رمضان عاد والقرى الحدودية شبه فارغة من سكانها

فاطمة البسام

شاء مدفع شهر رمضان هذه السنة أن يتزامن مع المدفعية الاسرائيلية، في القرى الحدودية التي ترفض الاستسلام للأمر الواقع الصهيوني وتحاول قدر المستطاع الحفاظ على العادات والتقاليد الثابتة التي كانت تحييها قبل إندلاع العدوان.

بالصمود أولاً، واجه أهالي هذه القرى المدفعية الاسرائيلية، على الرغم من عشوائية القصف الذي أصبح يطال بيوت المدنيين في أكثر من قرية، مرتكباً المجازر بحق النساء والأطفال.

تقطّعت الأوصال بين البلدات التي كانت تجمع أبناءها في المحال التجارية والأسواق، وخلقت جزءاً من إكتفائها الغذائي من حواضر الأرض، ومن المونة التي كانت مُعدّة لأيام السلم.

صحيح أن سفرة رمضان تقتصر على وجبتين فقط، الافطار والسحور، إلاّ أن بعض الأطباق يعتبر أساسياً في وجبة الصائم، مثل الشوربة والفتوش والحلويات.

أما الوضع الراهن فسيفرض وجوده على الأجواء الرمضانية، وعلى السفرة التي كانت تعج بأطباق مختلفة.

رئيس بلدية بلدة الناقورة عباس عواضة، يقول لموقع “لبنان الكبير”: “25 عائلة بقيت صامدة في الناقورة من أصل 300، ستفطر على الأصوات الحلوة. هذه العوائل بقيت في البلدة، بسبب قدرتها المادية التي لا تمكنها من النزوح”.

ويضيف: “مجرد دخولك إلى الناقورة في السابق، كانت تستقبلك زينة رمضان التي ترافقك من أول البلدة حتى آخرها، وهذا لا نراه اليوم بسبب الحرب الطاحنة الموازية للحدود”.

في السابق كان المجلس البلدي يهتم بالزينة، ويقيم سهرات رمضانية في وسط البلدة، بالاضافة إلى الإفطارات التي كانت تعدها كشافة الرسالة وكشافة المهدي، للأيتام، والأسر الأقل إقتداراً، وهذا أيضاً لن يكون ممكناً بحسب عواضة، “فسكان البلدة اليوم يلتزمون منازلهم ولا يتجولون إلا للضرورة القصوى، بسبب الاستهدافات العشوائية التي بتنا نشهدها”.

ومن المتعارف عليه، التبرعات السخية التي كان يقدمها المغتربون في هذه الفترة من السنة من أجل مساعدة الأسر المحتاجة، ويقول عواضة عن ذلك: “مين الو عين يطلب مصاري بهالوضع وكل مغترب في كذا عيلة برقبته من أقاربه؟”.

الدكاكين والمحال الغذائية لم تغلق أبوابها في الناقورة، إلاّ أن لا وجود لكل الأصناف فيها، وبحسب عواضة، اللحام في البلدة ما عاد يذبح، بل يأتي بكميات قليلة من اللحم، جاهزة للبيع، أمّا محل الدجاج فقد أقفل. بعض الخضار التي لم تتأثر بشح المياه، يقطفه السكان، مثل الحشائش التي لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الريّ.

وتلقى عواضة وعوداً من إتحاد بلديات الجنوب، بتقديم حصص غذائية للعوائل الصامدة.

أمّا الجامع، فأصبح يرفع الآذان فيه فقط، فلا تجمعات ولا صلوات جماعية، حفاظاً على حياة السكان الموجودين.

العضو في جمعية بلدة المنصوري، محمد شويخ، يتحدّث إلى “لبنان الكبير” قائلاً: “الزينة غير موجودة لأن المنطقة لا تعيش أجواء فرح، ولو بحلول الشهر المبارك”.

وبحسب شويخ، بدأت الفعاليات الشبابية تهتم بتوزيع الحصص الغذائية والأطعمة، التي يتبرع بها المقتدرون من أبناء البلدة، فلا يمكن التقصير بحقهم بسبب الأوضاع، خصوصاً أن هناك عدداً من النازحين استقر في المنصوري، مثل أهالي مجدل زون، وهم أيضاً بحاجة إلى مساعدات لأنهم أصبحوا بلا مورد اقتصادي.

ويشير الى أن التجمعات غير محبّذة، وفي الأيام المقبلة سيحسم موضوع الصلاة الجماعية في الجامع.

في العموم الأوضاع الاجتماعية لسكان البلدة جيدة، أما أمنياً فالوضع مستتب، ولا نعلم متى تتدهور الأمور، بحسب ما يوضح شويخ.

أمّا بلدات مثل الضهيرة، عيتا الشعب، بليدا، مارون وغيرها فأصبحت خالية كلياً من السكان، وفق تصاريح رؤساء البلديات والمختارين لـ”لبنان الكبير”، اذ غاب أبناء هذه المناطق عن سفراتهم التي كنت تجمعهم مع من يحبون في الشهر الفضيل.

شارك المقال