لبنان ثاني أهم ممر عالمياً للطيور المهاجرة… الصيد بين الهواية والجريمة

حسين زياد منصور

يفتتح موسم الصيد البري عادة مع بداية شهر تشرين الأول، لكن الصيادين لن ينتظروا اعلان ويزر البيئة أو يلتزموا بالاجراءات التي سيفرضها أو حتى بقانون الصيد، اذ ان جزءاً كبيراً منهم لا يعرف بوجوده أصلاً، خصوصاً عندما نجد أن نسبة كبيرة من الصغار في العمر، وعدد لا يستهان به منهم دون الـ 18 عاماً.

فهذه الهواية أصبح الآباء أو الأهالي يورثونها لأبنائهم، وتنتقل من جيل الى آخر، وفي كل عام يزداد عدد الصيادين، وفي ظل ذلك تنشط عمليات بيع أسلحة الصيد على أنواعها جديدة أو مستعملة، وكذلك الخرطوش والذخيرة، وهذا بحسب أحد الصيادين، الذي يتاجر أيضاً بالبنادق والذخائر المخصصة لصيد الطيور.

للتخفيف من ظاهرة الصيد العشوائي

ويقول الصياد لموقع “لبنان الكبير”: “في العادة هناك موسمان للصيد في لبنان، الأول في الخريف والثاني في الربيع، وهذا يتناسق مع بدء الطيور بهجرتها في الخريف ثم العودة في الربيع. ويعد لبنان منطقة استراحة لعدد كبير وأنواع مختلفة من الطيور، لكن عدم تطبيق قانون الصيد، والالتزام بإرشادات وزارة البيئة ومعاييرها هو الذي يشكل الخطر الأكبر على هذه الطيور”.

ويضيف: “بالنسبة لي كصياد، أحترم قانون الصيد، وأتمنى أن يطبق، وذلك للتخفيف من ظاهرة الصيد العشوائي، لأن نتائجه تؤدي الى تعريض العديد من الطيور لخطر الانقراض، وعدم عودتها الى لبنان، ولا يمكن نسيان دورها في الحفاظ على النظام البيئي واستمراريته”. ويشير الى المناطق الأكثر شهرة في الصيد، خصوصاً في هذا الوقت من السنة وهي البقاع في الدرجة الأولى وعكار في الدرجة الثانية، ثم بعض المناطق في الجبل والجنوب.

لا ثقافة بيئية

ويوضح أحد المحامين لـ “لبنان الكبير” أن “موسم الصيد في لبنان لا يفتح بصورة رسمية وقانونية الا عندما يعلن وزير البيئة ذلك، وكل أعمال الصيد التي تحصل بخلاف ذلك مخالفة للقانون”، مؤكداً أن “المشكلة الآن ليست في القوانين أبداً، بل في كيفية تطبيقها، فالقانون واضح، ولا يمكن نسيان الأزمة التي يعاني منها لبنان، والتي تعد عائقاً لتطبيق القوانين”.

ويشدد على أن “القانون وضع لتنظيم الصيد البري، كي لا يتم ضرب التنوع البيولوجي الذي يتميز به لبنان، فهو يضع شروطا للصيد وللطرائد التي سيتم صيدها، وقبل ذلك يفرض الحصول على رخصة صيد صادرة عن وزارة البيئة”، معتبراً أن “المشكلة ليست بالقوانين، بل بثقافة البعض البيئية”.

مخالفة المعاهدات والمواثيق الدولية

وتذكر الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان غنى نحفاوي بأن “وزير البيئة للسنة الثالثة لم يفتح موسم الصيد، وفي لبنان أعداد الطيور انخفضت جداً جداً، وليست هناك دراسة حقيقية وفعلية لأنواع الطيور وأعدادها، وإن كان القانون 580 حقيقة متطابقاً كي يكون صالحاً للبنان أو لا، وان كان يمكن فتح موسم الصيد في ضوئه، ولم يتم فتح الموسم كي يكون هناك تفرغ لدراسة هذا القانون”.

وتقول نحفاوي: “في لبنان ليست هناك ضوابط لأي شيئ، وما يفتقده لبنان هو الأخلاق، ولو أن من يرتكبون المجازر بالعصافير يمتلكون الأخلاق، لكانوا عرفوا أن ما يقومون به هو انتهاك للطبيعة، والوضع الاقتصادي السيئ ليس مبرراً لقتل الطيور بطريقة كهذه”.

وتوضح أن “ما يحصل أحياناً هو انتهاك لبعض القوانين الدولية التي وقع عليها لبنان، فهناك معاهدات ومواثيق، لبنان ملتزم بها لحماية الطيور العابرة لأن لبنان ثاني أهم ممر في العالم للطيور المهاجرة”.

وتصف نحفاوي من يرتكب هذه الجرائم من الصيادين، بـ “قطاع الطرق والمجرمين وأسوأ من ميليشيات الحرب التي قتلت الناس، فقتل كل عصفور يزيد من الأوبئة المتعلقة بالطبيعة، والتي يتولى العصفور تنظيفها”.

وتعتبر نحفاوي أن “القضاء المهترئ يتحمل المسؤولية، لأن الصياد عندما يوقع أمام القاضي على تعهد، سيرميه فور خروجه ويكرر جريمته، مع العلم أن القانون يقضي بأن من يمضي على تعهد ثم يخالفه فوراً يحبس، وهذا ما لا يحصل. لكن الحق يقال، قوى الامن وقبل تدهور الأوضاع الاقتصادية كانت تلاحق المخالفين والمخالفات”، موجهة تحية الى “العميد جوزف مسلم الذي يتابع ويلاحق بصورة دائمة معنا المخالفات”. وتشير الى وجود بعض المواقع التي تنتقد ملاحقة قوى الأمن وتوقيف صياد أو مخالف لقتل العصافير بدل ملاحقة مخالفين آخرين، لكن في النهاية المخالفة مخالفة مهما كانت، قائلة: “اننا تصحرنا بالطيور والأعداد انخفضت كثيراً”.

لم يكن القتل يوماً هواية أو رياضة

وعن استعراض الصيادين لما يقومون به ونشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ترى نحفاوي أن “هذا هو الوجه الآخر للذة التعذيب، وهذا يدل على وحشية لديهم، خصوصاً عندما يصطحبون أبناءهم الى الصيد بدل تعليمهم تصوير الطبيعة والعصافير في لبنان، وهنا نقصد من يصطاد العصافير ويستعرض الصور وهو لا يعلم ما هي أنواعها”.

وتضيف: “نحن نعد الآن خارج موسم الصيد أي أن أي عملية صيد وان كانت بالنقيفة ممنوعة، الى جانب صيد الشبك الذي يعد من أكبر عمليات الصيد وصيد الليل وهي عمليات غدر خاصة بالعصافير المهاجرة، والماكينات التي تنشر عروض عنها على وسائل التواصل بدل أن يتم منعها، فضلاً عن الخدع التي تحصل بوضع شجرة وعليها صمغ ويعلق العصفور وكل ذلك مخالف للقانون”. وتنفي أن يكون الصيد هواية أو رياضة لأن القتل لم يكن أبداً رياضة، والصيد بمفهومه وأخلاقه، هو إعطاء الطريدة فرصة للهرب بعكس ما يحصل.

شارك المقال