” لبنان الكبير” يسأل نجار ورزق عن “حرب البيانات”

هيام طوق
هيام طوق

بعدما هدأت حرب البيانات على جبهة بيت الوسط – بعبدا – ميرنا الشالوحي، اشتعلت في اليومين الماضيين على جبهة بعبدا- عين التينة إثر البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري الذي اعتبر أن الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف التشكيل لا أفق له، إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص في المادة 53 من الدستور، وكان رداً على كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن مبادرته تحظى بموافقة عربية ودولية، وبأنه يتمسك بالرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة. ورداً على بيان بعبدا، صدر عن رئاسة المجلس النيابي تصريح لفت إلى أن ” تكليف رئيس حكومة خارج عن إرادة رئيس الجمهورية، بل هو ناشئ عن قرار النواب أي السلطة التشريعية” وبالتالي من حق الرئيس بري محاولة مساعدة الرئيس المكلف بناءً لطلب منه في أية مبادرة قد يتوصل إليها حسب التصريح.
وحول ما يجري من حرب بيانات حيث إن كل طرف يتمترس خلف الدستور لتبرير موقفه، استطلع موقع “لبنان الكبير” رأي كل من وزير العدل السابق إبراهيم نجاروالوزير السابق إدمون رزق، فاعتبرا أن هناك خلطاً أومزجا بين ما هو قانوني وما هو سياسي محض، لأن المحاولات الرامية إلى ترطيب الأجواء وتسهيل مهمة التأليف والسعي إلى الوفاق، لا تحتاج لنصوص وفقرات من الدستور، مؤكدين أن من يؤلف الحكومة هو الرئيس المكلف، ودور رئيس الجمهورية في التشكيل هو منذ اتفاق الطائف أن يطلع على مسودة التأليف وأن يعدل فيها بالاتفاق مع الرئيس المكلف من دون أن يصبح هو من يؤلف الحكومة.
ورأى الوزيران السابقان أن هناك جنوحاً نحو إعادة قلب الموازين وإعادة صياغة قواعد جديدة، لأن رئيس الجمهورية لا يمكن أن يفرض شيئاً فرضاً بل عليه أن يتمنى كي يأخذ الرئيس المكلف برأيه ولكي يتأمن مع ذلك ما يسمى مقتضيات الوفاق الوطني.

نجار: الرئيس المكلف يؤلف

رأى الوزير نجار أن ” هناك خلطاً ومزجاً بين ما هو قانوني ودستوري من جهة وما هو سياسي محض من جهة ثانية لأن المحاولات الرامية إلى ترطيب الأجواء وتسهيل مهمة التأليف والسعي إلى الوفاق، لا تحتاج لا لنصوص ولا لفقرات من الدستور. أعتقد أن التذرع بمندرجات الدستور في هذا المجال هو في غير مكانه على الإطلاق. هناك لغط كبير في الوقت الحالي حول كيفية التأليف، وهناك من يجنح نحو تفسير مواد في الدستور ليقول مثلاً أن رئيس الجمهورية يشارك في التأليف. هذا موضوع خلافي بامتياز لأن من يؤلف الحكومة هو الرئيس المكلف، ولكن الرئيس المكلف عليه أن يحظى بضوء أخضر من أجل استصدار مراسيم التأليف، لكن هذا لا يعني أن القاعدة تنقلب رأساً على عقب. والتأليف يبقى من صلاحيات رئيس الحكومة، ودور رئيس الجمهورية في التشكيل هو منذ اتفاق الطائف أن يطلع على مسودة التأليف وأن يعدل فيها بالاتفاق مع الرئيس المكلف من دون أن يصبح هو من يؤلف الحكومة”.

ولفت إلى أن “أيا من القياديين غير رئيس الجمهورية لا يستطيع المشاركة في التأليف. القاعدة في التأليف هي أن يقوم الرئيس المكلف هو بالتأليف، لأنه هو الذي سوف يخضع لنيل الثقة من قبل مجلس النواب، ورئيس الجمهورية ليس مسؤولاً أمام مجلس النواب، لكن مقتضيات الوفاق اللبناني تجعل من ضرورة الوقوف على تمنيات رئيس الجمهورية من المعطيات الوفاقية الأساسية، لذلك يجب ألا نغيّب اطلاقاً دور رئيس الجمهورية من دون أن يؤدي ذلك إلى قلب القاعدة رأساً على عقب”، مستذكراً “الرئيس فؤاد السنيورة أو الرئيس الحريري عندما كان يقدم مسودته الحكومية إلى الرئيس ميشال سليمان، وفي اللحظة الأخيرة يتم تذليل بعض الأسماء للوقوف على تمنيات رئيس الجمهورية، غير أن هذا لا يعني أن رئيس الجمهورية هو الذي يؤلف الحكومة إنما هو الذي يعطيها الضوء الأخضر لكي يتم إصدار مراسيمها في الجريدة الرسمية”.

