هل تأثر موسم التبغ الجنوبي بالاعتداءات الاسرائيلية؟

محمد شمس الدين

بعد الحمضيات يشتهر الجنوب اللبناني بزراعة التبغ، وقد شكلت هذه النبتة إحدى عوامل تثبيت الجنوبيين في قراهم، إن كان بسبب الحرمان الذي كانت تعيشه المنطقة أو على أثر الاعتداءات الاسرائيلية، وهي مستمرة حتى اليوم في العطاء للمزارع الجنوبي، ولكن هل تأثر محصول هذه السنة بسبب هذه الاعتداءات؟

لحسن الحظ ينتهي حصاد التبغ في أواخر شهر آب، إلا أن تسليمه يجري في أوائل تشرين الثاني، وهذا ما شكل تحدياً لمؤسسة إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي”. وقال مدير الزراعة والمشترى في المؤسسة المهندس جعفر الحسيني لموقع “لبنان الكبير”: “نحن الآن في مرحلة استلام المحاصيل، وقد بكرنا في الموسم بسبب الأحداث، وعادة ما ينتهي قطاف التبغ في آخر شهر آب ويتم توضيبه ووضعه في المنازل بانتظار التسليم في تشرين الثاني، ولكن بسبب الاعتداءات الاسرائيلية، وتهجير أهالي المناطق الحدودية هناك العديد من المحاصيل بقيت في مخازنها، بسبب عدم القدرة على الوصول إليها، مثل تلك التي في مروحين ورامية، حيث هناك خطر أمني كبير، وتهجير غالبية السكان فيها، وقد واجهنا صعوبات كبيرة في الأيام الـ10 الأولى للأحداث حيث حصل التهجير بصورة سريعة من القرى، علماً أننا تمكنا من استلام 93٪؜ من محصول هذه السنة”.

ويشير الحسيني الى أن “لدينا 5 مراكز استلام في القرى الحدودية اضطررنا إلى إغلاقها بسبب الأحداث والخطر الأمني، وهي موزعة في الضهيرة، عيتا الشعب، رميش، عيترون وميس الجبل، وقمنا بإنشاء مراكز بديلة في مناطق أمنة نسبياً، مثل كونين وتبنين وبئر السلاسل والنبطية”، لافتاً الى أن “القصف الاسرائيلي سيؤثر على المزروعات كافة في المواسم المقبلة، تحديداً القصف بالفوسفور الأبيض الذي يؤثر بصورة سلبية على البيئة والصحة والمنظومة البيولوجية”.

ويذكر الحسيني بأن السنوات الأربع الأخيرة كانت صعبة جداً على مزارعي التبغ والمزارعين عموماً، موضحاً أن “انهيار العملة وتعامل الريجي بالليرة دفع العديد من المزارعين إلى التخلي عن الزراعة، كونها كانت تسبب خسارة لهم، ومنذ العام 2020 حتى السنة الماضية، انخفض مستوى الاستلام في الجنوب إلى 50%، إلى حين أخذت الادارة قراراً شجاعاً السنة الماضية، بالتسعير بالدولار، وهذا الأمر رفع نسبة الاستلام إلى 40% أكثر من السنوات قبل القرار”.

ويؤكد الحسيني أن “سرعة تحرك الادارة ساعد في الافادة من غالبية محصول هذه السنة وعدم تكبيد المزارعين خسارة ضخمة، على الرغم من الأحداث الأمنية والعسكرية، وسيتمكن حوالي 85% من المزارعين من الحصول على عائدات مزروعاتهم خلال الأيام المقبلة، عبر شركات تحويل الأموال، بحيث ستصلهم رسالة نصية تبلغهم بتسلم مستحقاتهم”.

إذاً، لقد تأثر قطاع التبغ قليلاً بأحداث الحرب، ولكن “الريجي” تمكنت من تجنب خسائر ضخمة عليه، إلا أن موسم السنة المقبلة سيشكل تحدياً لبعض المزارعين الذين احترقت أراضيهم بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً، والذي تدأب اسرائيل على استعماله في اعتداءاتها، وقد تقدم لبنان بشكوى رسمية حول هذا الأمر لدى الأمم المتحدة، فيما تجهد وزارة الزراعة في توثيق هذه الاعتداءات واحصاء أضرارها.

شارك المقال