رحلة البحث عن كتاب و”مريول” مستعمل… عام دراسي بما تيسر!

راما الجراح

على أبواب العام الدراسي الجديد، بدأت عملية البحث عن المستعمل من كتب وزي مدرسي “مريول”، و”ترقيع” ما يمكن من الشنط والحقائب. التكاليف باهظة جداً، ومكتبات بيع الكتب المدرسية تشهد تهافتاً كبيراً على طلب الكتب المستعملة في حالة جيدة، أما أسعار القرطاسية فباتت ترهق الأهالي وأصبح تجميع الأقلام القديمة من الرصاص والحبر الأزرق، وكل ما هو موجود من مساطر وممحاة أو مبراة في المنازل يساوي كنزاً عند أصحابها لأنه يخفض تكلفة الفاتورة في المكتبة، وكأن رب الأسرة لا ينقصه الا فواتير إضافية لمدرسة أولاده بعد إرتفاع الأقساط في المدارس بصورة خيالية.

توضح سهام، والدة ملاك وفاطمة، أنها بعد أن كانت تشتري كتباً جديدة كل عام لطفلتيها في الصف الأول والثاني أساسي، تضطر اليوم الى إعطاء كتب فاطمة (الابنة الكبيرة) لأختها ملاك ولو أن حالتها ليست جيدة بما يكفي، لتوفير التكلفة، بحيث بلغت أسعار الكتب الجديدة ١٠٠ دولار أميركي للطالب الواحد في هذه المرحلة، كما اضطرت الى بيع كل كتب ملاك (الابنة الصغيرة) المستعملة ولكن مقابل ٧ دولارات فقط، أي ما يساوي سعر كتاب واحد.

الأسعار خيالية و”كله بالدولار”، لم تعد هناك أي قيمة لليرة اللبنانية بالنسبة الى شراء اللوازم المدرسية، وبين مطرقة الأقساط وسندان متطلبات السنة الدراسية، يئن الأهالي من وجع التعليم هذا العام، وارتفاع فاتورته من دون أي مساندة ومساعدة، وسط جشع المدارس الخاصة وتراجع المدرسة الرسمية وإضراباتها المتكررة، بحيث اختارت نسبة كبيرة من الأهالي تسجيل أولادها في المدرسة الخاصة خوفاً من ضياع مستقبلهم،. وبعدما جارت عائلات كثيرة على نفسها وتحملت عناء تكاليف الأقساط التي تُقسط على مدار العام الدراسي، تواجه استحقاقات أخرى على قدر أهمية رسوم التسجيل تتمثل بالكتب والقرطاسية والزي المدرسي وبدلات النقل.

حالة أم بسام وهي أم لثلاثة أولاد في مختلف الحلقات التعليمية لا تختلف عن حالة سهام، وقد بدأت رحلة البحث عن أرقام هواتف الأهل الذين لديهم كتب لصفوف أبنائها كي تشتريها منهم. وتقول لـ”لبنان الكبير”: “التكلفة هذا العام مقارنة مع الراتب باهظة جداً ومرتفعة عن الأعوام الماضية بصورة كبيرة، قمت بنقل أولادي الثلاثة إلى مدرسة خاصة أقرب إلى منزلي لتخفيف تكلفة أجرة النقل، ووصل مجموع أقساطهم إلى ٢٧٠٠ دولار واتفقت مع المدرسة على التقسيط شهرياً، حتى أنني أحاول تأمين زي مدرسي مستعمل لهم من مراويل وغيرها من خلال إتصالي بعدد من الأهالي الذين أعرفهم والقيام بجولة على بعض الخياطين في المنطقة، لأنني وزوجي للأسف لن نستطيع تحمل كل هذه الأعباء دفعة واحدة، وهمنا الوحيد مستقبل أولادنا وأن يتلقوا تعليمهم بصورة سليمة”.

يؤكد محمد عبد الرحيم، وهو صاحب سلسلة باصات مخصصة لنقل الطلاب أن “الأسعار لم تتغير عن العام الماضي ولكن الفروق يشعر بها الأهالي بسبب فرق الدولار. نحن كسلسلة باصات خاصة تعتبر أسعارنا أرحم بكثير من الباصات الخاصة حصراً بمدارس معينة، بحيث تضطر إلى الالتزام بقرارات المدرسة نفسها، أما أسعارنا فهي حرة ونتحكم بها كما نشاء. على سبيل المثال من منطقة إلى منطقة مجاورة الأجرة الشهرية تساوي ٢٥ دولاراً للولد الواحد فقط، وكلما بعدت المسافة زادت الأجرة، ولكن الحد الأقصى الذي نضعه اليوم على الولد هو ٥٠ دولاراً شهرياً، مع العلم أن أسعارنا كانت أغلى بكثير ولكن بحسب الدولار أصبحت أرخص. يمكن اعتبار أننا لا نزال في ذروة الأزمة، الأهالي يمتعضون من الأسعار على الرغم من أنها مقبولة جداً مقارنة بغيرها ولكن الضغوط المادية أوصلتهم إلى هنا”.

ويشير الى أن “وسيلة النقل الجديدة توك توك أثّرت على عملنا بصورة كبيرة، وعلى الرغم من أنها وسيلة غير آمنة إلا أن هناك نسبة لا يستهان بها من الأهالي فضّلت التعاقد معهم طيلة العام الدراسي لأن أسعارهم أرخص من الباصات بكثير. للأسف الحاجة أجبرت الناس على القبول بأمور ولو اعتبرت خارجة عن المألوف لتسيير أمورها والله يعيننا”.

أما بالنسبة الى القرطاسية والمستلزمات المدرسية فحدث ولا حرج، ويلفت بسام بري، صاحب “مكتبة سمير” – شتورا، الى أن “الناس تشتري القرطاسية وكل ما يلزم للمدرسة بصورة عادية وبالدولار، لكنهم مرغمون على ذلك ومستاؤون من كثرة الدفع، فالأسعار لم ترتفع ولكنها تغيرت على الناس بسبب أزمة الدولار، فالولد الواحد إذا أراد الأهالي تجهيزه بقرطاسية على الخفيف ستكون الفاتورة أقله ٥٠ دولاراً ما عدا شنطة المدرسة التي لا يقل سعرها عن ٣٠ دولاراً. أما بالنسبة الى الكتب، يلي معه مصاري ويلي ما معه الجميع يشتري كتباً مستعملة، وطبعاً حالة الكتب جيدة جداً، ونحن نشتري كتباً مستعملة وجديدة، ولكن اليوم الفرق بينهما يساوي نصف المبلغ، أي فاتورة الكتب الجديدة يمكن أن تكون بين ١٠٠ و١٥٠ دولاراً، ويمكن توفير نصف هذا السعر بشراء الكتب المستعملة”.

شارك المقال