شهر الوقاية من سرطان الثدي… تكاليف العلاج تفاقم المعاناة

نور فياض
نور فياض

يعتبر تشرين الأول، شهر الوقاية من سرطان الثدي، هذا المرض الذي بات وفق منظمة الصحة العالمية الأكثر شيوعاً منذ العام ٢٠٢٠ في العالم اجمع.

وفي لبنان عدا عن نسبة ارتفاعه التي قدرت بـ ١٦% تقريباً في العام ٢٠٢١ ويحتل المركز الأول في أمراض السرطان، يخلق سرطان الثدي معاناة كبيرة للمصابات به، كما كل أنواع السرطان. فتشرين الوردي الذي تنشط فيه الندوات للوقاية من سرطان الثدي، تحوّل الى سواد بسبب الكلفة الباهظة للعلاج وعدم توافر الأدوية، ليصبح المرض أرحم من العلاج بالنسبة الى الكثير من النساء.

الصورة الشعاعية مجاناً

“شهر أكتوبر هو شهر التوعية بسرطان الثدي، بهدف تمكّن المرضى من اكتشافه في مراحله المبكرة للانتصار عليه وإكمال حياتهم بصورة طبيعية، لكن للأسف يحول الوضع الاقتصادي في لبنان دون قدرة عدد كبير من النساء على إجراء الصورة الشعاعية للكشف عن المرض” وفق منسقة الـngo لجمعية “دنيانا” ايڤيت ليشع.

وتؤكد ليشع عبر “لبنان الكبير” أن “الصحة هي أغلى ما نملك، ولكنها تحولت الى كماليات لأن المواطن لا يمكنه حتى تأمين قوته اليومي، لذا يهمل صحته اليوم. من هنا أطلقت جمعية دنيانا بالتعاون مع مركز الشمال الاستشفائي للسنة الثالثة على التوالي حملة مجانية للكشف المبكر عن سرطان الثدي تتضمن صورة شعاعية مجانية طيلة شهر تشرين الأول”، مشيرة الى أن “سرطان الثدي هو من أخطر السرطانات، إذا لم يعالج باكراً فقد يؤدي الى الموت المحتم. لذا من أهداف هذه الحملة أيضاً التوعية للحد من انتشاره، التضامن مع المرأة وتغطية النساء الأكثر عرضة لهذا المرض الخبيث”.

المرض قد ينتشر من دون عوارض

يقول الدكتور معين فوعاني لـ “لبنان الكبير”: “لا عمر محدداً للإصابة بسرطان الثدي لدى النساء، في السابق كانت المرأة الخمسينية الأكثر عرضة له الا أنه انخفض الى سن الأربعين، ومن المتوقع في السنوات العشر المقبلة أن ينخفض الى سن الثلاثين. وبعيداً عن العمر، المرأة الأكثر عرضة لسرطان الثدي هي من تحمل جينات معينة، أو وراثياً أي أن أحد أفراد عائلتها مصاب بمرض سرطاني، وعوامل أخرى غير وراثية. ولا يقتصر سرطان الثدي على المرأة فقط، انما كل ١/١٠٠٠ يصاب رجل به.”

“صحيح أن ظهور كتلة في الثدي، تغيّر حجمه، اونحسار حلمة الثدي الى الداخل هي من العوارض لهذا المرض، وعند رؤيتها على المرأة التوجه فوراً الى الطبيب المختص، الا أن المرض في الكثير من الأحيان يمكن أن ينتشر المرض من دون أية عوارض”، بحسب فوعاني الذي يشدد على أن “الصور الشعاعية ضرورية وهي أول خطوة وقائية، وعند اكتشاف المرض تبدأ رحلة العلاج، فكلما كانت المرحلة متقدمة زادت الكلفة التي تتراوح بين ١٠ دولارات وآلاف الدولارات، نسبة الى الأدوية المستعملة، للعمر ولفترة العلاج ولعمليات الاستئصال”.

ويوضح أن “هناك بعد العلاج السريري، علاج منزلي عبر الأدوية، وهي تتوافر وتنقطع وهذا مرتبط بالدولة وما تمرّ به”، مطمئناً المريضات الى أن “في حال عدم توافر الأدوية الأساسية، هناك العديد من الأدوية البديلة بفاعلية تلك الأدوية نفسها نستخدمها في رحلة العلاج.”

معاناة بسبب الألم وفقدان الأدوية

نساء كثيرات أصبن بهذا المرض، بعضهن شفين منه، وأخريات لا زلن يعشن مع معاناته وآلامه.

قبل أشهر، لاحظت مليكة ذات الأعوام الـ ٣٥ كتلة متحجّرة في ثديها الأيمن فقررت على الأثر زيارة المستشفى للتأكد من طبيعتها، ومن هناك بدأت رحلتها. وقالت: “في البدء، أكد لي الأطباء أنه بسبب صغر سني وعدم وجود تاريخ أمراض سرطانية في عائلتي يجب أن لا أقلق، وبعد إجراء صورة السونار في مختبر خاص أخبروني أن لا داعي للخوف. قررت الالتزام بإرشادات المختصّين، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع وبقاء الورم والوجع على حالهما، زرت الطبيب مجدداً، وطلب مني زرعاً، ليتبيّن أني مصابة بسرطان الثدي. عانيت كثيراً من العلاج الكيماوي، فقدت شعري، وكنت حريصة على تغطية رأسي طوال الليل والنهار كي أجنّب اطفالي رؤيتي من دون شعر”.

وحول العلاج، توضح مليكة أن “كلفته باهظة جداً، ولكن بمساعدة العائلة استطعت اكمال مرحلة العلاج. في أولى المراحل لم أتقبل الأمر فكنت أبكي دائماً في غرفتي من دون أن يراني أحد، كنت أخاف أن أموت وأترك أبنائي وزادت حالتي النفسية سوءاً عندما بدأ يتساقط شعري، ولكن بعد رحلة طويلة مع الكيماوي، وخصوصاً عندما بدأت أتجاوب مع العلاج، تمكنا من حصر الورم وخضعت لعملية استئصال له وأكملت العلاج في المنزل وطبعاً كنت أعاني من فقدان الأدوية أحياناً، الا أن أحد أقاربي كان يحضرها لي من الخارج، وفي احدى المرات لجأت الى دواء بديل. وبعد رحلة استمرت سنوات وكانت الأسوأ والأكثر معاناة لي ان كانت نفسياً أو حتى وجعاً وكلفة… قمت بعد ٣ سنوات من المرض، بإعادة الصورة والفحوص لأكتشف أني قد شفيت منه نهائياً”.

يداهمنا السرطان فجأة. تكون الحياة عادية ثمّ يأتي الورم الصغير ليقلبها رأساً على عقب. فهو لمن اختبره أو لم يختبره مرعب، ولكن هذا المرض المخيف، أصبح عادياً بسبب كثرة انتشاره، وحتى اليوم الكثيرون لا يسمونه باسمه الحقيقي بل يقولون “هيداك المرض”، وحين يعجز الجسم عن محاربته تُنعى ضحيته بالقول: “ماتت بهيداك المرض”.

نظن دائماً أن هذا المرض لن يمسّنا أو يقترب منا، لكنه في الواقع موجود، في عائلاتنا وفي محيطنا ولو بطريقة غير مباشرة، لذا يجب أن تسارع النساء الى اجراء الفحوص المبكرة كي لا يخسرن حياتهن.

شارك المقال