طوفان الليطاني… النفايات وتعديات المنتزهات وتقدم البناء أهم الأسباب

نور فياض
نور فياض

يشهد لبنان منذ بضعة أيام منخفضاً جوياً يحمل معه أمطاراً غزيرة، ما أدى الى تشكل السيول نتيجة فيضانات مجاري الأنهار وقنوات تصريف المياه التي ما عادت تستوعب كمية المتساقطات التي انهمرت في فترة زمنية قصيرة، كانت نتيجتها غرق العديد من الشوارع والأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين السوريين.

لم يقتصر هذا المنخفض الجوي على الأضرار المذكورة أعلاه، انما تعداه الى غرق عائلة في برج رحال بسبب طوفان نهر الليطاني لكن الدفاع المدني أنقذها. وهذا ليس الضرر الأوحد الذي سببه ارتفاع منسوب نهر الليطاني، اذ غمرت مياه الأمطار التي هطلت بغزارة عدداً من بساتين الموز والحمضيات والسهول المزروعة، ما أدى الى أضرار جسيمة خصوصاً في المنطقة الواقعة بين بلدتي بدياس وبرج رحال.

يؤكد رئيس تجمع مزارعي الجنوب محمد الحسيني لـ”لبنان الكبير” أن “ما ينقل هو صورة مضخمة عن طوفان الليطاني، أما في الحقيقة فهو أمر طبيعي جداً لا يدعو الى الخوف، ولم نتلقَ حتى الآن أي شكاوى في ما يتعلق بالأضرار وخصوصاً الموز والحمضيات.”

ويوضح الحسيني أن “هناك سببين لطوفان النهر، أولاً، رمي النفايات فيه، ثانياً، التعديات على حرم النهر ان كان عمرانياً أو من المزارعين عبر التربة، وبالتالي عند تساقط كمية كبيرة من الأمطار مثلما شهدناه منذ يومين، يطوف مجرى النهر على جانبيه. اذاً، كل ذلك يؤدي الى سد مجرى النهر، اما ما هو دراماتيكي، فان هذه الكمية الهائلة من المتساقطات لا تحصل دائماً”، لافتاً الى أن “تعديات المنتزهات المجاورة للنهر من الأسباب الرئيسة للطوفان، صحيح أننا تواصلنا سابقاً مع الجهات المعنية وأزيل الكثير من تلك التعديات، ولكن آثار التعدي لا تزال موجودة وهي ما تسببت في اقفال المجرى والطوفان.”

ويشير الى أن “انحسار المتساقطات يؤدي الى اعادة الامور الى طبيعتها، وكل ما حصل ليس أمراً غير مألوف، وانما الضرر الأوحد يتعلق بالزراعة المبكرة، اذ زرع المزارع بعض الخضار أو الفاكهة في أنفاق، وعندما هطلت الأمطار الطوفانية، تضرر البذر المزروع، لكن حتى الآن ضمن الجنوب لا خطر أو تضرر كبير في المزروعات.”

في السياق، يقول رئيس مصلحة الليطاني سامي علوية عبر “لبنان الكبير: “ارتفاع نهر الليطاني لا نعتبره كارثة، فهذا هو المجرى الطبيعي للنهر وفق معدل المتساقطات، ولا نرى أي ظاهرة غير طبيعية، وانما بعد طول السنوات أمعنت الدولة وأمعن معها المواطن في عدم احترام حرم الأنهر والينابيع، وبالتالي تقدم البناء ما أدى الى حصر النهر بمحلات معينة، بحيث أصبح ارتفاع تصريفه فيضاناً.”

ويضيف: “أما القضية المحقة، فهي أن مجموعة من الناس زرعت أراضيها بالحمضيات والموز ولكن حتى الآن لا ضرر فيها، لأنها تموت حين تبقى من دون هواء أو أوكسيجين لمدة معينة من الزمن.”

ويشدد على أن “منسوب مياه الليطاني يعود الى طبيعته، ولا خوف على الحمضيات الا اذا استمرت العاصفة في وقت متواصل لأسابيع، وهذا غير متوقع”، داعياً المواطنين الى “ازالة التعديات بالقرب من الأنهر، فعادة عليهم الابتعاد ما يقارب الثلاثين متراً، انما هم يبتعدون سبعة أمتار فقط”.

وفي ما يتعلق بالخطط، يؤكد علوية أنها “ليست من مسؤولياتنا، انما مسؤولية الجهات المختصة، لكن المشكلة اليوم ليست بسبب الكميات المتساقطة انما نحن وسخون، نرمي النفايات على الطرق، وهناك نوع وحشي من البشر يبني العمارات على ضفاف النهر ويضايقون مجراه”، معتبراً أن “الموضوع تم تضخيمه اعلامياً انما هو أمر طبيعي والنهر يستعيد مجراه. لا شيء اسمه طاف النهر انما هناك شيء اسمه تعمرت بقلب النهر ولم تحترم مجراه”.

نلوم الدولة دائماً على اهمالها، ونتهمها بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية، وننسى أو نتناسى أننا نحن من نرمي الأوساخ على الطرق ونتعدى على الأنهر. والعجب في اللبنانيين، في غالبيتهم كي لا نلجأ الى التعميم، أنهم يحترمون قوانين البلاد التي يسافرون اليها ولا يجرؤون على رمي سيجارة في الشارع خوفاً من اعطائهم مخالفة، فهل حان الوقت في لبنان أن تضع السلطة قوانين تجرّم المخالف، أم أن المحسوبيات ستظل أقوى من ذلك؟

شارك المقال