بعد مقتل باسكال… سوريّون يلجؤون إلى الشواطئ الشمالية ومهرّبون يمكرون بهم!

إسراء ديب
إسراء ديب

لا يُمكن الفصل بين قضية الهجرة غير الشرعية التي ارتفعت نسبتها في الأيّام الأخيرة، ومقتل المسؤول في “القوات اللبنانية” باسكال سليمان، وما أثارته هذه القضية من ردود فعل لا تزال تتواصل تداعياتها سياسياً، أمنياً وإنسانياً، في وقت يغيب فيه الرادع القانوني الذي يحدّ من تطوّرات قد تُحدثها بعدما أشعلت نزاعاً بين بعض اللبنانيين والسوريين، الذين اندفعوا خوفاً إلى شواطئ لبنان الشمالية، لتجنّب شرارة الغضب النّاتجة عن إهمال الرسميين لكيفية تنظيم اللجوء السوري إلى لبنان من جهة، وللحدّ من الهجرة غير الشرعية التي تُذكّر بقارب الموت الذي انطلق من طرابلس “وأُغرق على بُعد 20 متراً من حاجز الجيش، في جريمة مرّوعة وقعت في 23 نيسان 2022″، من جهة أخرى.

وفق معطيات “لبنان الكبير”، انطلقت منذ ساعات، ثمانية مراكب تحمل على متنها العشرات من اللاجئين الذين قرّروا الهروب إلى قبرص خوفاً من احتمال ملاحقتهم بعد قضية سليمان، وعقب إجراءات رسمية اتُخذت بحقّهم، فبقي (حتّى الآن) خمسة منها في مياه قبرص، حيث اعترضها خفر السواحل وأصرّ على إبقائها في المياه، فيما عادت إلى لبنان ثلاثة مراكب (أحدها لم يخرج من المياه الاقليمية، و2 سحبهما الجيش).

وتُشير المعطيات إلى أنّ المراكب لم تخرج من شواطئ المنية فحسب (وفق ما يُتداول)، بل منها ما خرج من العبودية- عكار، وأخرى من الميناء، لافتة إلى أنّ معظم الرحلات حصل في وضح النهار.

ويقول مصدر متابع لـ “لبنان الكبير”: “إنّ أحد المراكب لم يخرج من المياه الاقليمية اللبنانية، وانتشرت مقاطعه المصوّرة عبر مواقع التواصل، لتُثبت عودة اللاجئين سباحة إلى اليابسة، وقيل انّهم تعرّضوا لخدعة من المهرّبين، وهذا ما حدث، إذْ تركهم المهرّب قبل وصولهم إلى المياه الاقليمية وغدر بهم فضاعوا في المياه وعادوا إلى الشاطئ”.

ويتحدّث المصدر عن عصابة لبنانية- سورية تعمل منذ أعوام على تهريب النّاس عبر البحر بتغطية أمنية، مضيفاً: “لا يمرّ يوم في لبنان وتحديداً عند شواطئه الشمالية، إلّا ويهرب العشرات، وذلك بمساعدة الأجهزة الأمنية، وبتنفيذ عصابات، احداها في سوريا (يُقال في طرطوس)، وثانيها في لبنان، وقد تتواصل الأولى مع الثانية الموجودة من عكّار وتمتدّ الى الساحل الشمالي والمؤلّفة من اللبنانيين والسوريين، للمتاجرة بالسوريين وهمومهم، ونستذكر المركب الذي جاء ركّابه من سوريا إلى لبنان بعد تنسيق بين العصابات للهروب، ولم يظهروا حتّى اللحظة”.

ويُؤكّد شقيق أحد الناجين لـ “لبنان الكبير” أنّ ثلاثة مراكب عادت إلى لبنان وعلى متن كلّ منها ما يُقارب الـ 38 شخصاً، ويقول: “أخي كان موجوداً في المركب الثاني الذي أعاده الجيش إلى مرفأ طرابلس، واتصل بي عبر الهاتف ليُؤكّد قرب وصوله إلى المدينة، لكنّه تأخر قليلاً وانقطع اتصالنا معه، وللأسف قبيل وصولهم، علمنا أنّ المياه كانت تدخل الى القارب، وأنّهم لم يأكلوا ويشربوا منذ يوم الاثنين الذي خرجوا فيه من شواطئ المنية إلى قبرص هرباً من محاولات الاعتداء عليهم، خصوصاً وأنّ شقيقي يعيش في غدير- جونية، وتعرّض في اليوم الذي قُتل فيه سليمان (مع كلّ من ابن عمّي وصهري) للضرب من حراس غدير، الذين أنزلوهم من السيّارة، فضربوا أخي على رأسه وأسنانه، مع أنّ أوراقه شرعية ويعيش في لبنان منذ العام 2013″.

الناجي المطلوب لخدمة العلم في سوريا، كان يعيش في ريف إدلب المناهضة للنّظام، وكذلك شقيقه الذي انشقّ عن الجيش السوري عام 2014 ليهرب إلى لبنان، لكن بعد الأزمة الأخيرة، قرّر الخروج الساعة العاشرة صباحاً من جونية بفان نقلهم إلى المنية، ومنها إلى منزل المهرّب حيث دفعوا له 2650 دولاراً، ثمّ إلى البحر عند الساعة الخامسة مساءً”.

وعند السابعة مساءً، “أعلمنا شقيقي أنّهم وصلوا إلى المياه الاقليمية، لكن أوقفهم خفر السواحل وانقطع الاتصال معهم، لنعلم منذ ساعات أنّهم عادوا إلى المياه الاقليمية اللبنانية”، ليختم قائلاً: “السوري يحترق ويستغيث ويفرضون عليه الترحيل كما يُطالبونني منذ 3 أعوام، وحين أقول لهم انّني معرّض للخطر يُكذّبونني”.

إلى ذلك، يُتابع المحامي محمّد صبلوح هذه القضية، معتبراً أنّ ما يحدث مع السوريين هو “متاجرة” بكلّ ما للكلمة من معنى. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “بعد قضية باسكال، يتعرّض السوري لانتهاكات حتّى من منزله، فالعنصرية لدى البعض باتت قاسية بغطاء الدّولة”.

وإذْ يُحمّل مسؤولية هذه الأحداث لوزير الدّاخلية بسام مولوي أمنياً، ولكلّ من لبنان وقبرص إنسانياً، يُذكّر بملف السوري علي وليد عبد الباقي الذي توفي إثر تعرّضه لتعذيب شديد بين 5 و8 نيسان في بيروت، وامتنعت المستشفيات عن استقباله، وفق شقيقه، مشدّداً على أنّ قبرص كانت تواصلت في هذا الشأن مع لبنان، الذي ردّ عليها بأنّ المهاجرين سوريون، ومع تأكيد قبرص أنّهم خرجوا من لبنان، وفي ظلّ إهمال الدّولة لهذا الملف، فإنّ القرار اتُخذ بعد زيارة الرئيس القبرصيّ الى لبنان، ويقضي بأنّ أيّ لاجئ يصل إليهم، سيبقى في المياه، ما يُعرّضه للخطر”.

شارك المقال