خروق “مزعجة” أطلّت برأسها من باب الأعياد في طرابلس

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تُفلح الحواجز الأمنية المتنقلة والثابتة في مدينة طرابلس في الحدّ من الخروق الأمنية التي ظهرت جلّياً خلال فترة الأعياد وتحديداً بعد عملية حرق شجرة الميلاد في ساحة كنيسة مار جاورجيوس في منطقة الزاهرية، بحيث حاول مجهولون “تعكير” صفو الأجواء الميلادية عبر رمي زجاجتيّ مولوتوف على شجرة الميلاد التي احترقت بالكامل، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً على الصعيد الشعبي، السياسيّ والديني يوم الميلاد، مع العلم أنّ الاجراءات الأمنية المسبقة المتخذة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في المدينة، توحي بأنّ الأمن ممسوك كما تُعطي انطباعاً بأنّ التساهل مع المتجاوزين مستحيل.

الحادثة التي مسّت أقدم الكنائس في المدينة وأعرقها، كانت تستهدف نشر الفتنة الطائفية وإعادة تصويب الاتهامات ضدّ المدينة تشويهاً لسمعتها وصورتها من جديد، فطرابلس التي واجهت شائعات مسّت أمنها وأقلقت زوارها لأعوام، كانت قد أخرجت نفسها من هذه الدوامة عبر فرضها صورتها الحقيقية على الرّغم من رغبة البعض في نشر صورة مختلفة عن الفيحاء التي رفض أهلها رفضاً قاطعاً هذه التعدّيات التي سبق أن حدثت في الأعوام الماضية، وتمّ التعامل معها بحزم قضائيّ تلك الفترة، في وقتٍ لم يتمّ البحث فيه إعلامياً أو أمنياً عن تفاصيل تلك التوقيفات ومصيرها. ففي العام 2013 استجوب قاضي التحقيق في الشمال آلاء الخطيب موقوفاً في حادث احتراق شجرة الميلاد العملاقة التي بلغ طولها ثمانية أمتار في شارع النيني حينها، وأصدر مذكّرة وجاهية بتوقيفه، كما أصدر مذكّرة توقيف غيابية في حقّ آخر، واستنابة إلى المفرزة القضائية في طرابلس للبحث عن شريك ثالث لهما وتوقيفه.

وبعد حديث البعض (من دون إصدار رواية أمنية ورسمية واضحة حتّى اللحظة) عن حصول توقيفات لم يُصرّح عن تفاصيلها للحادثة التي حصلت في الزاهرية أخيراً، يُؤكّد مصدر أمنيّ لـ “لبنان الكبير” أنّ توقيفات قد حدثت بالفعل، والتحقيقات لا تزال قائمة حتّى اللحظة وشارفت على الانتهاء. ويقول: “هناك جهة مرصودة أمنياً تتحمّل مسؤولية هذا العمل، لكن ما زلنا نتأكّد من صحة هذه الشكوك أم لا، الا أن الفاعلين سيُحاسبون قطعاً بعد ثبوت التهمة عليهم، وهذا واجب تقوم به الأجهزة الأمنية على أكمل وجه”.

وإذْ يُصوّب بعض الجهات في طرابلس الاتهامات إلى جهتين سياسيتين، احداهما من المدينة والثانية من خارجها، إلا أنّ المصدر يُشدّد على أهمّية عدم استباق التحقيقات والانتظار إلى حين صدور الرواية الأمنية أو الأوامر التي ستأتي بعد انتهاء البحث والتدقيق بالصورة المطلوبة والتي تليق بمستوى الحدث “الذي لا يتطلّب كلّ هذا الخوف أو الفرضيات التي قد تُضخّم الحادثة”.

بدوره، يلفت مصدر متابع آخر إلى توقيف الأجهزة الأمنية أحد الأشخاص منذ ساعات والإفراج عنه فيما بعد، معتبراً أنّ من قام بارتكاب هذا الفعل، لم يكن ليجرؤ على ذلك، إلّا بعد حصوله على تغطية أمنية وسياسية سمحت له بحرق الشجرة في الكنيسة، أو بمحاولة حرقه الشجرة أمام النيني، “لأنّ كلّ هذه التصرّفات المدروسة تستهدف إثارة النعرات الطائفية والمشكلات بين أبناء المدينة بهدف إحداث الفوضى فقط، لا بسبب الرغبة في تهجير المسيحيين كما تحدّث عمر حرفوش في كلامه الذي يُشبه كثيراً ما يتطرّق إليه التيّار العوني من تصريحات فارغة”. ويوضح أنّ كلّ ما يحتاجه أبناء المدينة حالياً يكمن “في الحصول على دعم أمنيّ للتحقيقات التي كانت أثبتت خبرتها في تحقيقات أصعب وأدقّ بكثير”.

يُمكن التأكيد، أنّ الخروق لا يُمكن أن تقتصر على الأمنية منها فحسب، (على الرّغم من وقوع إشكالات مختلفة، منها ما حصل بين شبان في منطقة التبانة – شارع السبيل تخلّله إطلاق نار في الهواء من رشاش حربي، مع استمرار تحليق طيران العدو في المقابل، فوق رؤوس المواطنين في ظروف حربية باتت معروفة في الفترة الأخيرة)، فالكثير من الطرابلسيين اشتكوا من انقطاع الكهرباء والمياه بصورة مستمرّة، لا سيما في المنازل التي لا يُمكنها الاعتماد على المولّدات الكهربائية للحصول على المياه، الأمر الذي دفع بعض الطرابلسيين إلى الحديث عن تفرقة حدثت في توزيع الكهرباء لصالح مناطق أخرى إمّا للاحتفال بالعيد أو لإجراء اتّبع بعد الاحراج الذي حدث عند زيارة رئيس “التيّار الوطني الحر”ّ النائب جبران باسيل إلى المدينة، الأمر الذي نفته شركة الكهرباء بقائميها، معتبرة أنّ المشكلة لبنانية عامّة ولا تستهدف مدينة أو منطقة دون أخرى.

شارك المقال