المراهنات غير الشرعية فوضى حقيقية… وتحرك نيابي بالمرصاد

عمر عبدالباقي

تستمر آفة سوق القمار السوداء في استغلال المواطنين وزيادة عدد ضحاياها، على الرغم من التقدم في قطاع ألعاب القمار الشرعية من خلال إعادة كازينو لبنان العمل بها عبر الانترنت فقط. ومع ذلك، لا يزال أكثر من 50 في المئة من هذه السوق في يد الأنشطة غير الشرعية، وذلك بسبب التدخلات السياسية المشبوهة التي تعمل وراء الكواليس.

تنتشر هذه المكاتب غير الشرعية خصوصاً في الأحياء الشعبية، حيث تتخذ واجهات مظاهر أخرى لإخفاء هويتها الحقيقية وتجنب الشبهات. وعادةً ما تتنكر في صورة مقاهٍ لبيع القهوة والسجائر، أو صالات صغيرة للألعاب الالكترونية أو البلياردو.

ومن هذا المنطلق، اجتمعت لجنة تكنولوجيا المعلومات النيابية لطرح هذا الموضوع والبحث عن حله والعمل على ضبط المخالفات بصورة أكثر وضوحاً. عدد من النواب كانوا حاضرين بينهم رئيس اللجنة النائب طوني فرنجية الذي قال: “ان المراهنات غير الشرعية التي تتم عبر الانترنت تشكل نوعاً خطيراً من الادمان الذي يغزو مجتمعنا اللبناني، وقد يكون أشد وطأة على شبابنا من إدمان المخدرات والكحول وغيرهما”.

أضاف: “لذلك، نرفع الصوت اليوم عالياً، مؤكدين أننا لا نوافق على هذه المراهنات، وسنعمل على ضبطها. ولجنة تكنولوجيا المعلومات سترفع توصية تهدف إلى توقيف انتشار هذه الظاهرة في شتى المناطق وعلى مختلف أنواع التطبيقات الالكترونية. هذا الانتشار يشكل خطراً، فلا بد من ضبطه حتى لو كان ذلك عن طريق كازينو لبنان”.

ودعا النائب فرنجية الأجهزة الأمنية والقضائية وكازينو لبنان إلى إتخاذ أشد العقوبات الممكنة، بحق مخالفي الضوابط الحالية التي تفرضها القوانين المرعية الإجراء، مشيراً الى “أننا سنتقدم بطلب تعديل القوانين المشار إليها لجعلها أكثر وضوحاً ما يؤدي إلى تفادي أي استنسابية قضائية قد تحصل في المستقبل”.

الحاج: مجموعة تسيطر على 90% من السوق

عضو لجنة تكنولوجيا المعلومات النائب رازي الحاج أوضح لموقع ”لبنان الكبير” أن “الأمر يتضمن جوانب متعددة. من الناحية الاجتماعية، يُعَدّ هذا الأمر خطيراً جداً، وخصوصاً بين الشباب، وكثيراً ما يكونون دون سن الرشد. وبالتالي، فإن هذا الأمر يحتاج إلى ضوابط صارمة وقوانين تنظيمية، ومن الواضح أن لجنة تكنولوجيا المعلومات، من خلال المناقشات، قد أكدت حاجة ملحة الى قانون تنظيمي لهذا الأمر، بالضافة إلى تعديل بعض المواد الأخرى، ولا سيما تلك التي تتعلق بتشديد العقوبات، هذا من جانب واحد. أما من جانب آخر، فإن دخول كازينو لبنان إلى سوق الترخيص، يفترض أن يتم بعد تنظيمه قانونياً، ويكون لكازينو لبنان الحق الشرعي الوحيد في هذا الموضوع، ومن جهة ثانية هذا يساعد الدولة في الربح لأن من المعروف أنها تمتلك حصة كبيرة فيه تتجاوز النصف”.

