موسم الزيتون “بالأرض” جنوباً… الحاج حسن لـ”لبنان الكبير”: شكوى دولية وتعويضات للمزارعين

راما الجراح

على وقع سقوط حبات الزيتون الخضر على البساط المفروش على الأرض، تتعالى أصوات القذائف والصواريخ على الحدود الجنوبية إثر الاشتباك الحاصل بين إسرائيل و”حزب الله” منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في قطاع غزة. وعلى الرغم من أنّ الموسم أساساً لم يكن على قدر طموحات المزارعين هذه السنة، من ناحية تراجع الانتاج إلى ما دون مستوى العام الماضي والوصول إلى مرحلة احتمال خسارة الموسم نهائيّاً، لا سيما في منطقة الشريط الحدودي، الا أن تفجّر الأوضاع الأمنية هناك زاد من حدّة الأزمة على المزارعين.

وتزامن موسم الزيتون هذا العام مع عملية “طوفان الأقصى”، وبعدما كانت حقول الزيتون وكرومه تعج في محافظة الجنوب بالمواطنين صغاراً وكباراً، شيوخاً ونساء، يبدأون بالعمل مع شروق الشمس حتى مغيبها، بات اليوم أكثر من ٥٠ في المئة من الأراضي خاليه من سكانها، وفي حين تسمى شجرة الزيتون بشجرة “المعاومة” (أي تبادل الحمل)، الا أن الموسم هذا العام يعتبر خفيفاً لندرة تساقط الأمطار ما أدى إلى تراجع الانتاج.

ندد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن في حديث عبر موقع “لبنان الكبير” بـ “الاعتداءات الاسرائيلية على أراضينا وعلى برنا وبحرنا وجونا”، مشدداً على “حق كل اللبنانيين في الدفاع عن أرضنا وحقوقنا التي ترعاها المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان، وبناءً عليه ستتأثر المحاصيل في كل المناطق المحاذية للحدود، من موسم الزيتون وكل أنواع المزروعات الموجودة هناك، وهذا نحمّله بصورة مباشرة للعدو الاسرائيلي، وسيكون هناك تحرك دولي في هذا الاطار وستتقدم الجمهورية اللبنانية بشكوى في هذا الخصوص”.

وكشف أن “محاصيل الزيتون في الجنوب تأثرت بصورة مباشرة من خلال التأخر في القطاف”، مشيراً الى أن “المساحات الواسعة التي قصفها العدو بالقنابل الفوسفورية تتسبب يومياً بحرق الآلاف من أشجار الزيتون المُعمر والسنديان وغيرها”.

وبالنسبة الى أسعار الزيتون وإمكان استغلال التجار هذه الأوضاع، قال الحاج حسن: “سنتابع هذا الموضوع بكل ما أوتينا من قوة في وزارة الزراعة، وبمواكبة ومتابعة من الضابطة العدلية في القضاء المختص”. ودعا كل الوزارات المعنية الى “أن تبقى يقظة ومتنبهة الى هذا الأمر”، لافتاً الى أن “زيت الزيتون هو ملك السفرة اللبنانية ولا يمكن أن نتساهل أبداً وسنكون بالمرصاد”.

ووجه تحية إلى “مزارعي الجنوب لأنهم بصلابتهم وصمودهم انتصر الوطن، والى كل مواطن أو مقاوم أو عسكري يقف على الحدود دفاعاً عن سيادة الوطن، والى كل طفل، شهيد، سيدة، وكل قرية في وطننا”، مؤكداً أن “حماية المزارعين أولوية بالنسبة الينا، وحكماً ستكون هناك تعويضات، وسنعمل في مجلس الوزراء لتكون لائقة بالمزارعين الصامدين في الجنوب، والتضحيات التي يقدمها أهلنا”.

وأوضحت المهندسة الزراعية زهراء ناصرالدين لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك أناساً كُثراً يعتمدون على محاصيل الزيتون لتأمين لقمة عيشهم، لذلك يجب أن يكون هناك حل سريع لهذا الموضوع والتعويض عن الخسائر، بالإضافة إلى أن القذائف والصواريخ التي تطلق على الجنوب وخصوصاً الفوسفورية تؤثر بصورة كبيرة على شجر الزيتون وتنعكس على جودة الانتاج والنوعية”، معتبرة أن “موسم القطاف في هذا الوضع يمكن اعتباره بالأرض ولا أرباح مذكورة، لذلك يمكن أن يتم استغلاله بصورة كبيرة ورفع السعر. ومن الناحية الصحية، فقدان الزيتون وزيته من بيوتنا والأسواق يعني أننا نفقد عنصراً أساسياً نعتمد عليه في عدة مأكولات وله فوائد كبيرة لأجسامنا”.

وأشارت المزارعة أم علي بزيع من الجنوب الى أن “لديهنا ما يزيد عن ١٠ دونمات من الزيتون واليوم عدنا من بيروت بعد نزوح دام ١٠ أيام لنحاول قطاف ما استطعنا من الزيتون كي لا نتكبد خسارة كبيرة. للأسف نبدأ بالقطاف بحذر والموت يبعد عنا أمتاراً معدودة، وهناك مساحات تزيد عن ٥٠ في المئة في مختلف محافظات الجنوب أهلها تركوا بيوتهم ومحاصيلهم ولم يعودوا حتى في موسم القطاف من أجل سلامة عائلاتهم”.

أضافت: “بدأنا الآن بقطاف الكمية التي تكفينا للاستخدام الشخصي وليس للتجارة، ونحن في حالة ترقب وتوتر لأن جميع البلدات التي إلى جانبنا تتعرض للقصف من حولا، زبقين، كفركلا، وغيرها. وبالنسبة الى أسعار الزيتون نتوقع ارتفاعها في السوق لأن كمياته ستنخفض بصورة كبيرة، عدا عن أن موسم الزيتون أساساً ليس كما قبل ولم يثمر جيداً”.

وكان أصحاب الأراضي ينتظرون المطر لكي يسقي الزيتون أكثر ويتمكّنوا من قطافه، لكن في ظل الأوضاع الراهنة، اضطر كثيرون إلى قطفه مبكراً لإرساله إلى الرصّ والعصر قبل حدوث أي تطوّر عسكري، فهم ينتظرون هذا الموسم من عام إلى آخر.

شارك المقال