آلاف المباني مهددة بالسقوط في لبنان… ما علاقة المناخ؟

فاطمة البسام

حذرت “الهيئة اللبنانية للعقارات”، من “التغير المناخي المستجد في العالم”، وطالبت بـ”ضرورة اتخاذ تدابير احترازية، لأن ذلك سوف ينعكس على الأرض والتراب والهواء والكوارث”. وذكرت بأنها “أطلقت ناقوس خطر تلك التداعيات منذ أعوام، وخصوصاً أن لبنان معظم أبنيته لا يقل عمره عن ٨٥ سنة وقد تعرض لحروب عدة، وغالبيتها لم يتم ترميمها أو تدعيمها كما يجب”.

وأشارت في بيان الى “تأثير قوانين الايجارات القديمة عليها لجهة غياب الصيانة والمعالجة بسبب مجانية بدلات الايجار وعدم قدرة أصحاب تلك الأبنية بسبب ذلك، وعدم تأمين الدولة حوافز تخفف من هذا العبء، اضافة الى أن لبنان موجود على فيلقين ومعرض للزلازل”، لافتة الى “كارثة ٤ آب وتفجير المرفأ وانعكاسه على سلامة المباني علماً أن الأبنية المبنية أيضاً قبل العام ٢٠٠٥ معظمها يفتقر الى معايير السلامة العامة”.

وتطرقت الهيئة إلى بعض الابنية التي أنجزت “عن طريق المحسوبيات، وتم تمرير رخص ولم تكن مبنية وفق أسس ومعايير سليمة ناهيك عن الفساد والغش وغياب الرقابة في جودة المواد المستخدمة في البناء”، مؤكدة بحسب الأرقام التي حصلت عليها من خلال جهات هندسية عدة، أن “هناك ما يزيد عن ١٦ ألف بناء مهدد بالسقوط على الأراضي اللبنانية كافة، فما بالكم اذا كانت هناك أبنية قديمة، وأخرى مبنية بمواد مغشوشة أو حتى شيدت في مواقع على أرضيات متحركة وقابلة لانجراف التربة والصخور”.

وتساءلت: “أما آن الأوان لأن نستدرك مدى خطورة هذه الأوضاع، والمباشرة بحزم الأمور التنظيمية والقانونية والادارية صوناً لسلامة الناس وحياتهم والعيش بكرامة، واحترام حقوق الآخرين من أجل وطن أفضل؟”.

رئيس “شبكة سلامة المباني” المهندس يوسف عزام يشير لموقع “لبنان الكبير”، الى التغير المناخي الذي نشهده على صعيد العالم ككل وليس على صعيد لبنان فقط، فدرجات الحرارة إما تكون فوق معدلها الطبيعي أو تحته، أما في لبنان فيترجم هذا التغير بكمية المتساقطات، بحيث أن كمية الأمطار التي تتساقط في فترة قصيرة توازي الكمية التي كانت تتساقط على مدى أشهر.

وينعكس ذلك بحسب عزام، على كمية المياه التي تستقبلها الأنهار والبرك، وهي كميات كبيرة لم تعهدها من قبل، فتؤثر سلباً على المناطق المحيطة بها، مثل حيطان الدعم، الأساسات الخاصة بالبناء، مشدداً على وجوب “أن نلتفت الى الأبنية المتعدية على الأملاك النهرية، التي ستدفع الثمن الأكبر من الخراب”.

كما لفت إلى “وجود الأنهار والمجاري الدفينة، تلك التي تمر من تحت الأرض من دون أن نلحظها، وبسبب المتساقطات، هذه الأنهار ستتحرك، ما سيؤدي إلى انزلاق التربة، وهذا لحظناه في المناطق الجبلية في لبنان”.

كيف يمكن معالجة هذا الأمر هندسياً؟ يقول عزام: “في قوانين البناء هناك ما يعرف بالدراسة الجيولوجية التي تمكننا من الأخذ في الاعتبار كمية المياه التي باتت تتساقط بكميات مغايرة، استخدام مواد في التدعيم مختلفة عن تلك التي كنا نستخدمها في السابق، وتغيير مستوى عمق أعمدة الأساس”.

وبالنسبة الى الأماكن القريبة من مصادر المياه، يؤكد وجوب أن نبتعد عن انشاء أي مشاريع عليها، لأنها باتت مهددة بفضل تغير المناخ. ويشجّع على إطلاق مشاريع للتشجير، لأن جذور الأشجار تكمش التربة وتحميها من الانزلاق.

فهل سنشهد سياسات بناء جديدة في السنوات المقبلة؟

شارك المقال