي، هناك أيضاً العديد من العواصف الشمسية، والتي يمكن أن تمثل أمراً حساساً لكوكب الأرض بناء على اتجاهها. ما تأثير ذلك على الأرض؟ وهل من الممكن أن يؤدي إلى توهج شمسي؟

تحدث التوهجات الشمسية عندما تتشابك خطوط المجال المغناطيسي داخل الشمس وحولها، ويمكن أن تؤثر على المجال المغناطيسي للأرض مع احتمال إتلاف الأقمار الصناعية ومعدات الاتصالات، وفقاً لما ذكرته إدارة الطيران والفضاء الأميركية “ناسا”.

وتتشكل البقع الشمسية على سطح الشمس بسبب خطوط المجال المغناطيسي القوية القادمة من داخل الشمس التي تخرق السطح وتظهر بصورة واضحة على أنها بقع داكنة مقارنةً بمحيطها. يمكن أن تصبح هذه البقع الشمسية أكبر بعدة مرات من الأرض ودائماً ما تكون مظلمةً لأنها أكثر برودة من سطح الشمس المحيط بها. ويمكن أن تصل درجة حرارة البقع الشمسية الكبيرة إلى 3700 درجة مئوية.

التوهجات الشمسية في الأساس انفجارات عملاقة تطرأ على سطح الشمس، مطلقة كمية من الطاقة تعادل ملايين القنابل النووية التي تنفجر في وقت متزامن. ويحتمل أن يؤدي النمو السريع للبقعة الشمسية إلى زعزعة استقرار مجالها المغناطيسي، ما يؤدي إلى توهجات أقوى.

وقال مدير معهد “ماكس بلانك” الألماني لأبحاث النظام الشمسي (MPS) سامي زولانكي: “من المحتمل أن يكون هناك المزيد من العواصف الشمسية في السنوات المقبلة. وتحدث البقع الشمسية بصورة متكررة في دورة مدتها أحد عشر عاماً تقريباً”.

وحسب بيانات (NOAA)، فإن الشمس حالياً في الدورة الشمسية الـ25، وقد تجاوز عدد البقع الشمسية بالفعل الحد الأقصى للدورة السابقة. فيما أوضح زولانكي أن “عدد البقع الشمسية في جميع الدورات الشمسية لا تزال في نطاق متوسط”.

ووفقاً لوكالة الفضاء الأوروبية (Esa)، كلما اكتشف الخبراء المزيد من البقع الشمسية، زادت احتمالية حدوث توهجات شمسية، ويمكن أن تتطاير خلال ذلك جزيئات عالية الطاقة بأبعاد تصل إلى عشرات المليارات من الأطنان في الفضاء، كما يمكنها الوصول إلى الأرض، التي تبعد عن الشمس حوالي 150 مليون كيلومتر، في غضون ساعات.

وأشار زولانكي إلى أنّ “هذا يمكن أن يؤدي إلى أشياء جميلة مثل الشفق القطبي، لكن أيضاً إلى إتلاف أقمار اصطناعية وانهيار شبكات الطاقة. لقد حدث ذلك من قبل، في الغالب على خطوط عرض أعلى قليلاً. لكننا لم نشهد عاصفة شمسية كبيرة حقاً خلال الأعوام الـ 150 الماضية، ما يعني أن الأمور يمكن أن تزداد سوءاً”، لافتاً إلى أن “التوهجات الشمسية الكبيرة نادرة الحدوث”.

وشرح المتخصص في الأحوال الجوية الأب ايلي خنيصر لـ “لبنان الكبير” معلومات كان نشرها سابقاً متعلقة بهذا الموضوع، قائلاً: “اعتمد مراقبو الشمس والمناخ في ناسا من خلال دراساتهم التي تتنبأ بدخول الأرض في عصر نصف جليدي على نشاط الشمس الذي يتميز بكثرة البقع الشمسية التي يتدفق منها اللهب في الفضاء، فتتأثر الأرض بحرارتها. والجدير ذكره أنّ حرارة هذه البقع تكون أخف من حرارة سطح النجم الشمسي، ويصل أحياناً حجم البقع السوداء إلى حجم الأرض أو ضعف حجمها”.

أضاف: “يمر النشاط الشمسي في فترة هدوء تتراوح بين 10 سنوات و15 سنة كل 100 عام تقريباً، ويتراوح عدد البقع الشمسية عندما تكون الشمس في أوج نشاطها بين 200 و300 بقعة سوداء في الشهر وحين يهدأ ثورانها تنخفض الى ما دون الـ200 فتتأثر الأرض ببرودة في الطقس. ومن خصائص هذه البقع أنها غير ثابتة تغير مكانها وتتنقل باستمرار على سطح النجم”.

وأشار خنيصر إلى أنّ “الأرض دخلت في عصور نصف جليدية لثلاث مرات منذ العام 1750، فانخفضت الحرارة وتحول الطقس الى قطبي وغطى القطب الشمالي، أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا فكثرت العواصف الثلجية وتجمدت مياه البحيرات والأنهر والمستنقعات بسبب تدني درجات الحرارة التي لامست الـ60 تحت الصفر وهذا ما شهدناه في شتاء 2017 في روسيا”.

شارك المقال