سلاح متفلت وانتحار شباب … وادّعاء بالأمن والأمان

احمد ترو
احمد ترو

محمد أحمد يونس من بلدة كترمايا في إقليم الخروب هو شاب لبناني في منتصف شبابه، عاطل عن العمل كمعظم الشباب اللبناني. وضع محمد صباح يوم الخميس 29/7/2021 حداً لحياته بسبب الظروف الاقتصادية التي كان يمر بها، وأقدم على الانتحار بواسطة السلاح (بومبكشين).

ليست المرة الأولى التي يقدم فيها مواطن لبناني على الانتحار بواسطة السلاح، بل إن التقارير الأمنية تزخر بمثل هذه الحالات، حوادث مشابهة تتكرر بشكل شبه يومي، وبالأمس قضى الشاب في المستشفى بعد أن أطلق النار على نفسه، المواطن اللبناني لم يعد يرى غير السلاح اداةً للتعبير عن حالته المزاجية، سواء في وقت فرحه أو تعبيراً عن حزنه، وأيضاً إذا أراد أن ينهي حياته فالسلاح وسيلته الأولى وهو متوفر في بلد أمنه على كف سلاح غير شرعي. إذ لا يمكننا أن ننسى الضحايا الذين سقطوا وما زالوا يسقطون نتيجة الرصاص الطائش أيضاً. فهذا التفلت الأمني في ما يخص السلاح ليس وليد اليوم بل عمره عشرات السنين.

وبالتأكيد سيذكر التاريخ أن العهد القوي هو عهد انتحار الشباب اللبناني بسبب أوضاعهم الاقتصادية وعجزهم عن تأمين لقمة العيش، وتعبيراً عن حال اليأس التي يعيشونها وإقفال أبواب الأمل ببناء حياة كريمة في بلدهم.

كيف انتحر محمد وما هي الأسباب؟

وبالعودة إلى حادثة انتحار محمد يونس تواصل موقع “لبنان الكبير” مع صهر الضحية علي ملك الذي علق على الحادث بالقول: “إنتحار محمد صدم الجميع ولم يتوقع أحد منه أن يقدم على الانتحار، فهو لا يعاني من أية أمراض نفسية، لكن حالته الاقتصادية التي تشبه هذا البلد هي التي دفعته نحو إنهاء حياته. شاب عاطل عن العمل بماذا سوف يفكر بغير الانتحار؟”.

ونفى ما تم تداوله من شائعات تقول إن محمد أنهى حياته بسبب انفصاله عن خطيبته السابقة عارية من الصحة، موضحاً: “انفصاله عن خطيبته مرت عليه فترة طويلة”.

من جهته، أفادنا رئيس بلدية كترمايا يحيى علاء الدين أن “محمد أطلق النار على صدره من جهة القلب بواسطة (بومبكشين)، وترك وراءه رسالة إلى أهله لكي يتم قراءتها بعد وفاته، لكنني لم أطلع على مضمون الرسالة. كما أنه يوجد مشكلة كبيرة وهي أن القوى الأمنية والأدلة الجنائية لم تستكملا التحقيق، والطبيب الشرعي لم يذهب إلى المستشفى، وتم دفن الجثة قبل أن يتم التحقيق بتفاصيل الحادثة”.

شربل: كل لبناني يملك سلاحاً في بيته

“كل لبناني يملك سلاحا في بيته، ومن يقول غير ذلك فكلامه غير صحيح”، هذا ما قاله وزير الداخلية السابق مروان شربل لــ “لبنان الكبير” عن ظاهرة تفلت السلاح غير الشرعي في متناول أيدي المواطنين. مضيفاً: “كل فرد يحمل سلاحاً توقفه الدولة، لكنها لا تبحث عن السلاح في البيوت، ففي الوقت الذي تتلقى فيه الدولة إخباراً، حينها تقدم على مداهمة الأحياء والبيوت التي تتواجد فيها الأسلحة وتصادرها مع كل الممنوعات التي تجدها. وقد تسلحت جميع احزاب السلطة نتيجة المشكلات التي مر بها لبنان في عام 1958، و1975، و2005، ومازالوا يحتفظون بهذا السلاح حتى اليوم. ففي الحرب الأهلية التي دامت 15عاماً كل الأحزاب اللبنانية تسلحت ولو بنسب متفاوتة، وتقريباً 90 % من البيوت يتواجد فيها السلاح، والدولة لا تستطيع أن تداهم كل هذه البيوت. والقانون يمنع المواطن من أن يحمل أو يحتفظ بالسلاح بدون ترخيص من الدولة، والأجهزة الأمنية والجيش اللبناني غير مقصرين ويصادرون الأسلحة يومياً”.

مصادر أمنية: مصادرة سلاح البيوت بقرار دولي

من جهتها، قالت مصادر أمنية لـــ”لبنان الكبير”، إن “مصادرة الأسلحة من البيوت كافة تحتاج إلى قرار دولي، وهذا القرار لا تتخذه جهة معينة أو مؤسسة أمنية، إذ إنه يحتاج قراراً سياسياً يوضع ضمن خطة طويلة. ووضع لبنان اليوم لا يرتبط بالسلاح فقط، بل بالوضع العام ووضع السياسة”.

ورغم كل الحوادث الأمنية التي يعيشها البلد وكثرة استخدام السلاح سواء للانتحار، أم للاشتباك، أم للأفراح، بررت هذه المصادر الأمنية الأمر بالقول: “نحن بلد آمن ونسبة الأمان في بلدنا عالية مقارنة بدول العالم المتقدم والنامي. إن لبنان بلد آمن رغم كل المشكلات التي يمر بها، ونحن مع إزالة السلاح وهذا الموضوع يجب معالجته بالسياسة وليس بالأمن”.

لم تكن حادثة محمد الوحيدة التي استخدم فيها السلاح، بل أن هناك حادثتين تزامن وقوعهما، الأولى في مخيم عين الحلوة حيث أقدم شخص على إطلاق النار نحو منزل جده والمنازل المجاورة. والثانية في منطقة بعلبك حيث تم العثور على جثة مواطنة مصابة بطلق ناري في صدرها. ولا يمكننا أن ننسى أيضا الضحايا الذين انتهت حياتهم نتيجة الرصاص الطائش، على الدولة اليوم أن تضع حداً لهذا التفلت في السلاح، واتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، فالأبرياء لا ذنب لهم لكي تذهب أرواحهم بتلك البساطة.

شارك المقال