لا نزوح عاماً للجنوبيين… خطة لانشاء مراكز ايواء في مناطق اَمنة

نور فياض
نور فياض

الجبهة الجنوبية دائمة الاشتعال، وبعد أيام على “طوفان الأقصى”، باتت على نار، وعلى الرغم من تبادل اطلاق الصواريخ وسقوط بعضها في مناطق جنوبية داخلية مثل علما الشعب، مارون الراس، البستان وغيرها، ما ادى الى سقوط قتلى وجرحى، الا أن هناك عدداً من المواطنين صامدون، فكيف سيحمون أنفسهم، والصواريخ تتساقط من دون موعد مسبق؟

حتى الآن وتيرة الحرب في شمال فلسطين المحتلة مرتفعة، وعدد القتلى الاسرائيليين يتزايد يوماً بعد يوم ليتخطى الألف جراء الاستهداف المباشر لهم. أما المواطنون فقد أخلوا ٢٠ مستوطنة، محاذية للحدود اللبنانية، ومنهم من يقبع في الملاجئ.

اما سكان مدينة غزة التي شهدت ولا تزال مجازر مرعبة، فلا مكان آمناً في القطاع، والملاجئ تعد على الأصابع وتعود الى الحرب المصرية – الاسرائيلية في تشرين الأول ١٩٧٣، وهي مهجورة منذ ذلك الوقت.

لا يختلف موضوع الملاجئ في فلسطين عن لبنان، ان كان من حيث العدد، الوجود وغيرها… ففي لبنان لا ملاجئ الا القليل منها، ولا وسائل لحماية المواطن، انما تكتفي الحكومة باعلان خطط الطوارئ وبدل اللجوء الى الملاجئ، ينزح الجنوبي الى مناطق أكثر أمناً.

يقول النائب قاسم هاشم لموقع “لبنان الكبير”: “نحن في ظل وضع لم يعد يتسع للتفتيش عن أساليب ايواء تحتاج الى وقت، لكن يجب البحث سريعاً في خطة تتخذها الحكومة، وأعتقد أن هنالك كلاماً عن اجتماعات بدأت سريعاً لوضع خطة للتعاطي مع أي تطورات للأحداث أو تراكمها أكثر فأكثر”.

ويؤكد هاشم أن “موضوع الملاجئ قديم وليست هنالك خطة تاريخية لانشاء ملاجئ وفق معايير متعارف عليها دولياً. ولكن هنالك بعض الملاجئ في أحياء عدد من القرى أنشئت منذ نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وبعض قرى الجنوب التي كانت تتعرض للقصف منذ ذاك الزمن. ولكن في كل الأحوال هنالك طبعاً تنظيم مدني وكان من المفترض أن تحتوي الأبنية الجديدة على هذه الملاجئ”، لافتاً الى “الاستعاضة عن هذه الملاجئ بعد نهاية الحرب باستحداث رسم مالي، وهذا طبعاً لم يكن من زاوية رؤية مستقبلية انما لتأمين موارد مالية وبعض المصالح والمنافع لعدد من أصحاب هذه الابنية الذين يحاولون أن يستفيدوا خارج مقتضيات المصلحة وأصول التعاطي مع التنظيم المدني وفق حاجات البلد ومتطلباته”.

وينفي هاشم علمه بموضوع الخطة المتداولة عن انشاء مراكز أو أي شيء للجنوبيين في مناطق آمنة، معتبراً أن “هذا موضوع حزبي وليس سياسياً عاماً ضمن نهج وخيار سياسي. ولكن قد يكون بعض الأحزاب لديه خطة. وهذا أمر طبيعي، اذ ان المجتمع المدني يتعاطى كل من منطلقه، هنالك جمعيات، قوى سياسية وأحزاب، كل له رؤيته وتعاطيه وفق ما يرى ذلك من خدمة للمجتمع ولبيئته. حتى الاَن ليس هنالك نزوح من الجنوب الا ترك عدد من الأحياء في بعض القرى التي تستهدف بصورة مباشرة ولكن ليس نزوحاً عاماً”.

ويشير المدير الفني في الدفاع المدني العميد بيار حايك الى أن “الدفاع المدني أصدر مرسوماً سنة ١٩٦٧، بوجوب بناء ملاجئ في صيدا وضواحيها، بيروت وضواحيها، وطرابلس وضواحيها. يعود ذلك ربما الى وجود المخيمات الفلسطينية ولأنها أكثر عرضة للقصف آنذاك. ولم يصل المرسوم الى الجنوب مع العلم أنه بحاجة ماسة الى استحداث ملاجئ أكثر من باقي المناطق”.

ويوضح حايك أن “هذا المرسوم عدّل سنة ١٩٧١، وبات بإمكان المواطن استبدال بناء الملجأ برسم مالي. ومن ثم عدّل مرة أخرى سنة ٢٠١٦ بمرسوم ٣٣٧٩ حدد مواصفات أدق وبات الرسم أكثر كلفة، وعلى الرغم من امكان تبديل الملجأ برسم مالي، الا أن المستشفيات والجامعات ألزمت ببناء ملجأ”.

ويرى حايك أن “وجود ملجأ أفضل بكثير من عدم وجوده، ففي سنة ١٩٦٧، كانت للملاجئ مواصفات محددة آخذة في الاعتبار فعالية القذائف، ومن ثم عدّل أيضاً المرسوم سنة ٢٠١٦ بعد تعيين لجنة مؤلفة من ضابط مهندس من الجيش، أمن الدولة، نقابة المهندسين، وزارة الأشغال، بالاضافة لي، وضعت مواصفات جيدة تواكب فعالية القذائف. كما استعنا بمواصفات ملاجئ متطورة بنيت في الأردن، وأوروبا. وعلى الرغم من فعاليتها الا أن القذائف تتطور يوماً بعد يوم ويمكن أن تؤدي الى ايذاء الملجأ، لكن في كل الاحوال يبقى الملجأ أفضل من لا شيئ، حتى ولو كان مكلفاً”.

ويشدد على وجوب “أن يحمل الملجأ ١٠ أطنان بالمتر المربع، كما يبنى لكل شخص متر واحد مربع، مثلاً اذا كان المبنى مؤلفاً من ٨٠ شخصاً، فيجب أن تكون مساحة الملجأ ٨٠ متراً مربعاً، اما المستشفيات فمساحة الملجأ تساوي ضعف عدد الأسرّة أي مثلاً لكل ١٠٠ سرير، ٢٠٠ متر مربع”.

ويعتبر حايك أن “من الضروري استحداث ملاجئ في الجنوب، وعلى الدولة مساعدة المواطن في الاراضي اللبنانية كافة ببناء الملاجئ، كما على البلديات تحويل قسم من جباية الضرايب لبنائها. اذاً يجب وضع خطة لتنفيذ الملاجئ واستحداثها في ظل هذا الوضع الصعب”.

وبالنظر إلى المجازر التي ارتكبتها اسرائيل خلال عدوان تموز 2006، يمكن القول إن الملاجئ لو توافرت حينها، لكانت أنقذت أرواح عشرات المدنيين الذين سقطوا تحت أنقاض مبان سكنية استهدفتها غارات الطائرات الحربية. كما من المعروف أن العدوّ يلوّح دائماً بالحرب فلماذا طوال هذه الفترة لم تبن الملاجئ؟

اذاً، لا ملجأ للجنوبيّ الا الله.

شارك المقال