شاطئ الناقورة… مورد للعيش رغم الحرب

فاطمة البسام

على بُعد كيلومتر واحد من الحدود الفلسطينية المحتلة تقع بلدة الناقورة، المعروفة سياحياً بشاطئها التركوازي الناصع، ولكن في الآونة الأخيرة تردد اسمها على لائحة القرى التي تُستهدف جنوباً كلّ يوم.

ولعل أبرز إستهداف منذ إندلاع الحرب، حصل أول من أمس حين قصف الطيران الاسرائيلي لأوّل مرّة، مبنى مكوّناً من ثلاثة طوابق، في حيّ سكني مكتظ، أسفر عن مقتل مسؤول تابع لـ”حزب الله”، إلى جانب ثلاثة عناصر آخرين، فيما كانت الضربات السابقة تستهدف أطراف البلدة فقط، الأمر الذي اعتبره السكان “محاولة يائسة لتهجيرهم”، فإلى أين يهجرون بعيداً عن البحر الذي يقصدونه يومياً من أجل الصيد، على الرغم من تساقط الصواريخ والقنابل حولهم؟

الصيد للرزق والترفيه

أبو حسين عليان، في العقد الخامس من عمره، اتخذ من بلدة الناقورة سكناً له، منذ عدّة سنوات، وامتهن الصيد منذ أكثر من ثلاثين سنة، كهواية قبل أن تتحول إلى مورد رزقه الوحيد الذي يعيل أبناءه السبعة.

يتحدّث عليان عن يومياته مع البحر لموقع “لبنان الكبير”، قائلاً: “يبدأ نهاري قبل طلوع الفجر وفي بعض الأحيان قبل استيقاظ العدو وبدء جولاته العسكرية، فنستغل هذه الساعات الهادئة لاختيار المواقع الأفضل للصيد قبل المعركة”.

ويشير إلى أنه يبحر من ميناء الناقورة بمركبه المخصص للصيد ويتجه شمالاً تحسباً لرصاص الاسرائيليين، الذي يمر من فوقهم بهدف ترهيب الصيادين. لا يخفي شعوره بالخوف “اللي ما بخاف ما بكون إنسان”، لكن الشعور بالمسؤولية تجاه عائلته يطغى في تلك الأثناء على الرغم من أن كل لحظة تمر قد تكون الأخيرة.

ويوضح أن هناك عدداً لا بأس به من الصيادين، يأتون من مناطق قريبة، منهم هدفه “الصيد” وآخرون بهدف التسلية.

الحرب لم تغيّر في يومياته شيئاً، كما يقول، إلاّ أنها أضافت صوت طائرات الاستطلاع اليها.

“ما قبل الضربة شي وما بعدها شي”

يؤكد رئيس بلدية الناقورة عباس عواضة لموقع “لبنان الكبير” أن 70% من السكان لا يزالون في البلدة، على الرغم من إرتفاع الخطر على حياتهم يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد الضربة الأخيرة التي استقرت في قلب حي سكني، تضررت جراءها عدّة بيوت وسيارات.

ويقول: “العالم صامدة، لا يمكنني أن أقول لهم أن يتركوا بيوتهم، وخصوصاً من لا يتملك مكاناً يأويه، فالكثيرون يفضلون البقاء في منازلهم على النزوح إلى المدارس أو المهنيات”.

ويؤكد أن تجار الجملة لا يزالون يقصدون الناقورة، لذلك معظم المحال مفتوح، ويمكن للسكان أن يؤمنوا حاجياتهم من المتاجر المحلية، إلاّ أنه لا يعلم إن كان سيبقى الوضع على حاله ولا سيما بعد الاستهداف الأخير.

أمّا لناحية الدمار، بحسب عواضة، أن بلدة الناقورة تدمرت بنسبة 30% في حرب تموز، إلاّ انه أعيد اعمارها، ليكون المنزل المستهدف أول من أمس، البيت الأول الذي يتعرّض للقصف.

وبالنسبة للصيادين الذين يعرضون حياتهم للخطر، يقول: “العالم برقبتها أولاد”، مضيفاً أنه لا يوجد لديهم بديل ليسترزقوا منه.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 تشرين الأول، تشهد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة تبادلاً يومياً للقصف بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي. وأسفر ذلك عن مقتل 170 شخصاً على الأقل في الجانب اللبناني، بينهم 124 عنصراً من الحزب، وسط تكتم من الجانب الاسرائيلي عن عدد ضحاياه.

شارك المقال