العام الدراسي الجديد مهدد… انطلاقة بين التعثر والوعود

راما الجراح

ينطلق العام الدراسي في التعليم الرسمي في التاسع من الشهر المقبل بعد ارجاء وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي موعد الأعمال الادارية التحضيرية إلى ٢٥ أيلول الجاري بدلاً من ١٤ منه إثر اجتماع بينه وبين روابط التعليم. هذا التأجيل كان وقعه على الأساتذة طبيعياً، على اعتبار أنهم اعتادوا هذه التصرفات منذ أربع سنوات بحيث اتبعت الطريقة نفسها ولكن بأسلوب مختلف. وبإجماع غالبية الأساتذة في قطاع التعليم الرسمي، هناك تخوف كبير من أن يعود سيناريو الاضرابات منذ بداية العام إذا بقيت الأمور على حالها من دون أي ضمانات تذكر في ما يخص رواتبهم.

أشار مصدر تربوي خاص لموقع “لبنان الكبير” الى أن تأجيل وزير التربية موعد لقاء روابط التعليم حتى عشية انطلاق العام الدراسي “يعني أنه سيضعهم تحت الأمر الواقع وزيادة الضغط عليهم للقبول بأي عرض يمكن أن يقترحه، ولكن حتى لو قبلت الروابط بالوعود المتكررة فهذه مصيبة، لأننا سنشهد بعد أشهر معدودة إضرابات وإغلاقاً للمدارس الرسمية، وفي حال رفضت ولم تكن في جعبة الحلبي أي ضمانات فالمصيبة أكبر، ما يعني أن العام الدراسي لن يبدأ”.

بعد محاولات عدة للاتصال بوزير التربية واستيضاح الأمور أكثر، استطعنا التواصل مع مصدر خاص من الوزارة أكد أن “لا دعم بالعملة الأجنبية للأساتذة، والسلفة المالية الحكومية لوزارة التربية التي تبلغ خمسة آلاف مليار ليرة لن تُحوّل إلى دولارات، بل ستبقى بالعملة الوطنية، وتُدفع للأساتذة على هذا الأساس وهي ليست مخصصة للتعليم الثانوي والأساسي وحسب، بل سيدفع منها لأساتذة التعليم المهني والجامعي، ومن المتوقع أن لا تكفي أكثر من ثلاثة أشهر، وليس أمامنا خيار سوى الانتظار. نعم هناك انطلاقة مؤكدة للعام الدراسي الشهر المقبل ولكن نجهل ما ينتظرنا في الأشهر المقبلة وكلامي لا يخفى على أحد”، آملاً “أن لا يتعثر هذا العام وأن لا نواجه صعوبات مع الأساتذة، فمعالي الوزير يحاول بكل إمكاناته تأمين رواتب وضمانات مرضية لهم”.

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” قال المستشار التربوي علي أبو ياسين: “واضح تماماً منذ البداية من خلال التأجيل أن هناك تعثراً في التحضيرات للعام الدراسي الجديد. حتى الآن هناك أساتذة متعاقدون وآخرون يستعان بهم لم يتقاضوا كامل حقوقهم عن العام الماضي، وبالتالي الأساتذة الذين تقاضوا فقط ثلاثة رواتب مع بداية شهر أيلول لا تعادل الـ ١٠٠ دولار، وكل رواتبهم المتبقية لا تزال غير مقبوضة، يمكن أن نواجه صعوبات لديهم في العودة إلى التعليم في مدارسهم”.

وعن السيناريو المحتمل، توقع “أن تقدم مغريات لانطلاقة العام الدراسي، وبعدها أساساً لا أحد يعلم شيئاً عن مستقبل البلد والوضع الاقتصادي وإلى أين ستذهب الأمور، كل هذا يدل على أن الوضع لا يزال متعثراً، مرتبكاً، ومخيفاً في آن، لذلك وزارة التربية لم تطرح حلول الحد الأدنى أو الانطلاقة بما تيسر، وكل ما تم تقديمه هو مجرد وعود، وجميعنا يعلم أن الدولار ليس مستقراً والأسعار تتضاعف، والرواتب التي كان يمكن أن تؤمن للأستاذ قوت يومه العام الماضي لا يمكنها أن تسد حاجته هذا العام لأسبوع في الشهر. وباختصار، الموضوع ليس مستقيماً ولا يمكننا القول اننا أمام انطلاقة عام دراسي واعد علّنا نبدأ بردم الخلل التربوي الذي حصل في السنوات الأربع الماضية، ولا حلول جذرية ومرضية للأساتذة”.

واعتبرت إحدى المعلمات في البقاع، فضلت عدم ذكر اسمها، أن “هناك مماطلة واضحة، وهناك تهديد من ناحية ووعيد من ناحية أخرى، وللأسف دائماً نسمع بوعود مشجعة ولكن يخلفون بها، والمشكلة الأكبر أن لنا ٧ رواتب عدا راتب شهر أيلول لم نتقاضاها حتى اليوم، يعطوننا جزءاً منها ويحاولون تسيير الأمور كي نعود الى التعليم”، مؤكدة أن “العام الدراسي في مهب الريح وليس جاهزاً أبداً، وعدونا بـ ٣٠٠ دولار، ولكن نحن بحاجة الى الضمانات بأن ننال هذا المبلغ، والأخبار اليوم أننا سنتقاضى ١٥٠ دولاراً وليس ٣٠٠ دولار حتى تكفينا لمدة ٦ أشهر، ولكن تبقى ٣ أشهر من العام الدراسي أين رواتبنا؟ وعندها ندخل في دوامة يجب تسيير الامتحانات رأفة بالتلامذة”.

ولفتت الى أن “هذا العام لا يشبه غيره، ولكن نقبل بأي وعود كاذبة، وفي ظل الأسعار غير المحتملة إن كان في المحال التجارية أو المستشفيات أو أي مكان، لا يمكننا المضي بهذا الراتب ومن دون ضمانات. نحن نقدّر ولطالما تنازلنا من أجل مستقبل أولادنا، ولكننا بشر وبحاجة الى تأمين معيشتنا بكرامة، لذلك حتى اليوم لا شيئ يبشر بالخير وحتى ٩ تشرين الأول أي بداية العام الدراسي من المتوقع أن لا يحضر عدد كبير من الأساتذة ويستمرون في رفضهم لهذه الحال”.

شارك المقال