“فخ” عروض محطات البنزين بين التوفير والتصليح

راما الجراح

لافتات وعروض أمام محطات تعبئة الوقود في لبنان تُبشر المواطن الفقير بحسومات على صفيحة البنزين تصل إلى ٣٠٠ ألف ليرة. منذ سنتين كنا نرى طوابير الذل أمام المحطات بسبب أزمة البنزين بالاضافة إلى عروض “مغرية” كربح غسيل سيارة مجاني مع كل تنكة بنزين، وسياسة تجميع النقاط وغيرها، أما اليوم فتطورت كل هذه العروض بوجود كميات كافية من المحروقات في السوق بحيث هناك تخفضيات على سعر الصفيحة بعدما أصبح المواطن مضطراً الى دفع ثلث راتبه بدل مواصلات أو لتعبئة سيارته بالوقود، وكأنها هدية ينتظرها من دون حتى التفكير في ما إذا كانت المواد مغشوشة أم لا.

اليوم وعلى الرغم من أنّ سعر تنكة البنزين لا يزال مرتفعاً ويبلغ مليوناً و٧٠٠ ألف ليرة تقريباً، أي حوالي ١٨ دولاراً، ومقبولاً في الوقت نفسه مقارنة بالدول العربية التي تنتج النفط وتصدره إلى الخارج، إلا أن عروض ما بعد العام ٢٠١٩ وأزمة المحروقات عادت وبقوة مع لافتات وحسومات على التنكة بالاضافة إلى تقديم هدايا، فهل ما يحصل يدل على أن المحروقات الموجودة غير مطابقة للمواصفات ويريدون التخلص منها بهذه الطريقة أَم أن القطاع بخير وعاد إلى أيام العز؟ وماذا وراء الخبر الذي تم تناقله حول طلب وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض عدم فحص الفيول ومراقبته؟

أوضح المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لـ “لبنان الكبير” أن “الفيول يخضع لفحوص من وزارة الطاقة قبل وصوله إلى السوق، ونعم وصلتنا شكاوى عدة، وقمنا بأخذ عينات من ٥ محطات لتعبئة الوقود للتأكد من الموضوع وكانت المواد مطابقة للمواصفات، وعندما تصلنا أي شكوى نتابعها بدقة، وصلاحية الفيول المغشوش قبل أن يوضع في المحطات هي من مهمة وزارة الطاقة طبعاً”، مؤكداً أن “كل العينات التي قمنا بها كوزارة اقتصاد على المحطات كانت مطابقة ونحن مستعدون لمتابعة أي شكوى من أي شخص تجاه أي محطة على صعيد لبنان”.

وفي هذا الاطار، أكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ “لبنان الكبير” أنه “لا يمكن تنزيل أي نوع من المحروقات من باخرات الفيول قبل أخذ عينات وفحصها للتأكد منها. ويمكن أن يكون قرار وزير الطاقة بعدم فحص الفيول بعد الآن يتعلق بالطاقة وأزمة الكهرباء، أما بالنسبة الى البنزين والمازوت أي المحروقات تحديداً للمحطات فلا يمكن إدخالها قبل فحصها بصورة دقيقة وتكون مطابقة للمواصفات اللبنانية، لذلك كل المحروقات المستوردة مطابقة ١٠٠٪. وبالنسبة الى العروض لدى بعض محطات البنزين فهي لجذب الزبائن فقط، وليس بسبب ما يُشاع عن أن هناك محروقات مغشوشة في السوق”.

أضاف: “هناك حرية لدى كل صاحب محطة في وضع عروض تناسب وضعه، وليس مقبولاً ربطها بنوعية المحروقات المستوردة، وأنا أؤكد للجميع أن كل المحروقات الموجودة في السوق خضعت لفحوص كاملة ومطابقة للمواصفات، وسمعت من كثيرين جملة البنزين عم يتبخر، ولكن برأيي الشخصي الأموال في جيوبنا هي التي تتبخر وليس البنزين وغيره، ففي السابق كان اللبناني يفوّل ولا يشعر لا بالسعر ولا بالصرف، أما اليوم فالتنكة الواحدة أصبحت موجعة للجميع”.

وشككت مصادر مطلعة على ملف المحروقات في نية أصحاب المحطات وضع تخفيضات يمكن أن تتعدى حد هامش الربح المعروف منذ الأزمة، معتبرة أن “هناك احتمالين: الأول أن تكون عند بعض محطات تعبئة الوقود فعلاً خفيفة وتحتاج الى مثل هذه العروض وهذا مستعبد نوعاً ما لأن غالبية المحطات تقع في أماكن لا يمكن الاستغناء عنها، أو أن هناك محروقات مغشوشة يريدون التخلص منها بهذه الطريقة وهذا الموضوع يستدعي رقابة سريعة من وزارة الاقتصاد على نوعية الفيول لما يتسبب به من أعطال وأضرار مفاجئة في السيارات”.

قد تكون هذه العروض “محرزة” للبعض، ومفيدة جداً خصوصاً في ضوء الصعوبات المالية والمعيشية التي يعاني منها أكثر من ٨٠٪ من المواطنين في لبنان، ولكن أي ضرر قد يصيب السيارة أيضاً تكلفته “محرزة”، لذلك، مهما كانت العروض “مغرية” يستحسن أن نعبئ سياراتنا من محطات موثوقة وملتزمة بجداول أسعار وزارة الطاقة، وعدم الوقوع في “فخ” العروض، وإلا الـ ٢٠٠ ألف ليرة توفير قد تُكلفنا ٢٠٠ دولار تصليح!

شارك المقال