“بينتقموا منّا في الأولاد”… عائلة الدحدوح هي الخبر

منى مروان العمري

“دموعنا التي ترونها ليست دموع الخوف والانهيار والجبن، انها دموع الانسانية، وليخسأ جيش الاحتلال الاسرائيلي”، هذه العبارة لمراسل قناة “الجزيرة” في قطاع غزة الصحافي الفلسطيني وائل الدحدوح لدى تلقيه خبر استشهاد عائلته إثر استهداف الجيش الاسرائيلي منزله في قصف على مخيم النصيرات.

وظهر الدحدوح في مشهد مؤثر وهو ينعى أفراد أسرته، ويتمتم بكلمات تكشف عما بداخله من قهر وألم: “بينتقموا منّا في الأولاد، بينتقموا منّا في الأولاد؟ معلش”.

وقال في تصريحات أمس: “المصيبة كبيرة حقيقة خصوصاً أنها بحق أطفال ونساء، لا أكثر ولا أقل. نحن في نهاية المطاف في هذه الأرض هذا هو قدرنا، وهذا هو خيارنا، وهذا هو صبرنا، ولن نحيد عن هذه الطريق”.

ويأتي استشهاد أفراد من عائلة الدحدوح، وسط استمرار العدوان على قطاع غزة، الذي يستهدف الصحافيين وعائلاتهم بصورة مركّزة، إذ استُشهد أكثر من 19 صحافياً منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”.

استهداف مباشر

خلال الحروب المتتالية على قطاع غزة، عمد الدحدوح الى توزيع أبنائه بين ثلاثة بيوت لأقاربه، بعضهم عند أخوالهم وآخرون عند أعمامهم “لعل أحداً منهم يبقى حياً لو استهدفهم الاحتلال” كما قال في حوار صحافي.

وفعلاً حدث ما كان يخشاه، ففي يوم 25 تشرين الأول الجاري، استهدفت طائرات الاحتلال منزلاً تقطنه أسرة الدحدوح في مخيم النصيرات وسط القطاع، فاستشهدت في الغارة زوجته وابنه وابنته. ويعدّ الدحدوح واحداً من الآلاف الذين تعرضت عائلاتهم للقصف، وبعض الأسر التي مسحت تماماً من السجل المدني.

ومع الأسف ما حدث هو حال الشعب الفلسطيني في كل عدوان تشنه القوات الاسرائيلية على القطاع، فقد طال الاستهداف – منذ بداية العدوان الوحشي – مناطق يدّعي جيش الاحتلال أنها “آمنة”، وذلك بحسب تصريح للمتحدث بإسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، الذي أوضح أن “الاحصائيات تظهر أن 65% من ضحايا الأسبوع الجاري كانوا في منطقة جنوب قطاع غزة التي يزعم الاحتلال الاسرائيلي أنها آمنة”.

الرجل الصلب

يعد وائل حمدان إبراهيم الدحدوح من الوجوه المعروفة بين مراسلي قناة “الجزيرة” في العالم العربي، وهو كبير مراسليها في غزة وغطّى بصورة رئيسة الحروب التي شهدها القطاع على مر الأعوام الماضية. ولد عام 1970 في غزة، واعتقله الاحتلال الاسرائيلي 7 سنوات ومنعه من تحقيق طموحه في دراسة الطب، فعمل مراسلاً لـ “الجزيرة” ومديراً لمكتبها في غزة، وقال في أحد حواراته الصحافية: “دور الأب مفقود في مهنتنا، فعندما يحتاجك أولادك يفقدونك، وهذا شيئ مؤلم جداً”.

وعلى مدار السنوات والحروب التي عاشتها غزة، قدم الدحدوح أغلى ما عنده، فنحو 20 من أقاربه نالوا الشهادة، بينهم إخوته وأبناء عمومته وأبناء عمته، ومعظمهم قضوا في حوادث اغتيالات بالطائرات الاسرائيلية.

عزاؤنا واحد

يتداول ناشطون على مواقع التواصل، منذ مساء الأربعاء، فيديو يُظهر وداع الدحدوح لولده الشهيد محمود داخل المستشفى، وهو يقول: “محمود يابا كنت بدك تطلع صحافي”، وأثار هذا الخبر المأسوي ردود فعل واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، وحملة تعاطف كبيرة مع الدحدوح، فيما نعى مذيعون وعاملون في قناة “الجزيرة” استشهاد أفراد عائلة زميلهم كما نعاهم إعلاميون، وكثير من المغردين العرب على موقع “إكس”.

وشيّع الدحدوح، أمس الخميس، زوجته آمنة وابنه محمود وابنته شام مرتديّاً سترة واقية من الرصاص الخاصة بالصحافيين، بحضور العشرات من زملائه في المهنة.

شارك المقال