جبهة الجنوب (٢)… القرار 1701 بين تجنب الحرب وإندلاعها

زياد سامي عيتاني

“إن تنفيذ القرار الدولي 1701 بإبعاد مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني هو السبيل الوحيد لمنع نشوب حرب مع لبنان”، هذا ما أكده وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا في تل أبيب، قبل أن تنتقل إلى لبنان. وجاء هذا الموقف في ظل تواصل مساعٍ دولية تقودها واشنطن مدعومة بحراك فرنسي لافت لمنع تمدد الحرب من قطاع غزة نحو لبنان، عبر تطبيق القرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس الأمن في آب 2006 عقب عدوان إسرائيل على لبنان، والهدف من ذلك إبعاد البنية العسكرية لـ “حزب الله” عن الجنوب. وبات أغلب الظن أن ما يشهده لبنان الآن هو أقرب إلى مرحلة تحضيرية وإستباقية منه إلى الشروع في تنفيذ بنود القرار بكل حذافيره.

يتزامن هذا الحراك الديبلوماسي مع تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، بحيث إتهمت صحيفة “معاريف” الحزب بتصعيد هجماته، مؤكدة “أن مقاتليه وسّعوا إستخدام صواريخ بركان القادرة على حمل ما يصل إلى نصف طن من المتفجرات، وأرسلوا المزيد والمزيد من الطائرات من دون طيار المحملة بالمتفجرات نحو إسرائيل، كما أطلقوا عشرات الصواريخ وقذائف الهاون على البؤر الاستيطانية والمستوطنات على خط الحدود وفي الجليل الغربي”.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، ناقشت وزيرة الخارجية الفرنسية مع كبار المسؤولين اللبنانيين، طرح تطبيق القرار 1701، لإقامة منطقة عازلة خالية من السلاح بين الحدود وجنوب نهر الليطاني التي تنشط فيها راهناً فرقة “الرضوان” العسكرية لـ “حزب الله”، عبر تطبيق البند الثامن من هذا القرار الذي ينص على إخلاء كامل للمنطقة من الأسلحة والمسلحين باستثناء الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”. وتأتي زيارة الوزيرة كولونا الثانية الى بيروت، بعد زيارة وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، ومدير المخابرات الخارجية برنار إيمييه، إضافة إلى زيارة وفد مشترك من الخارجية والدفاع الفرنسية، وجميعها للبحث في آلية تنفيذ القرار 1701.

يذكر في هذا السياق أن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، كشف في مطلع كانون الأول الجاري، أن إسرائيل ترسل الى لبنان مع أطراف أوروبية، دعوات لتطبيق القرار 1701، “بينما سجلت منذ 2006، أكثر من 30 ألف خرق له، براً وبحراً وجواً”. وتكشف مصادر معنية أن الطرفين البارزين اللذين يقودان مساعي تطبيق القرار 1701 بالصيغة المطروحة، هما واشنطن عبر مستشار الرئيس الأميركي لأمن الطاقة آموس هوكشتاين الذي زار بيروت الشهر الفائت، وهو وسيط اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ويعتبر اندلاع الحرب في لبنان تهديداً لهذه الاتفاقية ومستقبل مصافي النفط والتنقيب عن الغاز. أما الطرف الثاني، فهو فرنسا التي تسعى مجدداً الى تكريس دورها في لبنان بعد عامين من الفشل ولحفظ أمن إسرائيل أيضاً. ويخشى الطرفان الأميركي والفرنسي تداعيات تمدد الحرب الى لبنان لأنها ستفجر المنطقة، لذلك يعملان بمنطق إستباقي، تجنباً للسيناريو الأسوأ. ويؤكد المراقبون أن طرح القرار 1701 بصيغة انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني، مرده ضغوط داخل إسرائيل بعد تهجير أكثر من 90 ألف مستوطن شمال إسرائيل. ولأن الديبلوماسية الأميركية والفرنسية تدرك مسبقاً إستحالة موافقة “حزب الله” على تطبيق القرار الأممي في الوقت الحاضر في ظل حرب الابادة المفتوحة على غزة، لأنه يصب في مصلحة إسرائيل، لجهة طمأنتها بعدم إندلاع حرب شاملة على حدودها الشمالية، فإن الإتصالات تتركز على النقطتين التاليتين:

  • عدم فتح ملف خروج عناصر “الرضوان” من جنوب الليطاني، لعلمهم المسبق أنهم من أبناء القرى الحدودية.
  • السعي الى إخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة لـ “حزب الله” التي بحوزته.
  • تسيير دوريات للجيش اللبناني ومن الكتيبة الفرنسية في “اليونيفيل” من الجانب اللبناني لضمان تنفيذ الاتفاق، ولضمان عدم وجود أي نشاط مسلح لـ “حزب الله” أو الفصائل الفلسطينية.
  • تسيير دوريات مشتركة بين الجيش الاسرائيلي والقوات الأميركية من الجانب الحدودي لفلسطين المحتلة.

إزاء هذه الطروح، هل من مصلحة “حزب الله” الانفتاح عليها جيداً، وهو الذي يؤكد مواصلته حرب الإسناد وإشغال إسرائيل بجبهتها الشمالية، في وقت يعتبر فيه وزير الخارجية الاسرائيلي “أن المسألة مع حزب الله يمكن حلها ديبلوماسياً أو بالعمل العسكري”، مشيراً إلى أن بإمكان فرنسا أداء دور إيجابي ومهم لمنع حرب في لبنان؟

إقرا أيضاً:

  1. جبهة الجنوب (١)… تزايد إحتمالات الحرب الشاملة
  2. جبهة الجنوب (٢)… القرار 1701 بين تجنب الحرب وإندلاعها
  3. جبهة الجنوب (٣)… “الحزب” غير معني بالـ 1701 قبل إنقضاء حرب غزة
شارك المقال