ورأى أن “هناك جنوحاً نحو إعادة قلب الموازين وإعادة صياغة قواعد جديدة. يجب الوقوف على رأي رئيس الجمهورية، لكن رئيس الجمهورية لا يمكن أن يفرض شيئاً فرضاً بل عليه أن يتمنى كي يأخذ الرئيس المكلف برأيه ولكي يتأمن مع ذلك ما يسمى مقتضيات الوفاق الوطني”.

واعتبر نجار أن “السعي إلى الوفاق بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية يفترض نوعاً من مقاربة الحجج والتوفيق بينها في آخر لحظة أو من أجل استصدار المراسيم، وليس لرئيس الجمهورية أن يعطي لائحة بالأسماء ويفرضها فرضاً على الرئيس المكلف. التشكيل يفترض توافقاً، والتوافق يفترض حداً أدنى من الوئام بين الفريقين، وهذا غير متوافر اليوم إذ إنه عندما يسرب حديث يقال فيه إن الرئيس الحريري كذاب لا يمكن أن ننتظر من الرئيس الحريري الخضوع لطلبات رئيس الجمهورية”، مؤكداً أن “ما نراه اليوم في تأليف الحكومة هو فقدان الثقة كلياً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.

رزق: من يتولون الحل باتوا المشكلة

ورأى الوزير السابق إدمون رزق أن “الانصراف إلى الجدل هو مضيعة للوقت وللجهد، ودليل عجز لدى الأفرقاء المفروض أن يقدموا الحل فيما ليس لديهم إلا المزيد من الإشكالات والمشكلات. المسألة هي مسألة أهلية لحمل المسؤولية وهي مفقودة في شتى المواقع… المفروض أن تكون رئاسة الدولة المرجعية والحاضنة وصاحبة الرأي الراجح والحل المناسب والمفروض في من ائتمن على التكليف أن يبادر إلى التأليف ويقدم الصيغة المناسبة… لذلك لم يعد الاصلاح مجدياً، وبات يتحتم التغيير لاستعادة الدولة الميثاقية والحفاظ على وحدة الكيان. الشرذمة المذهبية والطائفية لا علاقة لها بالبعد الوطني الوحدوي والتوحيدي، ما يعني أن من يتولون اليوم الحل باتوا المشكلة، وكل تنظير فيما يجب هو خارج الموضوع لأنه لا يمكن أن تطلب من العوسجي عنباً. العلة في غياب المرجعيات المؤهلة للحل والقادرة عليه”.

واعتبر أن “الإغراق في ابتداع المبادرات، سواء ادعاء القيام بها أو الدعوة اليها، هو خارج مفهوم الممارسة الديمقراطية لأن المطلوب من كل مرجعية أن تقوم بدورها لا أن تحل مكان غيرها. على الرئيس المكلف نتيجة الاستشارات الملزمة أن يقدم التشكيلة التي توصل إليها بعد الاستشارات التي أجراها هو، والمطلوب من رئاسة الجمهورية أن تتعاون وتتجاوب من ضمن مسؤولياتها الدستورية، ثم تمثل الحكومة أمام المجلس النيابي للحصول على الثقة أو عدمها، لذلك فإن الحديث عن مبادرات هو نوع من اللغو خارج الإطار الطبيعي للممارسة الديمقراطية ما يشكل إدانة للطاقم الحاكم والمتحكم، إذ أن لبنان بات بحاجة إلى بديل من هذا الحكم، يكون مؤهلاً لتولي المسؤولية لأن مجرد الاستيلاء على السلطة يشكل أمراً واقعاً لا يمكن أن ينقذ البلد”.

وأشار إلى أنه “يحق لرئيس الجمهورية التدخل في أسماء التشكيلة الوزارية، لكن ضمن إطار المصلحة العامة لأنه هو رئيس الدولة ويقسم على احترام الدستور “.

واعتبر رزق أن “انكفاء المرجعيات المؤهلة وخرق الدستور ونقض اتفاق الطائف أوصل البلد إلى الانهيار ونحن مقبلون على مزيد من الانهيار إذا لم يتغير طاقم الحكم من أعلاه إلى أدناه والإتيان بأشخاص مؤهلين علمياً وأخلاقياً وعقلياً وليس لديهم جشع لالتهام البلد، لتولي المسؤوليات”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً