البنى التحتية في الجنوب تحت السيطرة

نور فياض
نور فياض

تفوّق العدو في الابادة والمجازر، الا أنه بعد أكثر من ٤٧ يوماً، لم يحقق أي هدف استراتيجي، فلا جيشه تمكن من سحق المقاومة الفلسطينية، ولا نجح في العثور على الأسرى الموجودين لدى فصائلها، ولا التصدي للصواريخ التي لا تزال تتساقط ليس على مستوطنات الغلاف وحسب، بل تبلغ تل أبيب، لكنه استطاع تحقيق خسائر بشرية ودمار هائل.

في لبنان أيضاً لم يحقق العدو مبتغاه، فلجأ الى قصف المنازل، وحرق مساحات شاسعة من الأحراج ومؤخراً قصف عمود ارسال لشركة “ألفا”، بعدما كان القصف تسبب سابقاً بعطل في الكهرباء والمياه. لكن كل وزارة معنية وضعت خطة انقاذية في حال تدهورت الأوضاع الأمنية، وبسبب الأعطال بدأت هذه الجهات أيضاً بتصليح الأضرار قدر المستطاع.

صحيح أن الهدنة المؤقتة في غزة تبدأ اليوم، لكن لا أحد يعلم إن كانت ستطبّق في الجنوب اللبناني، ومدى التزام العدو بها، فهو معروف بعدم احترامه للقوانين كافة ولا حتى للتسويات، وكل الاحتمالات مفتوحة، من هنا نشرت الوزارات سابقاً خططاً انقاذية وغالبيتها بدأت بتطبيقها حتى قبل بدء الحرب الموسعة، فنحن اليوم نعيش حرباً فعلية اذ تخطت المواجهات قواعد الاشتباك لكنها لا تزال موضع أخذ ورد فقط.

القرم: نعمل على تصليح محطة “ألفا”

منذ أيام ضربت اسرائيل محطة لـ “ألفا” في الجنوب، وأصدر وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم بياناً حول ذلك. وفي حديث عبر “لبنان الكبير” أكّد القرم أن “الخطة موجودة ونعمل مع شركة ألفا على تصليح المحطة، وكنا قد واجهنا مرتين صعوبة في المناطق التي تتعرض للقصف في تعبئة المازوت وننتظر دائماً الاذن من الجيش للدخول الى تلك المناطق. ومن النقاط المهمة التي نسعى الى تفعيلها هيmesh deployment والتي لا يمكن أن تكون موجودة في مناطق مكتظة بالسكان والا ينتج عنها ping pong effect”.

أضاف القرم: “من النقاط الموجودة في الخطة: تأمين مولدات متحركة للمحطات الكبيرة في حال ضربت المولدات الأساسية، نقل المراكز من دون تصريح، الموظفون يعملون من منازلهم ولا يحضرون الى الشركات، أي العمل والتحكم عن بعد، كما تجهيز السيارات واعطاء أولويات في التصليحات.”

وعلى الهامش، أشار القرم الى أن “خدمة النصف ساعة عند التشريج قد ألغيت، فهي من الأساس وضعت للمرحلة الانتقالية وجددناها أكثر من أربع مرات ولم تكن أبدية.”

ضاهر: المساعدات ليست بالحجم المطلوب

واقع المياه لا يختلف أبداً عن الاتصالات، فمصلحة لبنان الجنوبي وضعت أيضاً خطة وبدأت بتنفيذها. وأوضح رئيس مصلحة مياه الجنوبي وسيم ضاهر أن “المصلحة قسّمت المناطق الى ثلاثة أجزاء ولكل جزء خطة، الجزء الأول: مناطق شبه فارغة من السكان. الجزء الثاني: مناطق تتعرض للقصف ولم يغادر كل سكانها. الجزء الثالث: المناطق التي أصبحت مأوى للنازحين”.

ورأى أن “المساعدات ليست بالحجم المطلوب، فصحيح أن HCRC واليونيسف تسعيان الى مساعدتنا في تأمين كل اللوازم لكننا لا نزال بحاجة الى أكثر، فنحن سنؤمن الكهرباء ووسائل أخرى، اضافة الى المازوت والمولدات المتحركة، وكل ما يلزم من أدوات.”

وقال ضاهر: “نحن لا نزال حتى اليوم نعطي المياه للمناطق التي تتعرض للقصف ومنذ فترة استطعنا اعادة تشغيل محطة في يارون طبعاً بمؤازرة الجيش واليونيفيل، وألغينا خزاناً في يارين وأعطينا المياه لهذه المنطقة عبر الشبكة مباشرة. كل شيئ حتى الآن تحت السيطرة، وعلى الرغم من اصابة أحد عمالنا في طير حرفا الا أننا لا نزال نواصل عملنا قدر الامكان لتأمين المياه الى المواطنين كافة، لكن ان زادت الأمور عن حدّها، فلا أحد يعلم ماذا سيحدث.”

بزي: نصلّح الأعطال بالتنسيق مع الجيش و”اليونيفيل”

اما في ما يختص بالكهرباء، فلفت مدير مشروع شركة مراد لمقدمي الخدمات في محافظتي الجنوب والنبطية قاسم بزي الى أن “ما يمكن أن يؤدي الى عطل في الكهرباء: الكابلات، محطات الكهرباء والعواميد، لذلك اطلعنا والمودعين على الكميات الموجودة ووجدنا أنها كافية ولكن ليست كبيرة نسبة الى الأوضاع الاقتصادية التي نمر بها، لكن الترانس موجود، والكابلات أيضاً، ونقدّر ونحن نصلّح الأضرار الكمية التي نحتاجها. اذاً نحن جاهزون بنسبة تتراوح بين ٧٠ و٨٠% وبدأنا بتصليح أعطال عدة في مختلف المناطق بالتنسيق مع مخابرات الجيش واليونيفيل.”

وأوضح أن “لدينا ٢٠٠ عامل فني موجودون الى الساعة السادسة مساء، لكن عندما تكثر الاشتباكات لا يمكننا أن نصلّح الأعطال”، مؤكداً أن “من الممكن أن تكون الأولوية للمناطق المأهولة بالسكان واذا تضرر كابل في منطقة تفرغ من السكان ولكنه مصدر رئيس لانارة بقية المناطق وتغذيتها، لذا نقوم بتصليحه بعد موافقة الجيش واليونيفيل.”

العدو يهدد دائماً بقصف البنى التحتية وسرعان ما يبدأ “التنكيت”، فالجميع يعلم أن لا بنى تحتية جيدة في لبنان، فمع كل شتوة تفيض الطرق، ومع كل برق تنقطع الكهرباء، ومع كل عاصفة ينقطع الارسال والانترنت، عدا عن أن الأزمة الاقتصادية زادت الطين بلة، ولكن الحرب تفوّقت على الأزمات وما كان صعباً تصليحه في الأيام العادية صُلّح بسرعة فائقة في الحرب. فهل ان الأمور اذا اتجهت الى وقف لإطلاق النار ستنفّذ الخطة وتؤمّن ما كان يحكى عنه للجنوب، أم أنها ستبقى حبراً على ورق؟

شارك المقال