أهمية زيارة بوتين الخليجية (٢) نفطية واقتصادية أكثر منها عسكرية

زياد سامي عيتاني

شكلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النادرة إلى الامارات والسعودية أهمية خاصة وحيوية لبلاده، إذ تعتبر روسيا أن علاقتها مع السعودية، علاقة خاصة لأنها تشكل ضمانة لاستقرار منظمة أوبك+ وأسواق النفط العالمية، كما ترى من جهة أخرى أبوظبي شريكاً اقتصادياً رئيساً في منطقة الخليج، لكون حجم التبادل التجاري بين البلدين يزيد عن نصف حجم إجمالي التبادل التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي. فالمملكة العربية السعودية هي الشريك الرئيس لروسيا في أوبك+، في حين أصبحت الامارات المركز الدولي الرئيس للشركات الروسية وطريقاً مهماً للتحايل على العقوبات الغربية. لذلك، فإن من بين الملفات الرئيسة خلال القمتين الحرص على تقديم مزيد من الدعم لاتفاق أوبك+ الذي يدفع باتجاه خفض إنتاج النفط، ما يعزز السياسة الروسية الساعية الى تجنب تأثير العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.

وتشير المصادر في هذا الاطار إلى أن مباحثات بوتين مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تركزت على التعاون داخل تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاء آخرين بقيادة السعودية وروسيا. فمنذ تشكيل تحالف أوبك+ في نهاية العام 2016، شهدت العلاقات بين روسيا والسعودية تطوراً نوعياً وتنامياً للثقة، وتبادلاً للزيارات الرسمية بين المسؤولين في البلدين. ويضم تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا، نحو 23 دولة مصدرة للنفط، منها 13 دولة عضواً في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

يذكر أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس بوتين، أكدا في العديد من المناسبات، أهمية التعاون المشترك، وضرورة توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة. كما أدت الشراكة المتجذرة بين البلدين في قدراتهما الهائلة على إنتاج النفط إلى قلب ترتيبات “النفط مقابل الأمن” بين واشنطن والرياض التي استمرت ما يقرب من نصف قرن.

وأشار الكاتب والمحلل السعودي سليمان العقيلي في مقال نشره على حسابه في منصة “إكس” الى أن “من المنطقي أن يدعم بوتين سياسة أوبك+ التي تقودها السعودية، تجاه حالة عدم الاستقرار الراهنة لأسواق البترول، وأن يُظهر بلاده شريكاً يعتمد عليه في المنعطفات الحساسة”. وقال: “من الواضح أن روسيا والصين اللتين وضعتا قدمي تأثير في منطقة الخليج، تستفيدان من تخبطات السياسة الأميركية التي فقدت كثيراً من مصداقيتها في الخليج خصوصاً والشرق الأوسط عموماً، ورغبة دول المنطقة في شراكات دولية واسعة تجنبها تبعات تغيير واشنطن سياساتها الدولية”. إلا أن العقيلي لفت إلى أن المملكة ستستفيد من كل عروض الشراكة الدولية في مختلف المجالات، وبما يخدم مصالحها، لكنها ستعمل جاهدة “على تفادي الوقوع في الاستقطاب السياسي، وتبقي على شعرة معاوية مع واشنطن لا تنقطع، حتى وإن شدّها البيت الأبيض”.

لا شك في أن زيارة بوتين إلى الامارات ومن ثم الرياض مهمة جداً في التوقيت الذي يرتبط بمنطقة الشرق الأوسط والملف الأوكراني وملف الطاقة، فهو أراد من خلال الزيارتين التأكيد أن روسيا دولة كبيرة قادرة على إحداث تغيير وأن تكون شريكة في أحداث المنطقة، فالخليج بالنسبة اليه هو جزء آخر من رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط، أقل أهمية عسكرياً، ولكنه أكثر أهمية نفطياً وإقتصادياً. وهذا ما حذرت منه صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلاً عن محللين بأن روسيا لا تزال قادرة على ممارسة النفوذ وحشد الدعم من الدول المتحالفة إسمياً مع واشنطن!

اقرا ايضاً:

  1. أهمية زيارة بوتين الخليجية (١) تعزيز دور روسيا في المنطقة عبر تبني “حل الدولتين”
  2. أهمية زيارة بوتين الخليجية (٢) نفطية واقتصادية أكثر منها عسكرية
شارك المقال