حوامل غزة بين خياري الاجهاض والولادة المبكرة

راما الجراح

أكثر من ٥ آلاف امرأة حامل في الشهر الاخير من أصل ٥٠ ألفاً في قطاع غزة بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وأكد عدد من الأطباء في القطاع أن القصف وقتل الأطفال والنساء أدى إلى تزايد كبير في الولادات المبكرة، كما أن الهلع واستنشاق الغازات أسفرا عن حالات إجهاض كثيرة وخصوصاً في محافظات الشمال، في ظل تواصل الحرب الضارية منذ ٣٢ يوماً على التوالي، والتي لم تسلم فيها المشافي من القصف الاسرائيلي.

وأكد طبيب الولادة في مستشفى ناصر، محمد الرقم، أن “النساء الحوامل يعانين من قلة الأسرّة والأطباء والرعاية الطبية الجيدة ما قبل الولادة وبعدها، بسبب الحرب الاسرائيلية، واليوم حتى العمليات القيصرية التي تعتبر طارئة، ويجب أن تنتهي بحدود ٢٠ دقيقة كحد أقصى، وهي عملية إنقاذ حياة، بتنا اليوم على وشك أن نفقد الأم والجنين في حال لم تتوافر الكهرباء”.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير”، تقول الفلسطينية غ. عُليان التي تقطن في منطقة خان يونس وابنتها حامل: “التنقل كان صعباً في ساعات الليل وتحت القصف الكثيف في الليلة الماضية، وتوجهنا إلى أكثر من مركز صحي في القطاع وأكثر من مستشفى بسبب خروج مراكز كثيرة عن الخدمة وصعوبة استيعاب أعداد إضافية في المستشفيات، واستطعنا اجراء عملية الولادة في مستشفى الشفاء أخيراً على الرغم من ضيق المكان والاكتظاظ الكثيف للأهالي هناك هرباً من القصف”.

وتضيف: “رأينا مشاهد مرعبة جداً لنساء حوامل يلدن باكراً بسبب حالة الهلع، عشرات الأطفال بحاجة إلى حاضنة وللأسف ليست هناك أعداد حاضنات كافية من جهة، والكهرباء قد لا تساعدهم في الأيام المقبلة على الاستمرار من جهة ثانية، عدا عن مئات حالات الاجهاض التي رواها لنا طبيب الطوارئ في المستشفى، الوضع كارثي ويحتاج الى تدخل دولي سريع”.

وتوضح غادة موسى، أخصائية نسائية وتوليد عبر “لبنان الكبير” أن “تزايد حالات الاجهاض والولادة المبكرة يعود إلى سببين أساسيين، الأول نفسي بسبب الوضع العام في قطاع غزة، وتأثير الخوف والتوتر الذي يمرون به، والسبب الثاني طبي، من ناحية قلة العناية الطبية، التغذية السيئة، وعدم توافر أدوية في المستشفى والعيادات. كل هذا سيؤدي إلى تراجع في عدد الولادات في قطاع غزة لفترة محددة بعد الحرب، ولكن تعود بصورة طبيعية ويمكنهم تعويض ذلك، مع تغذية صحية وتشغيل المستشفيات للعمل ضمن خدمتها، وفي هذه الحالة سترتفع عمليات الانجاب مثل السابق”.

ومن الناحية النفسية، يشير المعالج النفسي عبدالله جراح الى أن “حالة الحرب وخصوصاً ما يحصل في غزة من قصف عشوائي من جميع أنواع الأسلحة، تولد توتراً كبيراً لدى الجميع وتحديداً المرأة الحامل التي كانت تحلم بالأمومة قبل ٧ تشرين الأول وبمستقبل ولدها، وفجأة تحطمت آمالها وأحلامها فتدخل في حالة اكتئاب قوية، بالاضافة إلى قنابل الفوسفور التي تستخدم والغبار والسموم التي تستنشقها المرأة جميعها وتؤثر على حملها ما يؤدي إلى عملية إجهاض أو ولادة مبكرة بحسب وضعها”.

ويشدد على أن “العامل النفسي يلعب دوراً مهماً في هذه المرحلة، ولكن المرأة الفلسطينية تحديداً تفكر أولاً في وطنها وقادرة على تحمل كل الضغوط والقلق مقابل أن تبقى على قيد الحياة وتكون قادرة على إنجاب أجيال جديدة، وألم الاجهاض عندها لا يساوي ألم فقدان الوطن، وهذا الموضوع يمكن أن يخفف من اكتئاب ما بعد الاجهاض أو الولادة المبكرة”.

شارك المقال