أضاف الحاج: ”أما في ما يتعلق بالسوق غير الشرعية، فمن الواضح أن هناك مجموعة تتكون من أربعة إلى خمسة أشخاص تسيطر على حوالي 90% من هذا السوق. شخصياً، طلبت تسمية هؤلاء الأشخاص، لأنه في النهاية لا يمكن أن نستمر في سياسة التعميم والقول ما منعرف، ثم نطبق القانون على الزيح، بحيث في غياب قوانين رادعة لا يمكن تحقيق نتائج، ويُعَرَّف القمار عبر الانترنت عموماً بأنه يحتوي على العديد من أشكال الاحتيال والغش. وبالطبع، يبقى قانون العقوبات يحتوي على أحكام جزائية يمكن أن تشمل هؤلاء الأشخاص إذا لم يتم تحديد الموضوع المتعلق بألعاب القمار بصورة مباشرة. وبالتالي، طلبنا من القوى الأمنية، وكذلك رئيس لجنة تقصي الحقائق، تحقيقاً لمعرفة هؤلاء الأشخاص وتقديمهم الى القضاء بعد توافر المعلومات المطلوبة. فالقمار غير الشرعي عبر الانترنت غير مقبول تماماً، فهو يشكل وسيلة سهلة لاختراق الشباب عموماً، وتحديداً القاصرون، هذه المواقع من دون وجود شروط واضحة”.

وشدد الحاج على وجوب “أن يتوقف هذا القطاع غير الشرعي تماماً، ونحن نعمل كل ما بوسعنا للوصول إلى ذلك”.

خوري: الحماية من شخصيات سياسية وأمنية

رئيس مجلس ادارة كازينو لبنان رولان خوري الذي كان أيضاً موجوداً في اجتماع لجنة التكنولوجيا المعلومات، تساءل في حديث لموقع ”لبنان الكبير”: “لماذا هذا الموضوع السائد منذ 15 عاماً، لم يُثر اهتماماً سوى حينما تدخل كازينو لبنان لتنظيمه؟”، لافتاً الى أن “هذا الموضوع يتم تشغيله اليوم بسبب وجود شخصيات سياسية وبعض الضباط الذين يستفيدون من هذه السوق وعندما الأمور طالت مصالحهم الشخصية أثار هذا الموضوع ضجة في وسائل الاعلام”.

وقال خوري: “في كازينو لبنان، لا يُسمح لأي شخص باللعب في الموقع الالكتروني تحت سن 21 عاماً وتقديم الهوية الشخصية. حتى إذا طلبت أي جهة من عائلته إيقافه عن اللعب، فإننا نقوم بإيقافه فوراً. أما في المحال غير القانونية الأخرى، فيُسمح للجميع باللعب ولا يُعرف ما إذا كان اللاعب قاصراً أم لا يعني فوضى حقيقية”.

وأكد خوري أن “الأشخاص الذين يحمون هذه المحال ويسمحون لها بالتواصل هم مجموعة من السياسيين والأحزاب، وحتى بعض الشخصيات الأمنية، فعندما يتم توقيف أحدهم، يفرج عنه بعد وقت قصير عقب توقيع تعهد، ويستمر في ممارسة نشاطه من دون أي عوائق، وقد يتوسع نطاقه أيضاً”.

وأشار الى أن “لجنة تكنولوجيا المعلومات كانت جيدة جداً، بحيث يعترف الجميع بأن كازينو لبنان لديه الحق في تنظيم ألعاب الميسر عبر الأنترنت. نحن نعمل حالياً على وضع قوانين جديدة تنظم هذا الموضوع، وقدم النائب ميشال موسى اقتراح قانون ونحن ندرسه حالياً لإبداء آرائنا فيه، لأننا بحاجة إلى تنظيم هذا الموضوع قبل المراهنات، ونرغب في حماية المجتمع. ولا يمكننا أن نحمي المجتمع من دون وضع قوانين صارمة لهذه المحال وإيقافها، ففعلياً هناك ثلاثة أو أربعة منهم في البلد إذا تم ايقافها، فسيتوقف هذا النشاط بالتأكيد”.

أضاف: “هناك إشارة مفتوحة من المدعي العام، وهي أقوى من مجرد دعوى، فعندما نبلغ الأجهزة الأمنية، عليها التحرك بسرعة لتوقيفهم. وبالطبع، هناك استجابة من القوى الأمنية، ولكن كما ذكرت سابقاً، يتم الافراج عنهم بعد وقت قصير بسبب الدعم السياسي والأمني الذي يقف وراءهم”.

شارك المقال