الفراغ الثالث… (١) هل يكون الجيش بلا قائد؟

زياد سامي عيتاني

بينما تتجه الأنظار إلى التطورات الأمنية بين “حزب الله” وجيش الاحتلال الاسرائيلي، تنشغل الساحة الداخلية اللبنانية بمصير قيادة الجيش مع قرب إنتهاء ولاية قائده العماد جوزيف عون في الربع الأول من كانون الثاني المقبل، وسط خلافات سياسية ودستورية كحال مختلف الاستحقاقات العالقة، وعلى رأسها الشغور في سدة رئاسة الجمهورية. ومع إستمرار الشغور مخيّماً على المركزين المارونيين الأولين، رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان، بدأ العدّ العكسي لوصول الفراغ إلى الموقع الماروني الثالث في قيادة الجيش، في ظل عدم الاتفاق على إسم جديد، وفي غياب رئيس للأركان، يتولى بصورة مؤقتة المنصب، بعد تقاعد رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم (الموقع للطائفة الدرزية) قبل ستة أشهر من دون تعيين بديل منه، وهو الأمر المنوط بوزير الدفاع موريس سليم، الذي يعارض قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيينات، إلتزاماً بموقف “التيار الوطني الحر”.

إزاء ذلك، يتعذر تعيين قائد جيش جديد بسبب الشغور الرئاسي، كما تنقسم الأطراف السياسية بين مؤيد للتمديد مشروطاً بجملة توافقات حول التعيينات العسكرية، وبين رافض له مع المطالبة بتعيين رئيس أركان بالإنابة. ويعد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أبرز الرافضين للتمديد لعون، ولقطع الطريق أمام حظوظه الرئاسية، بحسب مراقبين. لذلك، فإن هناك مخاوف جدية من إمكان حدوث فراغ في قيادة الجيش، خصوصاً وأن “التيار الوطني الحر” يستغل المخاوف القائمة من أجل الاستثمار السياسي وتحقيق مكاسب سلطوية في ما يتعلق بالتعيينات بحيث يسعى الى فرض ضباط محسوبين عليه في عدد من الشغورات الأمنية والعسكرية.

وتشدد الأوساط على أن التحدي الأخطر هو أن باسيل يحاول من خلال وزير الدفاع موريس سليم إحتكار القرار الحكومي، مستغلاً الصلاحيات التي بحوزته في ما يتعلق بتسمية قائد جديد للجيش، علماً أن لا أحد من الفرقاء يسعى إلى تجاوز صلاحيات وزير الدفاع، ولكن يطالبونه بأن يعي أنه يجب عليه التقيد بالنهج الحكومي، وإعلاء المصلحة العامة، وليس مصلحة تياره السياسي. فبحسب قانون الدفاع الوطني الصادر سنة 1983، يتم تعيين قائد الجيش من بين الضباط العامين المجازين في الأركان بمرسوم مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير الدفاع الوطني. ويحمل قائد الجيش رتبة عماد ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع الوطني.

لم يعد يخفى على أحد أن موقف جبران باسيل مثير للريبة لجهة تعاطيه “النرجسي” مع الشغور على رأس المؤسسة العسكرية ارتياباً، إذ إن انعكاسات الفراغ في هذا المنصب أخطر من غيره فهي تتصل بالوضع الأمني، خصوصاً في هذه المرحلة التي لا يمكن التنبؤ متى يمكن أن يشتعل فتيل تفجير المنطقة بأسرها في حال توسعت الحرب المفتوحة على قطاع غزة. فالجيش صاحب رمزية عليا، وشريك في القرار الدولي 1701 وعلى تنسيق دائم مع قوات حفظ السلام “اليونيفيل” على الحدود الجنوبية، منعاً لتفلت الأمور وخروجها عن قواعد الاشتباك.

أمام تعنت باسيل وإفتقاده الحس الوطني، يترقب المتابعون موقف “حزب الله” المتأرجح بين خيارين: إما المضي بخيار التمديد بسبب الظروف الأمنية الحرجة، وإما المضي بتوفير الغطاء لحليفه المسيحي جبران باسيل وعدم توفير نصاب الثلثين للحكومة بغية إقرار التمديد، وعندها يصبح الجيش بلا قائد!

اقرا ايضاً:

  1. الفراغ الثالث… (١) هل يكون الجيش بلا قائد؟
  2. الفراغ الثالث… (٢) هل يتسبب باسيل بشغور موقع قائد الجيش؟
شارك المقال