حنونات عيناتا… شهيدات

نور فياض
نور فياض

تاريخ لبنان شاهد على مجازر العدو الاسرائيلي من عيترون، الى قانا، مروحين وغيرها التي راح ضحيتها أطفال أبرياء. وها هو العدو اليوم في حربه على غزة، لم يكتفِ بارتكاب المجازر بحق أطفالها، بل تعدى ذلك الى الحدود اللبنانية، فقد أصبحت هوايته قتل المدنيين، ومارسها في عيناتا، وليس مستغرباً على من اعتاد قتل الأبرياء أن يستمر في جرائمه ضد الانسانية من دون رحمة.

هذا العدو استهدف بغارة أول من أمس سيارة من نوع “هونداcrv ” أدت الى استشهاد كل من سميرة عبد الحسين أيوب وحفيداتها الشقيقات ريماس ( 14 عاماً) وتالين (12 عاماً) وليان محمود شور (10 أعوام)، فيما أصيبت والدتهن هدى أيوب بجروح.

“وردات صغيرات قتلهن العدو، فهن أتيْن منذ سنوات قليلة الى لبنان ليستقرين بعيداً عن بلاد الغربة، تاركات والدهن في إفريقيا، وكأن قدرهن أن يمتن في وطنهن”. هكذا يصف الشهيدات أحد أقاربهن عبر موقع “لبنان الكبير”.

ويقول: “لا كلمات يمكن أن نعبّر بها عن حجم مصابنا، ولا أدري ماذا أقول، فالفتيات يحببن الضيعة كثيراً، ويحببن الحياة، وهن من سكان بلدة بليدا ويطلبن دائماً من والدتهن البقاء في الضيعة، وكأن الله بطلبهن هذا يقربهن منه”.

ويشير الى أن “الفتيات كن طوال هذا اليوم يلعبن أمام المنزل، فرحات مبتسمات، وأواخر النهار كنا ذاهبات الى بيروت وفي طريقهن اليها حصل الاستهداف.”

أما قريبتهن فتتحدث والدمع يحبس صوتها، وتستنكر بيان مدرستهن، قائلة: “عين ابل لم تستطع ذكر القاتل في بيانها، لم تتجرأ على قول إن الصهاينة قتلوا الفتيات”.

وتضيف: “لم يمضِ على وجودهن في لبنان الا سنتين، تسجلن في مدرسة الراهبات في عين ابل، وبسبب التطورات الأمنية تسجلن في معهد في بيروت ليكملن دراستهن بصورة مؤقتة الى حين تهدأ الأوضاع ويرجعن الى الضيعة.”

“هن ملائكة، أتين الأسبوع الفائت وقطفن الزيتون معنا بكل فرح وسرور، فهن مغرمات بالجنوب، حنونات، يحببن العائلة كثيراً، مهذبات، شاطرات ذكيات… احداهن لديها شهادة بروفيه هذه السنة لكنها نالت الشهادة الأهم. ماذا عساي أقول عنهن؟ أصرّوا على المجيء في عطلة الأسبوع الى بلدتهن بليدا ليقضين أجمل الأوقات في المكان الأحب الى قلبهن”، تقول احدى القريبات، مضيفة: “ماذا أقول عن جدتهن سميرة، من لا يحبها؟ فالبسمة لا تفارق وجهها ودمعتها تتساقط مع اعلان اسم كل شهيد، انها طيبة جداً. هنيئاً لهن. يمكن الله بحبهن أكتر منا، أخذهن شهيدات”.

اما عن والدتهن، فتؤكد أن “حالتها مستقرة، كانت مستيقظة لحظة الاغتيال، ورأت بناتها يحترقن وسمعت صراخهن، حالياً لا أعلم إن كانت قد استيقظت، ولكن بلا هالفيقة وتعرف أن بناتها استشهدن”.

هو فعل الانتقام مع فشله ميدانياً تجسده المجازر، فهذا العدو يختزن حقداً في داخله، لا يفسره أي شرح ولا تبرره أي ذريعة، ولا تكفي حروف الأبجدية لوصف همجيته ووحشيته.، فقد خرق كل أصول الحرب وقواعد الانسانية غير آبه بمعادلة “المدني مقابل مدني”. وعلى أثر هذا الاعتداء، أعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب عن تقديم شكوى ضد اسرائيل في الأيام المقبلة للأمم المتحدة، فهل من يستخدم الأسلحة المحرمة دولياً ويدمر بوحشية ويقتل من دون أن يرف له جفن ولا يميز بين صحافي ومدني ومقاتل، سيدان ويرتدع؟ على كل حال، بات للجنوب ثلاث نجمات يحرسنه بأعينهن.

شارك المقال