العيد في البقاع… غاب عنه الفرح

راما الجراح

تضج القرى البقاعية بتحضيرات عيد الفطر في الليلة الأخيرة من رمضان، تكتظ شوارعها ليلاً حتى طلوع الشمس بالسيارات، وتمتلئ أسواقها الشعبية بالناس، وتحت أنوار الفوانيس الرمضانية، يتسابق أهل البقاع إلى محال الملابس والحلويات لشراء مستلزمات العيد، ولكن كما الحملات الرمضانية والتبرعات، غابت “العيدية” عن بيوت المساكين والفقراء في قرى البقاع وبلداته والذين تخطت نسبتهم الـ ٦٥ بالمئة. الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية الصعبة حرمت الأطفال من لباس العيد وهداياه، أهالي غير قادرين على إدخال الفرح إلى منازلهم بسبب الغلاء الفاحش، واكتفت عائلات كثيرة بتحضير حلوى العيد في المنزل بصورة متواضعة وبالامكانات المتوافرة.

وجاء التعميم الشامل على البلديات بعدم تجول السوريين بسبب التوترات الأمنية الأخيرة، وتخوف الناس من أي حدث أمني مفاجئ ليخلي الطرق حتى اقتصرت الزحمة على مداخل “كاسكادا مول” في تعنايل وملاهي منطقة جب جنين، فكانت أجواء عيد الفطر في قرى وبلدات البقاع تفتقد كل مقومات الفرح.

في “كاسكادا مول” سأل “لبنان الكبير” أماً لطفلتين عن استقبالهن للعيد وهي زوجة موظف حارس أمن لا يتجاوز راتبه الـ ١٠٠ دولار، فأجابت: “جئنا للتنزه في المول ورؤية أجواء العيد من دون دخول أي مطعم أو كافيه، واستطعت تأمين ملابس جديدة لبناتي من سوق البالة بحسب إمكاناتنا لأننا افتقدنا مبادرات الجمعيات هذا العام ولم تصلنا أي مساعدة”.

هذه الأم، واحدة من مئات الأسر التي كانت تعتمد على المساعدات المالية لتوفير مستلزمات العيد وحرمت منها هذا العام بسبب الأحوال المعيشية التي أصبحت تشكل ضغطاً نفسياً واجتماعياً حتى بات العيد يمرّ عادياً، ولم يعد سوى محطة لترسيخ قيم الخير والمحبة، وتجديد الإيمان، والترحّم على الموتى، واستعادة شريط الذكريات الجميلة.

يشكو شريف من البقاع الأوسط حال القهر التي يعيشها مع زوجته وأولاده الستة، ويقول: “الوضع شحار وتعتير، وبالكاد نؤمن لقمة العيش، لم أستطع شراء ثياب العيد سوى لابنتي الصغرى، وأساساً لا أملك سوى بسطة صغيرة لبيع البسكويت”.

ويشير أحمد وهو طالب جامعي يعيل أسرته الى أن “الأوضاع الاقتصادية تفاقمت بشدة هذا العام أكثر من أي عام مضى، صحيح أن الاسعار لم تتغير نوعاً ماً ولكن تراجعت القدرة الشرائية عند الناس ما انعكس على تجهيز حاجاتنا وأساسيات العيد من ملابس وحلوى، فاخترنا نوعاً آخر من الحلوى بسعر مقبول، ولم نحرم أنفسنا من زي جديد للعيد، وحاولنا قدر المستطاع اختيار وتنسيق لباس من البالة وعن طريق الحسومات في المحال التجارية الشعبية”.

شارك المقال