ما بعد إغتيال العاروري (٣)… خشية أميركية من بدء نتنياهو حرباً على لبنان لانقاذ نفسه سياسياً

زياد سامي عيتاني

يبدي المسؤولون الأميركيون قلقهم من أن يرى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن القتال الموسع في لبنان هو مفتاح بقائه السياسي، وسط إنتقادات داخلية لفشل حكومته في منع هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، والذي أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 1200 شخص واحتجاز حوالي 240 رهينة نقلت إلى غزة، إضافة إلى الفشل الذريع في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها في أعقاب العملية. وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إلى قلق مسؤولين في إدارة جو بايدن من شن إسرائيل حملة عسكرية واسعة على “حزب الله” في لبنان، بهدف إستقرار وضعه الداخلي وإنقاذ مسيرته السياسية.

وفي محادثات خاصة، حذرت الادارة الأميركية إسرائيل من أي تصعيد كبير في لبنان، في ظل ما أشار إليه تقرير جديد صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) إلى أن الجيش الاسرائيلي سيكون من الصعب عليه أن ينجح في ذلك، لأن أصوله وموارده العسكرية ستكون منتشرة بصورة ضئيلة للغاية نظراً الى الصراع في غزة. وكان مسؤولون أميركيون قد كشفوا، أن المسؤولين الاسرائيليين ناقشوا منذ عملية تشرين، شن هجوم وقائي على “حزب الله”. وقد واجه هذا الاحتمال معارضة أميركية مستمرة بسبب إحتمالية جر إيران، وهو احتمال قد يجبر الولايات المتحدة على الرد عسكرياً نيابة عن إسرائيل.

في هذا الاطار، يوضح كلايف جونز مدير معهد دراسات الشرق الأوسط والاسلامية في جامعة دورهام، أن “إسرائيل إذا لم تشن حتى الساعة هجوماً برياً على مواقع حزب الله في لبنان، فهذا بفعل الضغوط الكبيرة التي يمارسها الحليف الأميركي”. غير أن المخاوف الأميركية من نشوب حرب شاملة على الحدود اللبنانية والاسرائيلية عادت إلى الواجهة بعد إغتيال القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري بغارة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما دفع “حزب الله” الى الرد برشقات صاروخية إستهدفت قاعدة ميرون ذات الأهمية الاستراتيجية المخابراتية الاسرائيلية.

يتزامن هذا التصعيد مع تصريحات قادة إسرائيليين بضرورة إبعاد “حزب الله” عن الحدود اللبنانية، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، مشددين على أن ذلك إذا لم يتحقق بالوسائل الديبلوماسية، فإن التدخل العسكري سيكون وارداً. لذلك، فإن الولايات المتحدة قامت بإرسال مبعوثين بارزين، بينهم المبعوث الخاص كبير المستشارين في البيت الأبيض، آموس هوكشتاين ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل بهدف منع إندلاع حرب شاملة بين الطرفين. وسيناقش بلينكن في تل أبيب التي وصلها الاثنين، خطوات محددة “لتجنب التصعيد”، حسبما قال المتحدث باسمه مات ميلر قبل ركوب الطائرة المتوجهة إلى الشرق الأوسط، إذ نقلت “واشنطن بوست” عنه قوله: “ليس من مصلحة أحد، لا إسرائيل، ولا المنطقة، ولا العالم أن ينتشر هذا الصراع إلى ما هو أبعد من غزة. فالقوى الدولية الكبرى التي لديها مصالح في المنطقة، الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، لا تريد أن ترى أزمة إقليمية جديدة تندلع”. لهذا، فإن السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن يدع “حزب الله” وإسرائيل الباب مفتوحاً أمام المفاوضات لأطول فترة ممكنة، خصوصاً وأن الدولة العبرية تريد أن تثبت لحليفتها الولايات المتحدة، بأن الحرب المفتوحة المحتملة لن تندلع سوى كملاذ أخير.

وسط هذه الظروف، سيواصل “حزب الله” والجيش الاسرائيلي حربهما منخفضة الحدة مع الاكتفاء بعمليات القصف والغارات الجوية. أما في حال غامر رئيس الحكومة الاسرائيلية بتجاوز الخطوط الحمر، فإن خطر إندلاع حرب موسعة لن يكون مستبعداً.

إقرأ ايضاً:

  1. ما بعد اغتيال العاروري (١)… غموض موقف نصر الله يربك الداخل الاسرائيلي
  2. ما بعد اغتيال العاروري (٢)… انسحاب حاملة الطائرات “فورد” لمنع توسع الحرب
  3. ما بعد إغتيال العاروري (٣)… خشية أميركية من بدء نتنياهو حرباً على لبنان لانقاذ نفسه سياسياً
  4. ما بعد إغتيال العاروري (٤)… الانتقال إلى التصفيات لتجاوز المأزق العسكري
شارك المقال