إحياء مجالس عاشوراء… وقرار المسيرات لم يؤخذ بعد

محمد شمس الدين

يحيي الشيعة في العالم ولبنان ذكرى عاشوراء مهما كانت الظروف التي تعاني منها البلدان المقيمين فيها، فخلال الحروب لم تتوقف مراسم إحياء الذكرى، ولم تمنعها التهديدات الإرهابية أو التفجيرات التي استهدفت مجالس عاشورائية. لكن خلال السنة الماضية كان الأمر مختلفاً مع تفشي كورونا، فهذا عدو لا يمكن أن تتحداه وتحاربه بالطرق التقليدية، ووسيلة الحماية منه هي التباعد الاجتماعي، ولهذا أُلغيت المجالس العاشورائية في لبنان، واقتصر إحياء الذكرى على بضعة مجالس صغيرة في القرى اتبعت أسس التباعد الاجتماعي، إلا أن هذه السنة اتخذت المرجعيات الشيعية في لبنان قرار إحياء عاشوراء، رغم تفشي متحورات جديدة من فيروس كورونا في العالم.

الجهات الرسمية لم تمانع إحياء الذكرى

وفي هذا الاطار، يؤكد المسؤول الثقافي لإقليم جبل عامل في حركة أمل الشيخ ربيع قبيسي لــ “لبنان الكبير”، أنه “يمكن إحياء المجالس العاشورائية مع الالتزام الصارم بضوابط السلامة الصحية، وتوصيات التباعد المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة اللبنانية”، مشيراً  الى أنه “من المفترض أن تكون المجالس آمنة بشكل كبير بعد اعتماد الإجراءات الوقائية، وهناك مناسبات عديدة تقام على صعيد لبنان والعالم وتتبع التباعد الاجتماعي، وقد كانت الإجراءات فعالة، كما أن  حملة التلقيح طالت العديد من اللبنانيين، والجهات الرسمية المعنية لم توصِ بمنع إقامة الشعائر الدينية بل شددت على اتباع الضوابط”.

قرار المسيرات لم يؤخذ بعد

أما عن الإجراءات الصحية، فيشير قبيسي إلى أنَّ “الجهات المعنية في حركة أمل سوف تكون في كامل جهوزيتها لمواكبة المجالس وإجراءاتها، بما يحفظ أرواح المشاركين ولتفادي انتشار الوباء، كما كانت تفعل منذ بداية الجائحة، حيث وضعت امكانياتها في خدمة الناس على صعيد الوطن”، مشدداً على “ضرورة تلقي اللقاح، وعدم المشاركة في المجالس في حال وجود أعراض، لأنها مسؤولية شرعية وإنسانية”. ولجهة يوم العاشر من محرم والمسيرات التي تحصل فيه، يؤكد قبيسي أن “الكلام في هذا الموضوع سابق لأوانه، وأنَّ قرار البت به سيكون بحسب الأوضاع والمقررات الرسمية المتبعة”.

المرجعية الشيعية أفتت بإقامة المجالس

إحياء عاشوراء من أهم المحطات التي يقيمها أتباع أهل البيت عليهم السلام عبر التاريخ، ولم تتوقف يوماً منذ شهادة الإمام الحسين عليه السلام، وفقاً لقبيسي، “وقد تختلف الطرق والأساليب في الإحياء، ولهذا الإحياء عمق عقائدي في وجدان المؤمنين، وما دامت مراسم الإحياء لا ضرر فيها وتتبع التباعد الاجتماعي والإرشادات الصحية، فإننا ملتزمون بما أفتى به فقهاؤنا من إحياء المجالس والحفاظ على أرواح الناس حيث قال المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله: “أما المجالس العامة، فلا بد من أن يُلتزم فيها بالضوابط الصحية التزاماً صارماً، وبأن يراعى فيها التباعد الاجتماعي بين الحاضرين واستخدام الكمامات الطبية وسائر وسائل الوقاية من انتشار وباء كورونا، مع الاقتصار في عدد الحضور على ما تسمح به الجهات المعنية، وهو مما يختلف بحسب الموارد من حيث عقدها في الأماكن المفتوحة أو المغلقة ومن حيث اختلاف البلدان بالنظر الى مدى انتشار الوباء فيها”.

إقرأ أيضاً: نسبة الإصابات من “دلتا” 90% وحسابات الإقفال مختلفة

ويرى قبيسي أن “لا مانع من بث المجالس على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون مع إحيائها حضورياً، بل هو أمرٌ مطلوب لكي يشارك الذين لا يستطيعون الحضور”، داعياً الله أن “يرفع البلاء والوباء عن البشرية ببركة هذه المجالس، التي هي مجالس استجابة الدعاء”.

مراسم عاشوراء التي ألغيت السنة الماضية ستكون حاضرة هذه السنة، ويبدو أنَّ خطة المعنيين بإحيائها هي باتباع إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية الصحية، ولكن على الناس الالتزام بالإرشادات، كي لا تتفشى متحورات كورونا  في مجتمعنا بسبب التجمعات، أو حتى ربما نخلق متحوراً جديداً عن طريق الخطأ، فالهدف الأول والأخير هو حماية الناس من الوباء الفتّاك.

شارك المقال